عرض مشاركة واحدة
قديم 08/08/2008   #4
شب و شيخ الشباب محمد ابراهيم
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ محمد ابراهيم
محمد ابراهيم is offline
 
نورنا ب:
Nov 2005
المطرح:
في بيتنا
مشاركات:
5,722

افتراضي


(4)


في سورية أصبح الوضع النموذجي المعتاد للمواطن أن يكون غما حاكماً أو محكوماً. أما أن يكون لا حاكماً ولا محكوماً فهذه وضعية غير مفهومة لا من قبل الحاكمين ولا من قبل المحكومين. أن تكون حاكماً عند أي مستوى كان، من مستوى الشرطي إلخ، يعني أن تكون طليقاً من الضوابط تجاه المجتمع وتجاه القانون وبالأخص القانون المالي، تقول للمحكومين ما تشاء وتفعل في مصالحهم ما تشاء دون أن تسألهم أو ترجع إليهم في شيء. في روما العبودية قبل 2000 عام، كانوا أسياد العبيد يختارون لإدارة مزارعهم الأكثر خبرة في الزراعة والأكثر قبولاً من قِبَل العبيد، أما في سورية النصف الثاني من القرن العشرين فلم يعد لا شرط الكفاءة ولا شرط القبول من العبيد ضروريان في من يتمطعون لإدارة مزارع العبيد. فأسياد العبيد الجدد ليس لهم علاقة بالاقتصاد الوطني، لهم علاقة باقتصادهم الخاص فقط، وليست الإنتاجية من بين شواغرهم لأن مصادر ثرواتهم لا تتوقف لا على وضعية الاقتصاد ولا على مستوى الإنتاجية والربحية. ففي الأزمات والكوارث يمكن أن تكون مداخلهم أكثر منها في الرواج والازدهار. أما أن تكون محكوماً فهذا يقتضي أن تنظر كما كان عبيد روما إلى جميع الأوضاع المحيطة بك والحاكمة عليك باعتبارها الخيار الحتمي الوحيد أو الخيار الأمثل من بين جميع الخيارات الممكنة. وانطلاقاً من هذه النظرة فأنت " حر " في تدبير شؤونك الحياتية على مبدأ " يدك وما تطول ".

أن تكون منظومة مستقلة خارج المنظومتين الحاكم والمحكوم، أي معارضة، فهذا يجعلك في نظر الحاكمين خائناً وفي نظر المحكومين شاذاً. ولعمري إنها الدلالة الأهم على أن سورية كانت خلال العقود الأربعة المنصرمة تعيش خارج العصر. ولهذا نقول : لم يعد أمام سورية أية إمكانية لإضاعة عاماً واحداً آخر بعد ما أضاعت من عقود. لم يعد أمامها إلا أن تدخل العصر بنظام يشتمل على معارضة معترف بها قانونياً وواقعياً تملك جميع شروط العمل الحر في السياسة تنظيماً وإعلاماً، وكفى اختزالاً لشعب تعداده 18 مليون بأربعمائة اسم أو في مائة اسم، مواصفاتهم الأهم أن ثقة الأجهزة المتعددة قد تقاطعت عندهم لتمنحهم بطاقة الدخول إلى منظومة الحاكمين، وفي رقابهم مفاتيح الجنة، ودون استعداد للاستشهاد في سبيل أي قضية.

منذ عشر سنوات عرّفت المسألة الاقتصادية بأنها في سورية هي مسألة غير اقتصادية بالدرجة الأولى. إذا كنا نتحدث عن الإصلاح، أي إصلاح : سياسي أو اقتصادي أو إداري أو تشريعي أو إعلامي، فإن مربط فرس الإصلاح، هنا وليس في أي مكان آخر، أن سورية دولة وشعباًً، اقتصاداً وإدارةً، علماً وأخلاقاً، قد دفعت غالياً ثمن النهج الفوقي والانتقائي في تشكيل وفرز طبقة الحاكمين من الأعلى التي لا ترتبط بشيء ولا تحتكم في شيء إلا طبقة المحكومين. لقد آن الأوان للانتقال من هذا النهج المصطنع المدمر إلى النهج الطبيعي، إلى الشعب ليكون الأرض التي ينبت منها الحاكمون والتي تحكم على جدارتهم. وبالرغم من جميع عيوب ونواقص الديمقراطية التي نعرفها فإن التاريخ لم يخترع أسلوباً أكثر جدوى كنظام حكم ومنهج حياة. ولا يحق لأحد الادعاء بأن الديمقراطية نظام غريب مستورد، فلدى كل شعب على الأرض تراثاً خاصاً في الديمقراطية، ورغم الطيف الواسع لأشكالها فهي من حيث الجوهر واحدة في نهاية المطاف، إنها حكم الشعب للشعب وليس حكم المبشَّرين بالجنة والمنتقين.



ملحوظة : لا اريد وضع كل المحاضرة اليوم ، حتى لايصعب قرءاتها كاملة على القارئ (ولكن من الافضل قراءتها كاملة) فقط باقي جزئين ، اذا في احد يريد اني اضع كامل المحاضر اليوم يبعتلي عالخاص برسالة خاصة .

  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04112 seconds with 11 queries