[قرصان الأدرياتيك]

صباحُ الخير...

كيفَ حالُ الأصدقاء بعدَ عراك الدّيوك؟! (ياس عمّ أمزح لا تردّ على هالجملة الله يخليلي ياك).

في الحقيقة الموضوع قيّم وقد أثراه الجميع بمشاركاتهم الأقيم، وبعدَ طول قراءة أجدُ أنَّ الجميعَ يتّفقُ في كثيرٍ من الأشياء ويختلفُ في مواقف وأحداث معيّنة!

ويبدو أنَّ الاختلاف الأساسيّ في المسألة هو حول روسيا (الاتّحاد السوفييتي سابقاً) ومواقفها من سوريّة أوّلاً والعرب ثانياً (تحالف أم صداقة أم دعم).

بالنسبة لاعتراض ياس على قضيّة الأسلحة الرّوسيّة (مدفوعة الثّمن) فأقول له: أسلحة بثمن أفضل ألف مرّة من لا أسلحة! وإذا عدتَ لتحضرَ اعتراضك على أنّها أسلحة قديمة (وفاسدة) فهذا بسبب أنظمتنا الفاسدة التي تسرقُ في الصّفقة أكثر مما يجنيه الرّوس أنفسهم. وأي دولة في العالم هي تلك التي تكشف تطوّرها العسكريّ بسبب صفقات تجاريّة؟! فلا تنتظر من أحد أن يمنحَك أحدث ما عنده. ويكفي أنّها قدّمت في الماضي الكثير وخاصّة في مجال الهندسة العسكريّة ولولا المهندسين الرّوس (إي من ط... كنّا تجاوزنا خط ألون) لما استطعنا أن نفعلَ شيئاً في حرب تشرين. واذهب لتسأل الذين اشتركوا في الحرب!

و انا بقول انو ما فضلو علينا بفرنك.. كلو بحقو و لسى استفادو منا كمان
يا روحي يا ياس السّياسة مصلحة، والمصلحة تقتضي الإفادة والاستفادة. مجمل كلامك يدور حول هذه النّقطة، ساعدونا لكن بثمنه، وهل كنت تريد مساعدات مجانيّة؟ أخبرني هل نحن في الملكوت الرّوحي؟! برغم حججك الكثيرة إلا أنّها أحياناً (أحياناً فقط) تبتعد عن الواقعيّة لتغرقنا في الطوباويّة والمثاليّة.
نحن نتحدّث عن بلدنا الذي هو بلدٌ ينتمي إلى العالم الثّالث (إذا لم يكن الرّابع... إلخ) يتعامل مع بعض البلدان المتقدّمة في مجالٍ معيّن. ومجمل الفائدة التي نطلبها علينا دفع ثمنها، مع الشّكر الجزيل لحذف الكثير والكثير من الدّيون. مع الشكر الجزيل للمعونات الثقافيّة والتدريسيّة، مع الشّكر الجزيل لكلّ مصلحة متبادلة!

طبعا بيظلو احسن من غيرهون...
وهذا بيت القصيد. تحالفنا معهم ليس تحالفاً غبيّاً، فسوريّة تعرف تماماً أنّ روسيا اليوم لن تقف في مواجهة تامّة مع الولايات المتّحدة أو مع إسرائيل من أجلِ عيونها... لكن ما تقدّمه يساعدنا كثيراً في مجمل قضايانا وخاصّة على الصّعيد الدولي والإعلامي... لا بل وجودها إلى جانبنا يعزّز وجودنا، بدلاً من أن تكون في مواجهة معنا كأميركا وإسرائيل تساندنا بحفنة ما ذكرتموه ويذكر، تعيننا في بعض المواقف هنا وهناك (الأمم المتّحدة ومجلس الأمن)، تمدّ اليدَ لتعطي وتأخذ، هذا برأيي يكفي لتُعتبر دولة صديقة من الدّرجة الأولى. وهذا الكلام يبقى مفتوحاً أمام احتمالات السّياسة العدّة: صديقُك اليوم عدوّك غداً!!! قضيّة مصالح لا أكثر.

و بصراحة ازا بدي اعدد ايجابيات الاتحاد السوفيتي (كأمور فعلا اشتغلوها عن قلب و ليس عن مصلحة) فأكيد راح احكي عن الجانب الأكاديمي و الثقافي.. بهاي فعلا مفضلين علينا.. أيام الاتحاد السوفيتي كان الكتاب شغل دار رادوغا أو دار التقدم أو دار مير بينجاب بسعر جيد جدا و كتب ذات جودة عالية...
بصراحة أفضل الكتب التي غزت الأسواق السوريّة على المستوى الأكاديمي والمنهجي الطباعي هي تلك الرّوسيّة، ومن بينها الكتب العلميّة الفلكيّة والفيزيائيّة، والكتب الاشتراكيّة والفلسفة الماركسيّة، والكتب الأدبيّة الغزيرة. كنتُ أوّل المستفيدين منها حتّى اليوم، إذ أجول الطّرقات في المدن السوريّة بحثاً عن الكتب التي صدرت من دور النشر تلك.

كلمة أخيرة لأنّي أعرفُ أنّك تعبتَ من كثرة التكرار، لا توجد مصلحة فرديّة، عليها أن تكون مشتركة، ولا يستطيع أحد أن ينكر وجود المصلحة المشتركة بين سوريّة وروسيا ولكلّ أسبابه.

وبالنسبة للتصويت فأنا اقترعتُ لصالح إقامة قاعدة عسكريّة روسيّة في سوريّة. لأنّي أنظرُ إلى سوريّة في وضعها الحالي وحاجتها إلى مزيد من الأواق وخاصّة باشتداد اللهجة الأميركيّة واتّجاه القضيّة الإيرانيّة نحو الانتهاء!

وحتّى تصل سوريّة إلى درجة معيّنة من التقدّم (يعني شي بعد مليار سنة) حينها لن نحتاج إلى دول غربيّة أو أجنبيّة. وكلمة للمعترضين: المنتوجات التكنولوجيّة كلّها أجنبيّة، الأسلحة جميعها أجنبيّة، الكتب التعليميّة والمناهج التدريسيّة، العقول الناشئة في أوساط أجنبيّة، فعلامَ الاعتراض على قواعد عسكريّة؟!

مع محبّتي وتقديري واحترامي لجميع أطراف الحوار.