عرض مشاركة واحدة
قديم 07/09/2006   #4
صبيّة و ست الصبايا lyan
مسجّل
-- اخ طازة --
 
الصورة الرمزية لـ lyan
lyan is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
مشاركات:
10

افتراضي


أحلام لم تر النور
رغم أن لدى سلام الكثير والكثير من المعارف والأصدقاء إلا أن أحدا لا يعرف ما هي هواياته بالتحديد. ويقول أبو عيسى" كانت هواية سلام الوطنية". في نيسان عام 2002 تعرضت مدينتا رام الله والبيرة لعملية اجتياح احتلالية واسعة النطاق في اطار ما يسمى "عملية السور الواقي" بحجة البحث عن "الارهابيين" ، وبيت ابو عيسى لم يفلت من همجية الاحتلال ، حيث حاصرت قوة كبيرة البيت وأخذت تعبث بمحتوياته. ابو عيسى لم يكن يعرف عن أي من أبنائه يبحثون، فمعظم ابنائه قد ذاقوا مرارة الاعتقال وعرف عنهم بأنهم من المناضلين، لكن ضابطا احتلاليا أخبره بأنهم يريدون سلام الذي لم يكن تلك الليلة في البيت بل كان نائما عند أحد الأصدقاء في مدينة رام الله. في اليوم التالي لعملية المداهمة ذهب ابو عيسى إلى ابنه ليسأله عن أسباب المداهمة فأكد له سلام بأنه لا يعرف. فما كان من سلام إلا أن مارس حياته كالمعتاد يذهب إلى العمل وينام في البيت إلى أن عادت قوات الاحتلال وداهمت المنزل بعد شهر على الحادثة الأولى لكنهم هذه المرة تمكنوا من اعتقال سلام من منزله للمرة الثالثة في حياته. لم توجه سلطات الاحتلال له أي تهم معينة وأحالته إلى الاعتقال الاداري حيث مكث في السجن مدة تسعة أشهر ، خرج بعدها ليمارس حياته كالمعتاد: عمل وبيت وعلاقات اجتماعية.
كان سلام زهرة أسرته واريجها الفواح يملأ البيت بهجة وسرورا ويلاعب أطفال أشقائه، كم كان أبوه تواقا لرؤية ابنه عريسا ، ألح والده وأشقاؤه عليه بالزواج لكنه كان دائما يجيبهم بأن الوقت لم يحن بعد. كان يتطلع لإكمال تعليمه وقد سعى لذلك، فها هي شقيقته الصغرى روز(31) عاما قد اشترت له الكتب المقررة لامتحان شهادة الثانوية العامة (التوجيهي) ، ليس ذلك فحسب بل إنه كان يسأل عن دورات تعليمية في مختلف التخصصات التي من شأنها صقل ثقافته مثل دورات الحاسوب، ورغم أن ظروف اعتقاله خلال الانتفاضة الكبرى حالت دون اتمام تعليمه إلا أنه كان مثقفا واعيا يطالع مختلف أنواع الكتب سواء الأدبية منها أو السياسية أو الدينية والتاريخية. وتقول روز التي تدرس الماجستير تخصص دراسات عربية معاصرة في جامعة بيرزيت " كان سلام مطلعا ويقتني مختلف أنواع الكتب حتى أنني كنت أفاجأ بقراءته للكثير من الكتب المتخصصة التي تدرس في مراحل التعليم العالي".



السفر الأخير
إنه 21 تشرين الثاني لعام 2004 ، الشمس تراءت خلف ذلك الجبل والعتمة بدأت تسدل ستارها، عاد سلام من عمله بعد يوم تعب ، سلم على أهل بيته ثم ذهب ليستحم ويحلق ذقنه ، استبدل ثياب العمل وارتدى أجمل ثيابه وأحدثها، وعطر فواح رشه على جسده وملابسه كان ينثر رائحة ساحرة في كافة أرجاء المنزل ، جاءته شقيقته روز تسأله إن أراد أن يناول طعام الغداء ، كان يتكلم عبر الهاتف النقال ، ما أن أنهى المكالمة حتى أخذت روز التي فوجئت بأناقة شقيقها المميزة" ما كل هذه الإناقة يا أخي؟ أتريد أن أحضر لك الطعام؟". لم ينبس ببنت شفة ، نظر إليها بابتسمامة طويلة المدى ، وهرول نحو الباب الرئيسي للمنزل ، ألقى نظرة أخرى على شقيته ثم غادر المنزل ليقود سيارته نحو مكان مجهول.
كانت روز آخر من يرى سلام من بين أفراد الأسرة مضيفة أنه كان أكثر أناقة من المعتاد ضحوكا بدا وكأنه في غمرة فرحه.
ربع ساعة أو أقل على مغادرة سلام للمنزل ، بدأت الاتصالات الهاتفية من قبل الأصدقاء تهل على الأب والأشقاء سائلة عن سلام ، اتصال هاتفي بأبو عيسى أخبره أن سلام قد جرح وهو في المستشفى، خرج الأشقاء مسرعين ليطمئنوا على صحة شقيهقم ثم سرعان ما عادوا ، سلام لم يكن بينهم ، دقائق معدودة وكلمات قليلة كانت كفيلة بتكريس حقيقة بطعم العلقم وتحويل الصمت القائم إلى بكاء وعويل .. سلام سافر إلى بعيد حيث لا يكون إلا الأحرار ، استشهد على أرض بيتونيا برفقة صديقيه ناصر جوابرة ومحمد اللفتاوي بعد أن قتلتهم وحدات الموت الاسرائيلية بدم بارد.

يتبع...
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04258 seconds with 11 queries