عرض مشاركة واحدة
قديم 01/02/2008   #3
post[field7] dot
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ dot
dot is offline
 
نورنا ب:
May 2006
مشاركات:
3,276

افتراضي


هكذا ينحصر الجسد الأنثوي لكي يصبح الجسد الأمومي. يتجنب فرويد التمييز بين الأنثوي والأمومي، مع أنه يعتبر بأن "هدف النزوة هو اللذة والإشباع وليس التكاثر". لكنه يقصد هنا لذة الذكر، لأن النزوة orgasme ذكورية، مثل الليبيدو. يفقد الجسد الأنثوي قدراته على الإحساس باللذة الجنسية، ويصل حتى إلى رفض هذه اللذة ورفض الجنس، لأنه يشكل لها ألمًا وعذابًا، فتصبح باردة. لدى بعض النساء الباردات اعتقاد لاواعٍ بأن العلاقة الجنسية لا قيمة لها إلا للرجل. تؤكد دويتش – وهي طبعًا محلِّلة فرويدية – بأن "الولادة هي في حدِّ ذاتها قمة اللذة المازوخية. الأمهات الصالحات هنَّ أمهات باردات جنسيًّا." لكن آني أنزيو Annie Anzieu تجيب بأن الأنثوي هو غير الأمومي. وهذا ما نلمسه عند بعض المريضات الذهانيات وفي الاكتئاب، حيث يوجد جزء سلبي عند هؤلاء النسوة يميل إلى إلغاء الحياة، ويأخذ صبغة العذاب واللالذَّة. لكن هناك اضطرابات نفسية وجنسية نصادفها في العيادة، وخاصة عند غالبية النساء في سن الـ45 فما فوق، أي عند انقطاع الطمث، حيث تأتين لأنهن يشكين من حالات عصابية أو اكتئابية. ما هو سبب هذه المشاكل، ولماذا تظهر في هذه الفترة من عمر المرأة؟ طبعًا تعود غالبيتها إلى حياة جنسية فقيرة، وتنجم أحيانًا عن برودة تُترجَم بالرفض للجنس والجسد الأنثوي.
تقول ن.ي.، 45 سنة: "لشو الجنس؟! ما بيهمني... ما خلص كبروا ولادي! هل أصلح بعد لهذه الأشياء؟ ليش هوِّ بشوف جسمي! بقول لي: روحي ضبِّي حالك، عيب عليك تحكي بالجنس. أنا هلَّق فيني أتزوج بنت 20 سنة." لقد استهلك جسدها كبضاعة تعطي اللذة للآخر وتصلح فقط وعاءً للطفل. وهي...
لا يمكننا أن نضع إصبعنا على هذا الإنكار للجسد الأنثوي إلا من خلال العلاج أو التحليل النفسي الذي يُقرِّبنا من اللاوعي الأنثوي المكبوت عند الجنسي. لماذا العنصر الأنثوي في الثنائية الجنسية هو المكبوت؟ تجيبنا لوس: "لأنه يقلقل نظام العالم والنظام الداخلي."
عندما تطالب المرأة أو تكتب أو تبحث عن حقِّها في جسدها، في عالمنا المشرقي تُنبَذ، وتُرفَض، وتُنكَر، وتتحول إلى عاهرة أو ساحرة أو إلى "مسترجلة". لذا نراها ترضخ وتهرب وتنضم إلى معسكر الفكر الذكوري، لكي يقبلها المجتمع والرجل بدوره.
إن الجسد الأنثوي "محجَّب" في الدراسات والأبحاث العربية، لا يظهر، لأنه يحرك الموضوع الجنسي المخيف، ولأنه يطاول الرجال في ذكورتهم. يتكلم فرويد عن مرضاه الذكور بأنهم يشعرون برعب أساسي تجاه المرأة عندما يصف الصور المقلقة عند رؤية العضو الأنثوي المبتور المخصي.[10] إن جسد المرأة الإيروسي، في هُوام الرجل، هو طاقة إيروسية لا تُشبَع بسهولة؛ وهذا ما أكَّده الشيخ النفزاوي: "المرأة لا تشبع أبدًا... إذا تمَّتْ معها المجامعة ليل نهار لا تصل إلى الإشباع. إن عطشها للمجامعة لا يرتوي...". "العبقرية الأنثوية غير موجودة، ولا يمكن أن توجد... لا روح عند المرأة... إن النساء خاليات من الماهية والوجود، غير موجودات: هنَّ لا شيء... يجب أن تختفي المرأة كأنثى..." (أوتو فيننغر Otto Weninger).
*
لا أعرف كيف سأنهي بحثي – وهل لي قولٌ أو كلام وأنا مازلت في البداية؟ هل من مكان لكلامي الأنثوي – اللامُقال الذكوري، الغائب المُنكَر، مثل جسدي الأنثوي؟ هذا ما حاولت فعله: تفكير وبحث وكتابة مغايرة تشبه ذاتي الأنثوية الجديدة – وهي وجه آخر للمرأة التي هي مرآة للداخل للذات الأنثوية: "يوجد حيِّز بين المرأة وذاتها، بينها وبين الأنثوي. وهذا ما أسميه ما بين امرأتين."[11]
يجب أن نوقف هذه اللعبة بين الداخل والخارج، بين الحجاب واللاحجاب؛ أن نضع إصبعنا على الكامن والمحرَّم، "المحجَّب" الذي نهمله ونغضُّ النظر عنه: جسد المرأة الأنثوي، أي الكلام الأنثوي. لقد تغيرت صورة جسدك! لم تعد اليوم مثل البارحة. إن رغبتك هي المبتورة، وليس عضوك. لا تصدِّقيهم! لقد قَوْلَبونا طويلاً بحسب رغباتهم؛ ونحن دخلنا في لعبتهم، فابتعدنا عن أجسادنا، وعن ذاتنا... حتى إننا رفضنا جلدنا ونسيناه من كثرة ما شلحناه ولبسناه لإعجابهم وإرضائهم وإثارتهم. كلامك–جسدك الأنثوي مثير ومخيف. اجمدي!
لقد نسينا أجسادنا تتكلم وتتردد دائمًا، لأنها تخاف من الخطأ، من الشر. من قال ذلك؟! وبالنسبة إلى أيِّ معيار نتفوَّه بالكلام الصحيح؟ من هنا، قولي بماذا تشعرين. علينا أن نخترع لغتنا حتى لا تتعب أجسادنا من متابعة قصتنا، حتى لا تختفي رغباتنا من كثرة الانتظار والعذاب. إن الذكوري لم يعد هو "الكل".
لا تقبلي بالحيادية الفكرية! إنها خدعة لأنها ملوَّنة بالهُوام وبالفكر الذكوريين، الذي هو عالم جنسي غير حيادي. ماذا عن مستقبل البشرية إذا حُيِّدت الهوية الجنسية في الاستعمال اللغوي والتواصل؟!
التمايز الجنسي ضرورة لبقاء البشرية، للإنجاب وللحياة (وليس للتمييز)، لخلق حوار بين الأنوثة الجديدة والذكورة، لأن غياب طرف من الاثنين (الأنثوي) يعطِّل اللقاء بين الجنسين.
*** *** ***

