أيوب الفلسطيني شعر : حيدر محمود
حكاية من الحكايات الفلسطينية المتعددة الأشكال و الأفكار والصور ، هنا يوظف الشاعر قصتي النبيين أيوب ويوسف عليهما السلام ، الأول الذي أخذ الفلسطيني الصبر عنه ، أما النبي الكريم يوسف والذي خذله إخوته ، يكرر الشاعر ذات المشهد في صور الخذلان من القريب ، وهو الفتى الذي كان يعيش سعيدا ولم يكن يتوقع أن تسلمه الأيام إلى خذلان القريب " الأشد مرارة " على نفس الحر من وقع " الحسام المهند " .
هل تعرفونَ الفتى أيّوب ؟.
كان له ..
فينا – إذا مرَّ –
عرسُ للحساسينِ ..
وكانَ أجملَ مَنْ فينا ،
وما حَمَلتْ ..أُمّي
بأعبقَ منهُ ،
في الرّياحينِ ..
إذا لَفى ..
قالت الدنيا :
( الأبيُّ لَفى ...)
وطأطأت هامها ، كلُّ الميادينِ !
وكان أيوبُ ( .. يا ما كان )
أُغنيةً ،
على شفاهِ الحيارى ،
والمساكين ....
وكانَ :
نجمةَ صبحِ الذاهبينَ إلى
نفوسهمْ ..
لُيريحوها من الطّينِ ..
ويمَسحوا الهُونَ ، عنها ،
بعدما رسَفَت
به .. زماناً ..
وما أقساهُ من هُونِ !!
لكنَّ أيوب .....
مطلوبٌ لإخوتِهِ ..
من بعدِ أن دوِّخوا
نقعَ الميادينِ ...
شدّوا أعنّةَ دبّاباتِهِمْ ،
ومَشَوْا ،
( إلى مواجِعِهِ )
مَشْيَ الشياطينِ !
كلُّ المنافي .. عليهِ ،
فهيْ تُسْلِمُهُ
منها ، إليها ، سجيناً ، غيرَ مسجون !
إنْ أَفْلَتَ الصَّدرُ ،
من سهمِ العِدى .. فَلَهُ
في الظهرِ ، من أهلهِ ،
مليونُ سكّينِ !
كأنّه لم يكن يوماً ،
أخا أحدٍ ..
مِنْهُمْ !!
ولا جاءَ من ذات الشرايينِ
لا يصبحُ الدَّمُ ماءً
عند أُمّتِنا ...
إلاّ إذا عاث بالأصْلابِ ،
صهيوني !
فلتَنْتَسب فَرَسُ الهيجا
لفارسِها ....
فقد تشابَكَ
حُرُّ القومِ ، بالدُّونِ ..
والأرضُ دوّارةٌ ،
لا تستقرُّ على ..حالٍ
وما أحدٌ فيها بمضمونِ!
أحاولُ الفهمَ :
هذا السُّوقُ أتعبَني ..
وحيّرَتْني اضطرابات الموازينِ !
هل صاحبي .. صاحبي ؟!
( من ذا يجاوبُني ..)
وهل عدوّي .. عدوّي ؟!
( من سيُفتيني !)
وكيف أعرفُ : سكيَناً ستذبحُني
وكيف أعرفُ سكيّناً ..
ستَحميني ..؟!
أحاولُ الفهمَ : لكنْ لا يُطاوعُني
عقلي .. فأبكي عليهِ ،
ثُمّ .. أبكيني !!
يا صبرَ أيّوبَ ..
صبِّرْني على زَمَنٍ
تجاوَزَتْ حدَّها ، فيه ، قرابيني !
إنْ أجدبتْ في مكانٍ ،
قيلَ لعنتُه ... حلَّتْ
وإنْ أخصَبتْ ،
راحوا وخلوني
إنّي لأعلِنُ : أنّ الأرضَ عاقلةٌ
وليس يُنقذُها....
غيرُ المجانين ....!
فيا بحارَ دمائي ،
أغرقني سُفُني ..
وأحرقي الأرضَ ، يا نَار الشرايينِ ..
..غنــــي قلــــــيلا يـــا عصـــافير فأنــي... كلمـــا فكــــرت في أمــــــر بكـــيت ..
|