عرض مشاركة واحدة
قديم 21/03/2009   #51
صبيّة و ست الصبايا saba n
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ saba n
saba n is offline
 
نورنا ب:
Mar 2008
المطرح:
عالم الرؤى
مشاركات:
597

إرسال خطاب Yahoo إلى saba n
افتراضي وكتب عن ذاك التكريم فاروق صبري في موقع ادب وفن


ممتع ومهيب التحدث عن المسرح في العراق فإلى أي مدى ترتقي المتعة وتنجلي الهيبة ونحن نتوقف في حضرة مبدع خلّاق من مبدعي هذا المسرح ، مع قاسم محمد .
حقاً ليس من السهل قراءة حياة وتجربة الفنان المسرحي العراقي قاسم محمد ، أو التوقف عند شخصيته الزاهية بالابداع والمعرفة، فطوال أيام حاولت اعادة البحث عن هذه الشخصية المتعددة المواهب والصفات في ذاكرتي، فهي كانت تفتح شاشتها لي في أوقات مختلفة بمن فيها تلك الساعات التي أوصل فيها بسيارتي أقراص ( بيتزا) إلى بيوت طالبيها وكم مرّة عبرت وتجاوزت عنوان بيت ما وقفلت راجعا اليه معتذرا من الزبون عن التأخير!!!!
*كانت شاشة ذاكرتي تنبض بالصور ، صور يصعب عدّها لكنها دوما تنفلت من تلك الشاشة وتخلع جلباب الماضي لتتعايش _أتعايش معها_ مع تفصيلات الحياة اليومية- وخاصة تلك تولد وتتوالى في يوميات المسرح - ولتجعل منها حيوية ورقراقة ، صاخبة ومغايرة :
أراك الأن ، اللحظة وأنت تعلمنا أوليات لغة الجسد ، كيف نعيد الفعل اليه ، نحركه ، نزيل الصدأ عنه، نتشله من لحظة الجمود والسجود إلى أفق الفعل والتأثير والتأثر.
نعم الجسد يلمِّح، ينطق، يروي، يشخِّص.
وتارة يرافق ، يعانق ، يقاطع ، يعاكس الكلام ومرات ينأى عنه بعيداً في فنتازيا الصورة البصرية.
*لم أر، أتخيل، أتوقع، قاسم محمد هادئاً، قابعاً في ركن، زاوية، جالساً على كرسي، متمدداً فوق سرير فان جلس على الأول فيحوّله إلى أرجوحة تحوم حولها الفراشات وأيضاً تحاصرها العقبان، وان تمدد على الثاني فيجعلها عاصفة وجد ومساحة فعل يتجاوز المالوف والمهترئ .
*إذا كان بدر شاكر السيّاب منقذ القصيدة من صحرائها ومبدع نبضها وتجددها فإن قاسم محمد مؤسس الحداثة والمشاكسة المسرحية، هو لا غيره قد أنهض المسرح في سبعينيات القرن الماضي العراقي من ركوده ومألوفيته، ليفتح الافق أمامه سبلا متباينة كفضاء بصري ممتع ومعرفي متوهج بالمعرفة وذائقتها الشعبية ومتعمق في لحظتها الراهنة، ومستقرأ لإرثها التاريخي ومستنطق لحلمها القادم.
حداثة أو مشاكسة قاسم محمد بدأت، بل تأسست مع نص الروائي الخالد غائب طعمة فرمان ، " النخلة والجيران" فهو اي قاسم محمد صاغ نص فرمان صياغة بصرية وفكرية فيها متعة الرؤيا ولذّة التساؤل.
فهذا النص " الواقعي الاشتراكي" نص " النخلة والجيران" بما يحمله من البعد الجمالي الماركسي يمكن قراءته ومناقشته ونقده، لكن صياغته بصريا وخاصة للمسرح لم تكن مقترحا ابداعياً مألوفاً وأنما بالعكس جاء كتأسيس لطقس مختلف، مغاير بصري وفكري لم يقبل التجاوز على وعي الناس، بل جاورهم وتحاور معهم وتشاكس ركودهم وبنيتهم وطرح تساؤلات عليهم، لذلك اقترب الجمهور، المشاهدون من منجز قاسم محمد القادمة وبل تداخلوا فيه وتواصلوا معه، هنا خلق هذا المبدع المتفرد معادلة سهلة، صعبة هي كيف يبقى الخط ساخنا، متفاعلاً، شاخصاً، مشاكساً بين المتلقي والخشبة، كيف يصاغ فضاءات المسرح بحس وجمال وهم شعبي؟.
هذا التأسيس البصري تصاعد في تألقه ومقترحاته البصرية في التأليف والتمثيل والاخراج والتي تجلت عبر عروضه " بغداد الازل بين الجد والهزل" و"كان يا كان"و"ولاية البعير" و"الضمير المتكم" والكثير ..الكثير من المنجزات لا يمكن نسيانها ولكن لابد من التوقف عندها كونها أجابت بصريا وفكريا على تساؤلات مازالت تنطرح: اين تكمن أزمة المسرح !؟
في النص
في الاخراج
في التمثيل
في الجمهور
في الإنتاج
في الهوية
تجربة قاسم محمد المسرحية ورؤيته الفكرية وانشغالاته في قراءة الوقائع وما مستور عنها، ما مضى وتابواته وفضاءاته المتنوّرة، أن هذه التجربة المتفردة لقاسم محمد المتواصلة عبر خمسين عنفواناً من البحث والمشاكسة والتجدد أزاحت السؤال المتكرر البليد: أين تكمن الأزمة!!!!!!!!!!!!؟
