الموضوع: بيار كورناي
عرض مشاركة واحدة
قديم 27/08/2007   #12
شب و شيخ الشباب verocchio
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ verocchio
verocchio is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
مشاركات:
2,795

إرسال خطاب MSN إلى verocchio
افتراضي


وكل ما في التمثيلية تحلية للتاريخ من قلم كوريني، فيما عدا الاستشهاد وتدنيس المذبح، كذلك هو خالق وقاحة القديس المتعالية وعنف الفعل، وحين قرأ المؤلف التمثيلية في الأوتيل درامبوييه، أدان عدد من السامعين، ومنهم أحد الأساقفة، بوليوكت لخشونته وتطرفه في غير ضرورة. وفكر كوريني حيناً في وقف التمثيلية، ولكن نجاحها على المسرح رفعه إلى أوج حياته الأدبية (1643). وبقى له في أجله آنذاك واحد وأربعون عاماً سنرى أنه أنفقها في منافسة مع راسين، ولكنه لم يؤت العلم بأنه قد كتب أعظم أعماله في هذه المسرحيات الثلاث-بل يرى البعض أنها افضل المسرحيات في تاريخ المسرح الفرنسي كله. وهي تختلف عن الدراما»الرومانسية«، التي شاعت في إنجلترا الأليزابيثية أو فرنسة القرن التاسع عشر اختلافاً يقتضينا إعانة التاريخ بالخيال لتعليل سلطانها على زمانها وعلى مسرح اليوم. إن في كوريني روحاً رومانسية أيضاً بقدر ما في شكسبير، وعواطف مدروسة بأكثر من عناية ديكارت ورهافته، ولكن أتباع مثل العصر الكلاسيكية اقتضى اخضاع العواطف-على ما فيها من تعبير قوي-»للعقل«-أو للحجة. والإسراف في الحجج هو ثقل الموازنة لهذه التمثيليات. بحيث قل أن تحلق التحليقات التي تكثر جداً في راسبين. أما الحركة فتبعد عن خشبة المسرح، فليس عليها سوى السرد، والحضّ، والفصاحة، وكل شخوص كوريني محاجون بارعون. أما الفرنسيون فتتلاشى في نظرهم هذه العيوب في بهاء الأسلوب وجلال الموضوعات. فإذا عن لنا في أي عمل فني أن نلتمس السمو، أو نبحث عن فكرة أو شعور يرفعنا فوق ذواتنا وزماننا. وجدنا هذا مردداً في كوريني. لقد كتب وكأنه يكتب للساسة والفلاسفة. ونظم أبياته وكأنه يلحن موسيقى، وتحت عبارات ما زالت ملازمة لذاكرة فرنسا. وامتزجت الآن الروح الكلاسيكية والأرستقراطية-روح العقل يكبح العاطفة، والشكل يسيطر على المضمون-بضبط النفس الرواقي، وبالشرف الأسباني، وبالذكاء الفرنسي، ليخرج من هذا كله مسرح بعيد عن المسرح الأليزابيثي بعد السماء عن الأرض، وهو مع ذلك، بفضل رسبين وموليير أيضاً، بعدله قيمة وتألقاً في تراث البشرية.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.02745 seconds with 11 queries