الموضوع: أسبوع وكاتب - 3
عرض مشاركة واحدة
قديم 23/05/2009   #113
صبيّة و ست الصبايا جـدل
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ جـدل
جـدل is offline
 
نورنا ب:
Jul 2007
المطرح:
هناك حيثُ أنت
مشاركات:
696

افتراضي



أصدر جبرا إبراهيم جبرا ثلاث مجموعات شعرية. وعندما جمعها في ديوان يشتمل على الأعمال الشعرية الكاملة، عام 1990، أضاف إليها مجموعة فيصبح نتاجه الشعري المنشور في حياته على النحو الآتي: تموز في المدينة ـ 1959. المدار المغلق ـ 1964. لوعة الشمس ـ 1979. سبع قصائد ـ 1990.

ولكننا نستطيع أن نضيف مجموعة لم تصدر في كتاب، ولم تضمها الأعمال الشعرية الكاملة. ولكنه نشر معظمها في مجلة "بيادر" التي كنت رئيساً لتحريرها في تونس. ونشر بعضها الآخر، على ما يبدو، في مجلات وصحف مختلفة. وقد أعطى هذه المجموعة عنواناً طويلاً نسبياً "قصائد بعضها لليل وبعضها للنهار".

وإذا كانت المقدمة التي كتبها جبرا لمجموعة بلند الحيدري عام 1943، إيذاناً بالدعوة إلى التجديد، فإن المقدمة التي كتبها لمجموعته "تموز في المدينة" كانت بمثابة مانفستو للشعر الحديث. يقول: "إن إدخال نغمة جديدة على فن قديم يعتمد على الموسيقى التقليدية، أمر يحتاج إلى جرأة كبيرة، له القدرة والبراعة، وأنا قد لا أملك الأخيرتين، ولكنني مندفع في سبيلي مهما اعترض عليه الناس".

وكانت القصيدة الحرة هي السبيل. فهو، كما قال، يعنى بالوزن ولا يعنى. ولكن هذا كلام ملتبس. فقصيدة جبرا خالية من الوزن. وإذا اتفق لبعض السطور الشعرية ـ التي يسميها أبياتاً من باب المناكفة مع التقليديين ـ أن أتت موزونة فإن ذلك على سبيل المصادفة. ولكنها مصادفة مدروسة إذا جاز التعبير. فقد كان معنياً بمنح قصيدته حالة من الموسيقى التي لا تشكل التفعيلة مفتاحاً لها. كما أكد "أنني أمقت النعوت، فالحالات العاطفية من حزن أو فرح أو غضب أو يأس، يجب أن تثار بالألفاظ المجسدة، ومصادر الأفعال أيضاً أرفض استعمالها على وجه الإجمال". أما على مستوى الرؤيا الشعرية، فيمكن القول من غير مبالغة إن جبرا هو واضع ركائز القصيدة التموزية العربية. والتموزية نسبة إلى تموز، إله الخصب القديم في بلاد الشام وما بين النهرين. وقد قتله الخنزير البري، أو إله الشر "موت"، لكنه سرعان ما انبعث من جديد في الصيف فكانت شقائق النعمان هي دمه المتجدد. ومع أن اللحظة التموزية، في مستواها الميثيولوجي، هي لحظة زراعية مرتبطة بالتربة، إلا أن تموزية القصيدة العربية ركزت على المدينة التي تميت البطل الباحث عن الحياة له وللجموع، فينتصر عليها بعودته ظافراً. ويجب ألا نغفل عما تركته الثقافة المسيحية بمحمولاتها الرمزية الخاصة بالفداء، في هذه المدرسة الشعرية. وقد وجد جبرا في موضوع الاستشهاد الفلسطيني مادة لتعميق المعاني التموزية في شعره. ويلاحظ أن مجموعته الأولى قد حفلت بعدد غير قليل من القصائد ذات الصلة المباشرة بالتراجيديا الفلسطينية. لكن مجموعة "المدار المغلق" سترث التموزية من المجموعة الأولى لتعمق فيها الرمز المسيحي. وفي هذه المجموعة قصيدة نوعية بعنوان "لعنة بروميثيوس" مكرسة لاستلهام ثورة الجزائر.

قلْ هُوَ الحُبُ
كَأَنَّ اللهَ لا يَحْنُوْ عَلى غَيْرِكَ
لا يَسْمَعُ إِلاَّكَ
ولا فِي الكَوْنِ مَجْنُونٌ سِواكْ.
لَكَأَنَّ اللهَ موجُودٌ لِكَيْ يَمْسَحَ حُزْنَ النَاسِ فِي قَلْبِكَ،
يَفّْدِيْكَ بِمَا يَجْعَلُ أَسْرَارَكَ فِي تَاجِ المَلاَكْ.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03629 seconds with 11 queries