عرض مشاركة واحدة
قديم 28/08/2007   #19
شب و شيخ الشباب الموسيقار
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ الموسيقار
الموسيقار is offline
 
نورنا ب:
Oct 2006
المطرح:
بين الشمنتو والبحص والرمل
مشاركات:
1,329

افتراضي


لا زالت لعنة صوتها تضاجع ارتعاشي رغم انكفائه خلف قطعان الماضي ... ورغم اغفاءة رهنتها .. لتلتقي بي في عالم آخر وتنتقم لانحدارها التدريجي على أرصفة انتظارها لي .,.



دمشق
_باب توما 1995_

مكان صغير خشبي الرائحة .. غرفة واحدة و مستلزمات بدائية .. كفيلة بأن تقول لها (أنت خارج قذارتهم يا صغيرة) ابنة لـ عشرين عاما ً .. ترصف كتبها الجامعية بعناية .. رائحة الـ شانيل 5 تفوح بشدة ولطف .. أوراقها مرتبة على طريقة حياتها الجديدة .. تحاول رسم ضلوعها من جديد ليتسع صدرها للشام والياسمين و نوافر المياه .. و (بعدكـ بقلبي) ترندح نهارا ً فيروزيا ً .. ينساب من قهوة تنتمي لحريتها .. ترتشفها بنهم على شرفتها الصغيرة المطلة على القيمرية .. كانت تعيش فردوسها الصغير السحيق .. تغرف من أحضان أمها بشبق سنوات التلاشي وراء حصونهم العفنة .. هي التي استبدلت بملء انوثتها رخامها اللامع بصرير أسنان امرأة من الشام حين تزدرد العشق دفعة واحدة في زواريب دمشق القديمة .. كان جسدها مستعدا ً لمياه بردى كي يغتسل ويكنس سنين التصحر.. وأنفاسها تنتظر رياح افريقيا لتلتهب افتتانا ً وانعتاقا ً خلف الدوار .. لتزهر عمرا ً دمشقيا ً على كف رجل يعرف كيف يلامس المياه دون أن يبتلعها .. رجل يعرف أن للأنثى فصول.. يعرف كيف يبكي في جنازة كل فصل .. ويرقص في ولادة كل فصل

لم يكن يخنق روحها سوى غرفة صغيرة لرجال يحملون البنادق تقبع تحت بيتها البسيط .. الذي كان أقصى ما تبلغ آفاق حلمها .. بعيونهم يتابعون أوراقها الخضراء كيف تنمو على جدران باب توما .. ويبلغون عزوتها وعشيرتها بكل وردة تتفتح على صدرها .. كانت حبيسة ماضي أمها .. في سجن اختياري ألقت مفاتيحه في قاع التحدي .. لتطلق روحها الدمشقية خارج عيون العيون التي كانت عائلة سموه تكبل أنفاسها بها ..



كيف وصلتُ إليها ضمن حقول ألغام واقعها ؟؟ .. يرعشني السؤال ويدفعني إلى اغتراف التراب بعيني ّ طويلا ً
كيف ألقت ارتجافها تحت نافذتي .. ؟ وكيف قتلتــُها بشفتين من التردد ؟ لم تكن جدران دمشق قادرة على الإجابة يومها .. دمشق كانت قطعة من الجحيم .. جحيم موتنا الأسطوري على كتفيها .. جحيم رجولتي التي خلفتها في اسبانيا .. و رائحتها التي استوطنت قبرا ً .. إلى الأبد .

يتبــــــــــــــــــــــع

أراكـــــــــــ عصي الدمع ..شيمتكـ الصبر ..
أما للهوى نهي .. لديكـ ولا أمر ..
نعم أنا مشتاق ٌ وعندي لوعة ٌ ... ولكن مثلي لا يذاع له سر ..

آخر تعديل butterfly يوم 28/08/2007 في 04:51.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03810 seconds with 11 queries