عرض مشاركة واحدة
قديم 19/06/2008   #55
شب و شيخ الشباب مالك الحلبي
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ مالك الحلبي
مالك الحلبي is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
المطرح:
حلب
مشاركات:
990

افتراضي


شهــــــ الطوابير ـــــداء ..!
..
..
...
هذا هو الطابور الثالث الذي أصطف فيه بكل نظام واحترام منذ بزوغ فجر هذا اليوم.!
فبعد طابور السلام الطويل على معالي مديرنا الجديد.!
ثم طابور ثان يمتاز بالكثير من الثقوب والمحسوبية في إحدى الدوائر الحكومية.!
هاأنذا الآن وللمرة الثالثة أصطف بنفس الاحترام ونفس النظام في طابور يبدو أنه أطول من سابقيه.. هذه المرة من أجل الحصول على صهريج للمياه.!
" كانت خطتي الإستراتيجية أن أكون متحليا بأكبر قدر من التفاؤل وأن أتحكم جيدا بأعصابي.. لأنه ومهما ارتفع معدل التشاؤم لدي ومهما بلغت كمية الغضب الذي يمكن أن أفرغها في الموظف الوحيد الذي يجلس أمامي فلن يسقيني كل ذلك قطرة ماء واحدة.!!"
صحيح أنه لا شيء يبعث على التفاؤل في مثل هذا المكان ،،
وصحيح أنه في كل نصف ساعة تفرج مشكلة أحد الجالسين هنا ،،
وصحيح أن الشخص الذي يسبقني في الطابور يلتفت إلى الوراء بمعدل ثلاث مرات في الدقيقة الواحدة ليلقي على مسامعي الكثير من الشتائم واللعنات على البيروقراطية والطبقية والديماغوجية والسادية وعلى مسميات أخرى لم أفقه أكثرها إلا أنني أظنه قد نطق باسم حماته من بين تلك الأسماء.!
و مع ذلك أقسمت أن أواصل بنفس الخطة الإستراتيجية التي انتهجتها حتى الحصول على أول قطرة ماء.!
يصيح الموظف الوحيد : رقم 193
يجيبه أحد الحضور بعد أن استنفر جميع حباله الصوتية : حااااااااااضر
ثم وبعد أن يستلم ورقة الخلاص التي تخوله أخذ الصهريج وتضمن له عتقاً مؤقتا من هذا السجن يعود لتوديع جميع الجالسين الذين تعرف عليهم حديثا في ذلك المكان بعد أن أمضى سبع ساعات متواصلة معهم كانت فرصة كافية للتعرف على أصدقاء جدد.!
...
في ذلك الطابور تذكرت أن أحد الشيوخ في مصر كان قد أطلق فتوى بنكهة الأسبرين أكد فيها أن ضحايا طوابير الخبز التي انتشرت مؤخرا في مصر هم من الشهداء.. كنت أتمنى أن أستفتيه عن ضحايا الماء خصوصا أنهم يخوضون ذات المعركة بصفة أسبوعية ثم إنه قد تأكد وبالدليل الدامغ أن الإنسان يستطيع الصبر عن الأكل لمدة شهر كامل بينما وعلى حد علمي لم يتوصل العلماء في جميع أنحاء الدنيا إلى إنسان واحد يستطيع الصبر عن شرب الماء لمدة ثلاثة أيام يا وزارة المياه.!
..
.....
يصيح الموظف من جديد: رقم 194

يجيبه أحد الحضور بصوت يكفي لأن يسمعه وكيل وزارة المياه : حاااااااااضر

أرمق ورقتي الصغيرة بخيبة أمل وقد كتب عليها '218' بينما تقفز إلى ذهني عدة تساؤلات عن إذا ما كنت سأبيت في هذا المكان وعن مقدار صمود إستراتيجيتي البائسة في مواجهة ذلك الوضع، وأخيراً عن إذا ما كان اسمي سيسجل من ضمن الشهداء.!

(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [النور:19]
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.13799 seconds with 11 queries