عرض مشاركة واحدة
قديم 31/07/2007   #1
صبيّة و ست الصبايا Rena
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Rena
Rena is offline
 
نورنا ب:
Jul 2007
المطرح:
اللاذقية العذراء
مشاركات:
212

افتراضي طفلٌ حديث الولادة ....


حملت الأم بابنها الأول . ففرح الأب اشد الفرح لذلك الخبر الذي أخفته زوجته عنه لفترة من الزمن للتأكد مما كان يجول في خاطرها .
عزم الأبوان على تربيته تربية صالحة وإدراك صفاتهما السيئة كي لا تنقل إلى مولودهما الجديد ويحاولان ان يورثوه صفاتهم الجيدة والتي تعلي من شانه مستقبلا
في كل صباح بينما يكونا مستلقين إلى جانب بعضهما في سرير جعل ثمرة حبهما تزهر وتفوح رائحتها بعد تسعة أشهر ..... يحسب لها كم من الوقت الذي بقي ليأتي ذلك الطفل الصغير ليشاركهما الحياة ويمنحهما أجمل لقبين في هذه الدنيا وهما بداخلهما يريدان تكريمه بتوفير جميع متطلباته و أمانيه و يمحوان من قاموس مفرداته كلمة حرمان , تلك الحالة التي عاشاها في فترة من حياتهما .
بعد انتظار طويل .... يصطحب الرجل زوجته إلى المستشفى ليعودا إلى المنزل بشخصٍ جديد يقاسمهما كل شيء .
تدخل إلام غرفة العمليات ..... وما هي إلى دقائق وتبدأ بالصراخ والألم اللذان ينتهيان ببكاء يملأ المكان ....هذا المخلوق الحديث الولادة يبدأ حياته بالبكاء .... لأنه عرف مسبقاً بمرارة الحياة وإلاّ لما كان استقبلها بالبكاء ... فهو يعلم بأنه سيتلقى الصفعة الأولى على مؤخرته من ذلك الإرهابي الذي يسمونه الطبيب النسائي بحجة بدء عملية التنفس لديه
تعود الأسرة السعيدة بطفلها الأول إلى العش الحميم .... يحمل الأب الطفل بيد ويفتح بيده الأخرى باب المنزل ولأول مرة في تاريخ الأب يجعل قدم زوجته تطأ عتبة الدار قبل قدمه .... ومن بعدها يهمُّ بالدخول قبلها إلى الغرفة .... يرتبُّ السرير للأم وطفلها .....تستلقي الأم المنهكة وتحتضن مولودها بيديها .....يجلس الأب قرفصاء إلى جانب السري متأملاً وجه الحبيبة والزوجة التي كبرت جراء هذه الولادة عشر سنين ومع هذا فانه يشعر بحبٍ لم يشعر به من قبل تجاه زوجته .يتنفس الصعداء ويبدأ بالاعتذار عن الآلام التي تعرضت لها زوجته أثناء الولادة وعن صرخات الألم التي كانت تخرج من جسدها الوديع لتمزق شرايينه و أوردته
لو كان يعلم ما مدى عذابها من قبل لما كان طلب منها أن تجلب ذلك الطفل الذي سيُبكي زوجته ذلك البكاء ويؤلمها ألماً لا طاقة لها به .
كان يودُّ لو أن جسده القوي يتحمل تلك الآلام عوضاً عن جسدها الضعيف المستكين ..... ولكنها مشيئة إلهية لا يد له فيها ولو عاد الأمر له لقام بالولادة بدلاً منها .

يرسم ابتسامة على شفتيه تعكس ذلك الحنان الذي يكنُّه لها مبدلاً ذلك الألم بفرحٍ عارمٍ في نفس الزوجة التي لطالما استمدت من زوجها القوة و الأمان .
مرّت الأيام وكبر الطفل ..... ربّاه والداه تربية حسنة قامت على الصدق في زمن الكذب .
قامت على التسامح الطائفي في زمن الطائفية .
قامت على المحبة لأنه ثمرة حب في زمن الكره الأعمى .
قامت على التفاؤل بهذه الحياة في زمن جميع ما يوجد فيه يدعو للتشاؤم .
ولد في أسرة عربية غذَّت شعوره بالانتماء إلى الأمة العربية وحب العرب في زمنٍ يتنكّر الأخ لأخيه ..... يقتل العربي عدوّه العربي ...
هيّؤوه ليصبح إنسانا محترماً في هذه الحياة ... أن يعرف واجباته و حقوقه ولا يتعدّى على حقوق غيره ويقوم بواجباته بصدقٍ وأمانة , وأن يقف وقفة الحر الكريم الشهم مع عدوِّه قبل أن يقفها مع أخيه , أن يجعل العلم والعقل سلاحين لا يفارقانه في زمن لا يدعون من وُجِدَت فيه هذه الصفات أن يعيش ويُجَرَّدُ من حق الحياة .علّموه حب الوطن وبأن لقب الوطني من أسمى الألقاب في زمن أصبح فيه الوطني ينعت بالخائن وتنسب إليه العمالة .
أعطوه درساً بأن الشهادة أعظم عمل يقوم به الإنسان في هذه الحياة وبأنه يُكرّم في آخرته .... في زمن أصبح فيه جميع من يموتون تنسب إليهم الشهادة .بعد أن تتم عملية الإدراك عند الطفل يصدم بواقعه المرير .... وبأن أباه وأمه أعطياه دروساً في الحياة مقلوبة المعنى .
فيشعر الطفل بأنه ضحية حب أمه وأبيه وفي قرارة نفسه يشعر بأنه غبي لأنه استمع لهما .يقرر الأب والأم ألا يتركا ابنهما وحيدا بجلب أخ له يسند ظهره ويقويه في هذه الحياة على النوائب ...,وعندها ....يدرك أنه ليس الوحيد الذي سيقتل من حبٍ أعمى لا يدرك ما يفعله .....
فهل سيقبل ذلك الطفل بالاستمرار بالعيش بعد الآن ......!!؟

آخر تعديل butterfly يوم 22/09/2007 في 04:15.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.56772 seconds with 11 queries