16 حزيران
الإنسان قبل أن يستوقفه الله يكون شيئاً , و بعد ذلك يصبح كائناً آخر . حتى عندما لايكون التغيير مأساوياً و فأختبار حضور الله يترك دائماً أثراً لا يُمحى . إنّ العواطف الهيّاجة و إيحاءات اللاوعي تجيئ و تمضي . أمّا (( زمن الربّ )) فثابت دائماً .
الإنسان الذي استوقفه الله حقّاً لا ينسحب من الواقع ليعيش في برج عاجيّ و ينعم و حده بحضور الله فيه , بل إنه يتعمق في و عيه للمحيط من حوله , فيرى بعينيه الجديدتين جمال العالم , و ينصت بشغف إلى موسيقاه و شعره فيكتشف الجمال من حوله يوماً بعد يوم . و لكنه يجد نفسه أيضاً على صلة أعمق بالحزن في قلوب الناس . و يحسّ في نفسه بوعي جديد للواقع الذي يعيش . إنه يختبر نوعاً جديداً من الحيويّة . و لقد قال القديس إيريناوس في الجيل الثاني : (( إن مجد الله يتجلى في الانسان الذي يعيش الحياة بمثلها )). فإذا ما استوقف الله إنساناً , لا بد لذلك الإنسان من أن يقف و يقول : نعم للحياة مرة أخرى
الإنسان الذي انفتح على الله يزداد تحوُّلاً , بفضل ذلك , إلى ما يشبه الله , أن يزداد حبَّاً . فيوحنا يقول : (( الله محبة .... و كل محبّ مولود لله و عالِم بالله ... مَن أقام في المحبة أقام في الله , و أقام الله فيه )) . فأعظم خلق الله و أروع عجائبه يبقى دائماً الانسان المحبّ , الكائن الذي تحوّل من إنسان يأخذ إلى إنسان يعطي . ذاك هو جوهر و جود الله في الانسان , و ذاك هو عمل الله .
فموهبة الحب هي أعظم مواهب الروح .