الموضوع: حوارات
عرض مشاركة واحدة
قديم 09/12/2008   #343
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


منابر متعددة


قلتَ إن الأجيال الشعرية الجديدة تمارس إرهاباً شعرياً يحاولون به فرض نموذج ضعيف. وأنا أسألك: أى سلاح يمتلكونه ليفرضوا به رؤيتهم؟


ثم ألا تعتقد أنك شخصياً تمارس نوعاً من هذا الإرهاب حين تعارض بقسوة حصول إحدى قصائد هؤلاء الشعراء على جائزة من لجنة الشعر من المجلس الأعلى للثقافة وأنت أحد أعضائها؟ وألا ترى أن عدم إذاعتك لبعض هذه النماذج التى أصبحت طاغية نوع من الإرهاب والنفى أيضاً؟
الشعراء الجدد يمتلكون منابر متعددة على صفحات صحف المعارضة، وينعمون برعاية بعض المؤسسات الثقافية، وهم يمتلكون أسلحة الحوارات التى يجرونها على صفحات المجلات والصحف، وأسلحة الكلمة غير المسئولة، وحولهم أصدقاؤهم الذين يباركون أوهامهم ، أما أننى أمارس هذا الإرهاب بمعارضتى لحصول شعراء قصيدة النثر على جائزة الدولة التشجيعية فهذا مرتبط بقناعتى أن الإيقاع هو عصب الشعر فى كل لغات العالم وليس فى اللغة العربية وحدها، وأننا لو تخلينا عن هذا العنصر الفارق فستحل الفوضى، ولا معنى لأن تكون هناك أصلاً لجنة للشعر فى المجلس الأعلى للثقافة، وكثير مما قرأته من نماذج قصيدة النثر يلتقى مع ما قرأته لبعض القاصات والقاصين الذين يكتبون خواطر درامية حول تجارب ذاتية.
إذن فأنا أتصور أننى أدافع عن المفاهيم التى أؤمن بها ولا أمارس أى لون من الإرهاب ، وفيما يتعلق بإذاعة هذا اللون فى برنامج "ألوان من الشعر" فإن ما يحكمنى ليس ذوقى فقط ولكن لوائح العمل، فهناك لائحة تقرر أن الشعر لابد أن يكون موزوناً، وكلمة موزون تعني: لابد أن تكون التفعيلة العروضية أساساً للنسيج اللغوى لبناء القصيدة. إننى لا أدافع عن نفسى إذا قلت إننى متفتح دائماً للأشياء الجميلة فى النثر والشعر ولا يمكن أن أقف ضد جيل جديد، ولكن من حقى أن أكون مخلصاً للمفاهيم التى آمنت بها وللخبرة التى اكتسبتها وللمبدأ الذى يلزمنى بقدر من الضوابط فى عملي، ولا يمكن أن يصح أن أمارس الإرهاب وأنا أدعو إلى مقاومته، بل إننى أؤمن بحرية المبدع شاعراً كان أو قصاصاً، ولا أقبل وصاية أحد على الإبداع.
كل ما أطالب به أن نمتنع عن نفى الآخرين ومصادرتهم ومحاولة فرض أنفسنا بوسائل بعيدة عن النصوص الشعرية ذاتها.
الوجدان العام
فى حديثك ـ أيضا ـ ذكرت أن الشعر الحديث بلا جمهور حقيقي، قل لى ـ إذن ـ ماذا فعل الشعر الذى كان له جمهوره فى الواقع الثقافى العربى عامة؟ بمعنى أدق: ما الذى أوصلنا إلى هذا التردى الثقافى ـ إذا كان ثمة تردٍّ ـ الحالي؟ غير أننى أرى أن الشعر لم يكن له جمهور أصلاً، فى العصر الحديث على
الأقل?
لقد استطاع الشعر خلال الستينيات أن يصل إلى الوجدان العام وأن يثير فى هذا الوجدان الإحساس بالجمال والإيمان بالعدالة الاجتماعية والتطلع إلى المستقبل وتقديس الحرية، ولا تستطيع أن تنكر أن الشعر كان مقروءاً خلال الخمسينيات والستينيات على نطاق واسع، وأن حركة الانحسار بدأت مع محاولات القطيعة مع كل المصادر الشعرية السابقة التى بدأها شعراء السبعينيات.

