فصل حياة - الجزء الثاني
وظللت أردد تعابير محبتي للجميع وأن الناس عندي سواء لكن ذلك لم يقنع الكثيرين لأن بضعة حروف تشاطرتها هوية شخصي كانت كافية لحجب هدير صوتي وكل صدقي ومشاعري...والذين أقتنعوا كانوا من أدرك الناس بما يتوجب علي تأديته وللأسف تعاملوا معي وكأنني آت من الفضاء..لأن البعض يجهل, أن الأنسان لو ولد في حظيرة خراف لتكلم بلغتها, وكم هو فقيه وحكيم حين يصنع كيانه أنطلاقا من عقله وضميره وارادته بعيدا عن بيئته, ويجهل أيضا هذا البعض أن التفريق بين الصواب والخطأ أسهل الاشياء شرط أن يزيل عواطفه العمياء ,ويعجز الكثيرون على التفاهم والأنسجام مع من أتلف هويته وصنع منها عقدا تتراقص فيها حبات كل شريعة وجدت بالصين وتلت حتى هنا.
وبسبب بعض ما ذكرته ,ترى هذه البقعة الحقيرة التي تدوسها قدماي مليئة بالعنف والفوضى ودماء الأبرياء تسيل ,فتارة ترى حمقى يتقاتلون لأجل من لا ترف أجفانهم حين مماتهم, ناسين كيف توجعت امهاتهم بأخراجهم من أحشائها وكيف كدح والدهم بتربيهم. وها نحن كربيض الغنم أصبح الركوع لرعاتنا سبيلا وحيدا لحقوقنا ومصالحنا ومستقبل بنونا. وليت هنالك قوة تغييرية تعي ما يحصل ولكن عبثا أن حاولت بالعقل وعبثا ان حاولت بالفعل, لأن معظم الناس لا يبصرون باطنهم فلا يدركون حقيقة حبهم الفطري للعنف والكراهية فيعجزون عن كبته وأخماده لتحل محلها المحبة والأنفتاح فنشهد السلام فيما بينهم.
وها انا مجددا في فصل حياة وربيع عمر أرى الحياة معهم هدرا وقلقا وبات مستقبلي مجهولا تروم حوله العثار,حتى سئم الخليل وهجر,وأحلام كل طموح تلاشت, وأصدقاء كانوا دفئا بجوار روحي باتوا يبخون سموما تهين وجودي, والشيوعية التي حلمت بأن أتذوق طعمها على الأرض قد خانها فقراء ألهاهم الجوع عن عقولهم ,وتهاتفوا كحمائم شتاء على فتات خبز يرمى من شرفات القصور, وهجروا من هجر السلطة والجاه لأجلهم وتركوه وحيدا في ميدان ثورة الفقراء, حتى ذبحته الأفاعي وما شملت الدنيا من كلاب وذئاب, فمات وظلت عيناه مفتوحتين, يبذل آخر جهد بأوصال بصره ,فكم من رجل شاء قتال لا يسعى به الى سلطة أو مال, وكم من ملحد شاء قتال لم يقصد شهادة وجنات, فيا عجبا بعد كل هذا ولم يتأثر به البشر بقدر تأثرهم لحرف واحد من ثغر رجل دين مزيف. وبات قلة يحمل راية العلمانية,وقليل من هذه القلة تتأثر بالمذاهب, تأثر سنبلة قمح عند هبهبة الصباح ,وقلة أخرى طائشة لا تتقن سوى شتم خالقها والأشراك بالله ,ناسين أن مبادىء الشيوعية لا تخلو من أسس الشرع الألهي بعدالتها ومساواتها, أما وأخيرا قلة شريفة طيبة في عيونها بصري, وجوارحها شعوري, ولعشقها لرب البرايا نبضات قلبي ,وينسج أيمانها كل أديان الأرض فتصنع رداء دينيا كديني, ولكنها وأسفاه قلة عاجزة عن صنع التغيير الذي يطمح اليه كل مقهور في العالم.
|