محاضرة ألقيت في ندوة أقامتها جمعية المعالجين النفسيين.
أستاذة علم النفس في الجامعة اللبنانية.
[1] P. SCHILDER, L’Image du corps, Gallimard, Paris, 1968.
[2] M. FEGHALI, Proverbes et dictons syro-libanais, Institut d’ethnologie, Paris, 1938.
[3] M. BERNARD, Le corps, Éd. Universitaires, Paris, 1972.
[4]مي جبران، "الشخصية الأنثوية النفس مأزمية"، مجلة مواقف، عددان 73-74.
[5]قضايا المرأة، 1993-1994. (العينة مؤلَّفة من نساء جامعيات.)
[6] C. OLIVER, Les enfants de Jocaste, Denoël-Gauthner, Paris, 1980.
[7] Julia KRISTEVA, Des Chinoises, Paris, femmes, Paris, 1974.
[8] F. AIT-SABAH, La femme dans l’inconscient musulman, Sycomore, Paris, 1982.
[9] A. ANZIEU, La Femme sans qualités, Dunod, Paris, 1989.
[10]« Fétichisme », 1927.
[11] D. SIBONY, Entre-deux, Seuil, Coll. « Points », Paris, 1991.

13-05-2007

مدونتــي :

- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 


  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.06423 seconds with 11 queries