إن الغموض الذى كان سمة النموذج الشعرى فى مطلع الستينيات، والتباس الحركة النقدية مع الاندفاع ـ أو الهرولة ـ مع ما يسمى بـ"البنيوية" فى النقد وهدم الجسور مع شعراء الريادة والستينيات هو الذى أدى إلى التردى الشعرى وليس الثقافي، بمعنى هبوط حركة القراءة للشعر كما تشير بعض الإحصاءات ، أما ماذا فعل الشعر، فإن الشعر ليس مسئولاً وحده عن كل ما حل بالأمة العربية من كوارث، فهل كان الشعر مسئولاً عن نكسة 5 يونيو 1967؟



بل على العكس، كان الشعر يوحى بكارثة قادمة ويلمّح إلى أن الطغيان دائماً يمهد للهزائم. هل كان الشعر وراء حروب الخليج؟ إن الشعر كان ضحية فى كل الأحوال، والشعر الحقيقى يجد دائماً طريقه إلى قلب الأمة، ومازالت هناك قصائد، ومازال هناك شعراء يستطيعون أن يلمسوا الأوتار والأعصاب الداخلية للوجدان العربي. إننى لا أنحرف بالحوار إلى خطاب سياسى إذا قلت إن القصيدة التى لا يقرؤها أحد قصيدة لم تكتب ، مرة أخرى أحب أن أؤكد أننى لست ضد الأجيال الجديدة، بل أدعو إلى انتظارها على بعد عشر سنوات من الآن، فقط أدعو إلى وقف الحروب الشعرية وإلى أن يتخلص النقد من زهوه بنفسه، وأن تنفتح المنظومة الغامضة للحداثة على الواقع الشعرى بصورة موضوعية، لأننا فعلاً أمام محاولات أكاد أتهمها بالتخريب تسعى إلى اختزال الواقع الشعرى فى صوت أو صوتين وإعداد مقبرة هائلة للشعراء العرب جميعاً باستثناء أعضاء نادى الحداثة التى تحتاج إلى كثير من الحوار والجدل والتقصى للوقوف على الحقائق الشعرية من أجل هذا الفن العزيز على كل شاعر وقارئ ومحب للأدب.

ذكرت أن هناك بعض النماذج الشعرية الحديثة التى تتفجر بالخيال الخلاق، هل تذكر لنا بعضاً منها؟



فاطمة قنديل وشريف رزق وعماد أبو صالح وعلى منصور وبعض نماذج حلمى سالم وبعض نماذج صلاح اللقانى وعبد المنعم رمضان وأسماء أخرى واعدة ، ودعنى أطلق نبوءة فى النهاية: إن الشعر سيعود ليعبّر من جديد عن جوهره الحقيقى من خلال الإيقاع والخيال الخلاق والبنية الدرامية والرؤية الجديدة مع انعكاف الثقافة العربية نحو النهضة ورؤية الواقع بطريقة يفرضها هذا التفجر العلمى والإعلامى الذى سيؤثر بكل تأكيد على الثقافة العربية ، ودعنى أطلق نبوءة أخرى: إن مصير الشعر مرتبط بمصير هذه الأمة التى يصعب أن أصدق أنها سوف تستمر فى هذا التمزق والغياب القومى والانكفاء الإقليمي.
إن الشعر ـ هذا اللهب المقدس ـ يرفع ألوية كثيرة، ولكنه فى جوهره نشيد عميق للروح الإنسانية فى فرحها الغامر وحزنها العميق.

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05808 seconds with 11 queries