وبل تجاوزتها وطرحت أمامها مقترحات متجددة في الهوية وما هي بعدها البنيوي الفكري بشقيّه، المعنى والمبنى.
في تاسيس طقوس، أمكنة، أزمنة، بيئة، شخصيات عراقية النكهة والوجع والحلم.
في انتاج مسرح فقير في تأسيسه وغني في بصرياته.
في خلق تواصل مع المتلقي وبل التداخل معه وجعله بعداً حيويا من ما يشاهده كونه جزء من سياق يومياته وعمره وهذا ما شهده عرض الضمير المتكلم في صالة مسرح بغداد، -وهو ليس الوحيد بل قبله وبعده من عروض لقاسم محمد- اذ اضطرت ادارة فرقة المسرح الحديث وخاصة العاملين فيها إلى طرق ابواب الجيران وجلب الكراسي من بيوتهم لقاعة العرض وتجليس الناس المتعطشين لمشاهدة العرض وللقادمين من محلات بغداد وضواحيها وقراها، من جغرافية العراق البعيدة والقريبة.
في اعتبار الممثل خالق وليس المنفذ والمؤدي والمؤدى به صوب النجومية الفارغة الا من ضوضاء الاعلام وهتافات الوعي الهابط ! وهنا نرى أن قاسم محمد ما الذي فعله في عرض "البيك والسايق" والذي عرض في احدى دورات مهرجان دمشق المسرحي، ما فعله هذا المبدع في عرض بغدادي ما يلي:
البيك وكان يشخصه الممثل يوسف العاني يظهر في مشهد فيه يسكر ويتجلى في سكره وينسى أنه متلسط ومسئ لمن يعمل في حقوله الزراعية، يسكر ويطلق انسانيته ويحررها من عبودية المال ويطلق شعارات المحبة والدعم والمساعدة للعمال والفقراء..في هذه اللحظة اشتعلت قاعة الخلد وجمهورها بالتصفيق للبيك الثوري !!!!!!!!!!!
وفي نفس هذه اللحظة أوقف الممثل المبدع قاسم محمد العرض وتوجه للجمهور في سابقة سجلت انتصارات للتغريب البريشتي في المسرح ولكنه ايضاً دوّنت وكرست طاقة ممثل مبدع يجعل فضاء المسرح متعة وجمالاً، تساؤلاً وطاقة للتواصل مع الحياة، وناشد الجمهور مباشرة بما معناه: ليش تصفقون للبيك، خدعكم بشوية كلام حلو وثوري، نسيتم ما يفعله من أعمال شريرة ضد الفقراء والذين يعملون معه!!!!!!!!..
هنا كانت الصدمة للمتلقي كي ينهض من استرخائه وتجمد وعيه، صدمة خلقها قاسم محمد كممثل في لحظتها وكانت مبدعة بحق .
في كون الاخراج رؤية وتجدد وحلم وهكذا قال قاسم محمد: العرض المسرحي يبدأ عندي حلم أحياناً وأراه في اليقظة وأنا دائم حلم اليقظة باستمرار وأحياناً اراه في المنام ".... وهكذا أسسه بصرياً في عرضه المسرحية.
وفي نصه ايضاً لم يكن مؤلفا بالمعنى المعهود والمتعارف, وهو يكتب النص، يصبح النص نفسه، ولكنه يستقرأ مرجعياته، بنيته، جماليته، سياقاته الشكلية والمعرفية، لا يدع النص أن يمتلك قداسة ما، بل بالعكس يعطيه نشوة التأويل والتفكيك.
*ما يميّز قاسم محمد قدرته على خلق مسرح مرجعيته من الحياة اليومية للعراقيين، وهذا امر ليس بسهل، من فنان درس وتعلم وشاهد تيارات مسرحية واجتهادات اخراجية ومقترحات فكرية مختلفة أو بعيدة عن سياق الفعل الثقافي العراقي ومن ضمنه المسرح.. فهو اي مبدعنا قاسم محمد خلق ما يسمى بمسرح البيئة، بيئة العراقيين، لغتهم، مشاعرهم، همومهم ـ احلامهم، اوجاعهم، خساراتهم، شجاعاتهم، خيباتهم، طقوسهم، قناعاتهم، سفالاتهم، أوهامهم، حروبهم، المستبدين بهم والذين استبدوا فيهم، وبذلك اكد قاسم محمد كونه لا يسير مثلما تشتهي سفن تيارات وعباقرة مبدعة تتلمذ بها وعبرها وانما بالعكس يفضل ويكرس فعله المسرحي عبر شجن وسفر وزمن اسمه العراق.
في نصه أو عرضه المسرحي امتلكت اللهجة العراقية طاقة معرفية هائلة في الجمال والمتعة وتواصلت لغة الفصحى مطواعة مع حاجات الذائقة الشعبية وجمالياتها وهذا الامر سبق ابداعي سجله قاسم محمد بجدارة.
*شكرا لدولة الامارات التي قدمت التكريم لمبدع مسرحي خص عمره للابداع والتجديد، للعراقي قاسم محمد. فتحية لكم ايها الشيوخ المبدعون ولكم الجمال والشجاعة والأقدام وانتم تعانقون العراق، تعانقون قاسم محمد اليوم وتحرضونه للنهوض وتتصرخون بعلو وقامة سفنكم وعقالكم وأحلامكم :
أنهض أيها القرمطي
أنهض يا أنكيدو العراق
انهض يا قاسم محمد

ان الله قريب من قلبي
ما التأنيث لأسم الشمس عيب..ولا التذكير فخر للهلال
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03904 seconds with 11 queries