عرض مشاركة واحدة
قديم 09/06/2008   #38
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


قراءة جديدة في أوراق العباسيين

ليست الدولة العباسية في حاجة إلى تقديم، فقد قدمت نفسها على يد مؤسسها، السفاح، أول خلفاء بني العباس، المعلن على المنبر يوم مبايعته (أن الله رد علينا حقنا، وختم بنا كما افتتح بنا، فاستعدوا فأنا السفاح المبيح، والثائر المبير).

وقد أثبت السفاح أنه جدير بالتسمية، فقد بدأ حكمه بقرارين يغنيان عن التعليق وأظن أنه ليس لهما سابقة في التاريخ كله، كما لا أظن أن أحداً بعد السفاح قد بزه فيما أتاه، أو فاقه فيما فعل:

* أما القرار الأول، أو القرار رقم (1) بلغة العصر الحديث فهو أمره بإخراج جثث خلفاء بني أمية من قبورهم، وجلدهم وصلبهم، وحرق جثثهم، ونثر رمادهم في الريح، وتذكر لنا كتب التاريخ ما وجدوه:

فيقول ابن الأثير(الكامل في التاريخ لابن الأثير ):
(فنبش قبر معاوية بن أبي سفيان فلم يجدوا فيه إلا خيطاً مثل الهباء، ونبش قبر يزيد بن معاوية بن أبي سفيان فوجدوا فيه حطاماً كأنه الرماد، ونبش قبر عبد الملك بن مروان فوجدوا جمجمته، وكان لا يوجد في القبر إلا العضو بعد العضو غير هشام بن عبد الملك فإنه وجد صحيحاً لم يبل منه إلا أرنبة أنفه فضربه بالسياط وصلبه وحرقه وذراه في الريح، وتتبع بني أمية من أولاد الخلفاء وغيرهم فأخذهم ولم يفلت منهم إلا رضيع أو من هرب إلى الأندلس).


ويروي المسعودي القصة بتفصيل أكثر فيقول (مروج الذهب للمسعودي):
(حكى الهيثم بن عدي الطائي، عن عمرو بن هانئ قال: خرجت مع عبد الله بن علي لنبش قبور بني أمية في أيام أبي العباس السفاح، فانتهينا إلى قبر هشام، فاستخرجناه صحيحاً ما فقدنا منه إلا خورمة أنفه، فضربه عبد الله بن علي ثمانين سوطاً، ثم أحرقه، واستخرجنا سليمان من أرض دابق، فلم نجد منه شيئاً إلا صلبه وأضلاعه ورأسه، فأحرقناه، وفعلنا ذلك بغيرهم من بني أمية، وكانت قبورهم بقنسرين، ثم انتهينا إلى دمشق، فاستخرجنا الوليد بن عبد الملك فما وجدنا في قبره قليلاً ولا كثيراً، واحتفرنا عن عبد الملك فلم نجد إلا شئون رأسه، ثم احتفرنا عن يزيد بن معاوية فلم نجد إلا عظماً واحداً، ووجدنا مع لحده خطاً أسود كأنما خط بالرماد في الطول في لحده، ثم اتبعنا قبورهم في جميع البلدان، فأحرقنا ما وجدنا فيها منهم) .


ولعلي أصارح القارئ بأنني كثيراً ما توقفت أمام تلك الحادثة بالتأمل، ساعياً لتفسيرها أو تبريرها دون جدوى، مستبشعاً لها دون حد، فقد يجوز قتل الكبار تحت مظلة صراع الحكم، وقتل الصغار تحت مظلة تأمين مستقبل الحكم، ومحو الآثار تحت مظلة إزالة بقايا الحكم (السابق) لكن إخراج الجثث.. وعقابها.. وصلبها.. وحرقها.. أمر جلل..
والطريف أن البعض رأى في ذلك معجزة إلهية، فالجثة الوحيدة التي وجدت شبه كاملة.. وعذبت (إن جاز التعبير) وصلبت.. وحرقت ثم نثر رمادها في الريح هي جثة هشام بن عبد الملك، وقد رأى البعض في ذلك انتقاماً إلهياً من هشام إذ خرج عليه زيد بن علي بن الحسين، وقتل في المعركة، ودفنه رفاقه في ساقية ماء، وجعلوا على قبره التراب والحشيش لإخفائه، فاستدل على مكانه قائد جيش هشام، (فاستخرجه وبعث برأسه إلى هشام، فكتب إليه هشام: أن اصلبه عرياناً، فصلبه يوسف كذلك، وبنى تحت خشبته عموداً ثم كتب هشام إلى يوسف يأمره بإحراقه وذروه في الرياح) (مروج الذهب للمسعودي – ج3ص219).


وإذا فسرنا ما حدث لهشام بالانتقام وبالجزاء من جنس العمل، فماذا نفسر ما حدث لغيره، وفي أي نص من كتاب الله وسنة رسوله وجد العباسيون ما يبرر فعلتهم، وأين كان الفقهاء والعلماء من ذلك كله، أين أبو حنيفة وعمره وقتها قد تجاوز الخمسين، وأين مالك وعمره وقتها قد تجاوز الأربعين، ولم لاذوا بالصمت ولم لاذ غيرهم بما هو أكثر من الصمت، أقصد التأييد، والتمجيد، والأشعار، ورواية الأحاديث المنسوبة للرسول والمنذرة بخلافة السفاح ومنها ما أورده ابن حنبل في مسنده مثل (يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن، يقال له السفاح، فيكون إعطاؤه المال حثياً).

ومثل ما ذكره الطبري من (أن رسول الله أعلم العباس عمه أن الخلافة تؤول إلى ولده، فلم يزل ولده يتوقعون ذلك).

لا اله الا الانسان
نشأ الدين عندما التقى أول نصاب بأول غبي
Religion can never reform mankind , because religion is Slavery
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04717 seconds with 11 queries