عرض مشاركة واحدة
قديم 19/08/2008   #36
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


البرابرة على الأبواب



لا اسم لما حصل في الولايات المتحدة وضدها. إنه أكبر من مجموعة عمليات »كاميكازية« وأقل من حرب. لنقل إنه يقترب من ممارسة أقصى الأذى في ظل موازين القوى الراهنة و... المنظورة. لماذا يقترب فقط؟ لأنه ليس موجهاً ضد أصدقاء أميركا وحلفائها أو حتى قواتها في الخارج. إنه فوق الأرض الوطنية. هذا أولاً. ثانياً، لأنه يقف على عتبة الحالة التي يعتبرها الأميركيون »كابوسية«: اندماج »الإرهاب« بالأسلحة غير التقليدية ونقل المعركة إلى »الداخل«. ثالثاً، لأنه ليس رمزياً فحسب نظراً إلى الخسائر البشرية الفادحة التي أنزلها وببشر مدنيين لا ذنب لهم. هذا الأمر الذي »لا اسم له« هو البداية الفعلية للقرن الحادي والعشرين. لقد انتهت نهاية الحرب الباردة حتى قبل أن تبادر الإدارة الجمهورية الحالية إلى إعلان وفاتها. وإذا كانت تأخرت بعض الشيء في الإعلان فلأنها تبحث عن خصم مقنع يستحق أن تُعاد الهندسة الأمنية الدولية من أجله.
لا اسم لهذا الخصم. إن الولايات المتحدة، اليوم، كتلة عضلية جبارة تبحث عن متنفس لغضبها وعن تعويض للجرح الوطني الذي أصابها. أي رد، متى حصل، سيكون رهيباً. ولكن لا عدو بحجم رد رهيب. ويكفي لتبيان ذلك كشف بأسماء المشبوهين أو مراجعة سريعة للائحة المطلوبين العشرة الأوائل. التوازن معدوم. هذه نقطة قوة لصالح أميركا. ولكنها نقطة ضعف أيضاً. ما من طرف يوازيها في الحجم، والقدرة، والنفوذ، والإمكانيات. لكن عدم التوازي ينقلب ضدها في لحظة. فهي، منذ سنوات، تنفق 25 مليار دولار كل عام لمكافحة الإرهاب. ولكنها ستدفع مئات المليارات لأن حالة هجينة غامضة الملامح صممت وخططت ونفذت، ولم تكلف نفسها إعلان المسؤولية.
إن ما لا اسم له يضع على المحك المنظومة الأمنية الأميركية كاملة. فالعقيدة الدفاعية الجارية مراجعتها تريد الانتقال من »الحربين الإقليميتين« بعيداً عن الأرض الوطنية إلى »الحرب ثم الثانية«. ضد مَن؟ كوريا الجائعة أو العراق المحاصر! توسيع حلف شمال الأطلسي له صلة بإبقاء »الروابط« مع الحلفاء أكثر من صلته باحتمالات تجدد التهديد الروسي. الانتشار الآسيوي لم يعرف حتى الآن تحديد سياسة واضحة في ما يخص الصين الوطنية.
ثم كان أن ورث جورج بوش عن بيل كلينتون ملفين أمنيين. يقتضي الأول بناء درع صاروخي (مليارات لا تحصى من الدولارات وفعالية مشكوك فيها) ضد دول »مارقة«. أحداث الأيام الأخيرة، بسبب من »عدم التوازي«، وجهت ضربة قاسية للفكرة. ويقتضي الثاني إنفاقاً مذهلاً ضد »الإرهاب السيبرنتيكي«. فالاعتماد الأميركي على التكنولوجيات الجديدة، اقتصادياً وخدماتياً واستراتيجياً، آخذ بالتحول إلى مصدر خطر. غير أن المشروع برمته عاجز أمام طالب في جامعة أو أمام خاطف طائرة يحسن قيادتها.
لا اسم للسياسة الخارجية الأميركية. فهي ليست انعزالية تماماً وليست تدخلية تماماً. وتكاد الصراعات البيروقراطية الداخلية تجعلها بعيدة عن أن تكون »بين بين«. انسحاب من كيوتو ووعد بمشروع جديد لمقاومة الاحتباس. رفض بروتوكول حظر الأسلحة البيولوجية وحملة ضد مَن يرفض. الامتناع عن أي تفاوض خاص بالأسلحة الخفيفة لأن الدستور الأميركي يحمي هذا الحق. شراء تحويل سلوبودان ميلوسيفيتش إلى المحكمة ورفض الانضمام إلى محكمة الجزاء الدولية. التلويح بالانسحاب من معاهدة 72 مع موسكو ومغازلة بوتين و»السماح« للصين بتطوير ترسانتها النووية. مغادرة مؤتمر دوربان، حضور انتقائي في البلقان. »حضور الغائب« في الشرق الأوسط و»فيتو« على حضور مَن يرغب لسد الفراغ...
تريد واشنطن أن تقود من دون موجبات الدور القيادي. غير أن هذا »التمرين« لم يعد ممكناً بعد العمليات الأخيرة. فما لم يحمه المحيط، وما لم يكن ممكناً لدرع ما أن يحميه، لن يحميه قرار باعتكاف مزاجي. سيكون بوش مضطراً إلى استلحاق نفسه بدروس في التاريخ والجغرافيا والعلاقات الدولية، عله، على الأقل، يعرف كيف سيرد الضربة، علماً بأن التحضيرات لها قد تكون سابقة لتعداد الأصوات في فلوريدا.
والشرق الأوسط في كل ذلك؟ نحن متجهون، على الغالب، نحو زيادة التماهي بين إسرائيل والولايات المتحدة. وذلك بغض النظر عن الجهة التي نفذت العمليات. سيقدم أي رد أميركي مقياساً يستخدمه أرييل شارون في تعاطيه مع الفلسطينيين والعرب. كل المقدمات جاهزة من أجل ذلك. ألم يفرح الفلسطينيون للمَصاب الأميركي؟ ألم تبدو إسرائيل جزءاً من الغرب المستهدَف؟ ألم تخض الدولتان »حرب دوربان« معاً؟ ألا تتقاسمان القيم نفسها؟ أليس أعداء الواحدة (العراق، إيران..) أعداء الثانية؟ أما امتدح بوش سياسة ضبط النفس الشارونية ثم عجز عن ضبط نفسه؟ أما انتقد باول »القتل المستهدف« فبات »البرابرة على الأبواب« على ما قال معلق »جيروزاليم بوست« جيرالد ستاينبرغ«؟ ألا يريد العرب والمسلمون »افتراس الغرب« كما يؤكد بنيامين نتنياهو، بدءاً بإسرائيل وصولاً إلى أميركا؟ ألا يشكل عرب إسرائيل، كما عرب أميركا، »طابوراً خامساً«؟ ألا تحتضن دمشق »المعارضة« الفلسطينية وتشجع »حزب الله« منذ تفجير مقر المارينز حتى اليوم؟ ألم تتواطأ السعودية مع إيران في التغطية على انفجار الخُبر؟ ألم يتم إغراق المدمرة كول في المياه اليمنية؟ ألا تشكل »الأممية الإسلامية«، من قندهار إلى وهران مروراً بضواحي القاهرة، جبهة تقوم بدورها في »صراع الحضارات« ضد التراث المسمى »يهودياً مسيحياً«؟
إن محنة الشعب الأميركي المفهومة والبالغة المأساوية، سترتد على الشرق الأوسط تدعيماً لموقع »البرابرة« الذين يطرقون الأبواب ويلوّحون باقتحامها.

09/13/2001

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04400 seconds with 11 queries