الفاتحون
كانوا فكان الحب ، كان الغـضب ... وكـانت الريح ، البروق ، الشهب
كـانوا خـطىً تبحث عن نفسـها . . . و آدميًا للسَّمـا ينتسب
عـيونهُ مشدودة للذُّرا ... وقلبه قوف الثرى ينسكب
مـا الشعر إلا رجـلٌ خـارج من نفسِهِ ... ينو لها عن كثب !
مـعـارك الحب التي خـاضها . . . تنهب من أيامـه مـا تهب !
مـعـارك البوح التي قاومت . . . وحـشيـة الإنسـان عبرَ الحِقب !!
بِكـر القوافي لا تلم كبوتي . . . نديمُك ـ الليلة ـ بِكرُ التـعب
نديمك انتاشته أيامُهُ . . . . ومـا ثناه الجُرحُ عمَّـــا طـلب
ضـاقت عيون البدِ بالـ"شنفرى" ..... وغررت بـ" المتنبي " حـلب !
الشعراء الـشـعر ماتوا أسيً .... ونحن بين الشـعراء اللقب !
وباقٍ ، باقٍ أنت باقٍ أنـا ..... لا ندرك النـصـر ، ولا ننسحـب
ووحــدنا نـشـرب ماء الظمـا .... ووحـدنـا نأكل خبز السغب
ووحـدنا نسكرُ من خمرةٍ عذراءَ ... مـا مرت ببالِ العِنَب
فنحن ملحُ الأرضِ يا صاحبي . . . ينفُض صدق الحزن عنـا الكذب
ما مسَّك الضـر ، وما مسني . . . ومـا خسرنا ، مـا خاسرٌ من كسب !
أنت الذي علمتني أن أرى ما لا يُرى ، أنأى لكي أقترب
شربت من صوتك بوح القرى نـار الليالي كبريـاء الأدب
جـسارة الريحِ حنان الندى جهـارة الرعـد وصمت الهِضَب
الشمسُ عذراء الزمان التي . . . تُلقس علينا قبلة من ذهب !
تعشق لا تخجل من عـشـقها لولاه لم تطلع ، ولم تحتجـب
حسبك فاشـهد أنني عـاشقٌ فليس قلبي قبضـة من خـشب
العشقُ مكتوبٌ على أهله ... لا يُسـأل الرحمن عمـا كتب
عفوًا فتى الفتيان " غرناطةٌ" . . . ضاقت عل حُلمك حتى احتجب
جرحُ " الموريسكيين" لم يندمـل ... وابن " أبي الغسـان" حلمٌ ذهـب !
رايـةُ ( لا غـالب ...) قد حُرِّفت . . . الآن ( لا مغلوبَ إلا العرب ) !
حسبك فاشهد أنني غـاضبٌ . . . وأن قلبي قبضـةٌ من لـهب
لا أهـل في هـذا المنفى وهـذا أنا . . . في موطني ، عن موطني أغتـرب !
أبغي فضاءً باتسـاع الرؤى ، وصرخةٌ في حجم هـذا الغضب !
انظـر تجدني مثلمـا شئتني " مدينةُ الله " بكونٍ خَرب
يلمع برق الحزن في أعيني . . . وتحت جـلدي ما ترى من شُهُب !
تواضع الأنهـار في مشيتي . . . وفي جبيني كـبريـاء السُّحب
معلقًا في سدرة المنتهى . . . وكـلما غنيت زالت حُجُب
من حُرقةِ القلب يجيءُ السنـا . . . و من صهيلِ الروحِ يأتي الطـرب !!