عرض مشاركة واحدة
قديم 21/12/2007   #2
شب و شيخ الشباب secular
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ secular
secular is offline
 
نورنا ب:
Dec 2007
المطرح:
بقلب الحرية ...
مشاركات:
253

افتراضي



المقابلة :


1. هل تشاركنا الشعور بأن الدراسة النقدية الجادَّة للإسلام (الظهور و المنشأ، و النصوص، و المفاهيم) لا تزال في بدايتها؟ و ما هو السبب في ذلك؟
نبيل فياض: للأسف الشديد، ليس هنالك في المنطقة ذات الغالبيّة الإسلاميّة، مهما اختلفت لغاتها القوميّة، أيّة مبادرة جديّة لمقاربة الديانة المحمدية بطريقة عقلانيّة. يبدو أن الإسلام والعقل خطّان متوازيان لا يلتقيان أبداً. وكما قال الفيلسوف الدانمركي الشهير، سورن كريكغارد: إما ... أو- إما الإسلام أو العقل. كيف يمكن لعاقل أن يفهم ، على سبيل المثال لا الحصر، ظاهرة الحج منطقيّاً، خاصّة رمي الحصى على إبليس [ ديابولوس اليوناني ] أو الطوفان حول كتلة الحجارة المسماة بالكعبة أو تقبيل الحجر الأسود الذي يقتنعون أنه من الجنّة؟ أول خطوة في اتجاه العقل ستكون المسمار الأول في النعش الإسلامي؛ من هنا يمكن أن نفهم – دون أن نقبل بذلك طبعاً – سرّ رفض " علماء " الإسلام لأية مبادرة نقديّة عقلانيّة لفهم الإسلام، مهما كانت مسرفة في الحياديّة والموضوعيّة. وهؤلاء كما يعلم الجميع مدعومون من القطبين الآخرين في الثالوث النجس، أي رجال المال ورجال الحكم، الذين لا هم لهم غير الحفاظ على حشويّة المجتمع – الأمة كما يسمونها – في أعلى درجات السكونيّة. في الصراع بين العقل والنقل، بين الفلسفة والميثولوجيا، بين الحقيقة ووهم الحقيقة، لم يفز إسلاميّاً غير القطب الثاني من المعادلة؛ وما دام الحلف النجس قائماً، لن يكون ثمة جواب على سؤال: ما هي الحقيقة؟

2. كتاب الهاجرية Hagarism من تأليف المستشرقـَين المتميزين باتريشيا كرونه و مايكل كوك، وقد قمتَ بترجمته ترجمة دقيقة من الألمانية الى العربية، ماذا يريد أن يقوله الكتاب باختصار عن نشوء الإسلام؟ و ماذا تبقـَّى من أفكار الكتاب ذا قيمة علمية بعد الدراسة والتمحيص العلميَّيْن؟ فقد قرأنا أن المؤلفين رجعا عن بعض الأفكار و النتائج المطروحة في الكتاب، مثل انكارهما لواقعة (الهجرة من مكة الى المدينة) كحقيقة تأريخية. وهل الاعتماد على النصوص والاشارات خارج المراجع الإسلامية والاقتصار عليها كان عملاً علمياً تماماً؟
نبيل فياض: كتاب الهاجريّة – أسميته الهاجريّون – كان عملاً باهراً لباحثين هامّين، وقد ترجمت العمل عن الانكليزية لا الألمانيّة، لأني أفضّل أن أترجم أي نص عن اللغة الأصليّة التي كتب بها. حين اتصلت الصيف قبل الماضي بباتريشيا كرونه، وكنت وقتها في واشنطن، كانت " زعلانة " بسبب نشر الكتاب رغم معرفتها أنني سأنشره وقد جاءت إلى دمشق لدراسة المسألة قبل أعوام. بل وأجرت لقاء شاملاً مع الإذاعة السوريّة. كانت خائفة من " قضية رشدي " جديدة، إذا نشر الكتاب. لكن الحقيقة أن باتي تراجعت عن كثير من أفكار ذاك الكتاب. مع ذلك، فالكتاب يظل فريداً في مادته، رائداً في محاولته – إنه أول مقاربة لفهم الإسلام بالاستناد إلى مصادر ومراجع غير إسلاميّة. أهميّة الكتاب الفائقة تكمن في ما تحدّثت عنه في كتابي " حكايا الصعود " عن ضرورة تقاطع الأدلّة الخارجيّة والداخليّة من أجل إثبات صحة حدث. سأضرب بضع أمثلة توضيحيّة. من منظور علمي حيادي، نحن نفرّق بقوة بين الوثائق الدينيّة- الميثولوجيّة، والوثائق التاريخيّة-الواقعيّة. هنالك وثيقة دينيّة-تاريخيّة مثل هجرة محمد نبي المسلمين من مكة إلى المدينة، هنالك وثيقة دينيّة لا تاريخيّة، مثل قصة الإسراء والمعراج، وهنالك وثيقة تاريخيّة لا دينيّة، مثل رواية انتحار هتلر. بالمقابل، يمكن تصنيف الوثائق أيضاً إلى داخليّة وخارجيّة. الوثائق الداخليّة هي تلك التي تتناول الحدث من داخل الجماعة، أما الخارجيّة فهي تلك التي تتناوله من خارج الجماعة. مثلاً، صحيح البخاري وثيقة " دينيّة " إسلاميّة داخليّة. كفاحي لهتلر، وثيقة تاريخيّة نازيّة داخليّة. الأناجيل وثائق دينيّة مسيحيّة داخليّة. تاريخ أوسابيوس وثيقة تاريخيّة مسيحيّة داخليّة. بالمقابل، نص صلاة الحاخام شمعون بار يوحاي، وثيقة تاريخيّة إسلاميّة خارجيّة، فهو يصف أحداثاً إسلاميّة من قبل مؤرّخ يهودي. كذلك فإن الأحداث المتعلقة بالمسلمين في تاريخ ميخائيل الكبير هي وثائق تاريخيّة إسلاميّة خارجيّة، لأنه مكتوب من قبل مؤرّخ مسيحي. من قبلنا، نحن لا نثق كثيراً بالوثائق الدينيّة، لأن التعصّب وهوس التبشير يعميان أعين الكاتب عن رؤية الحقيقة، فيسجن ذاته في زنزانة تصوراته المسبقة. من هنا، ثمة حاجة ماسة مستمرة إلى وثيقة خارجيّة تؤكّد لنا صحة الوثيقة الداخليّة. بل أتجرّأ على القول إنه لولا وجود وثائق خارجيّة تؤكّد حقيقة وجود محمد لما آمنا بوجوده لا من بعيد ولا من قريب. باتريشيا كرونه وربما مايكل كووك سلطا الضوء الأجمل على الوثائق الخارجيّة التي تناولت ظهور الإسلام وقت ظهوره بالذات. ما ينقص هو فقط قيام أحدهم بمقاطعة الداخلي مع الخارجي والموازاة بينهما لنصل إلى أفضل النتائج. مع ذلك، في زمن مقتدى الصدر والهاشمي والمشهداني [ أنا أقبل قول نيتشه من أن القبيح خارجاً قبيح داخلاً ] والأخوان، لا نتوقع لمهمة كهذه أن ترى النور قبل أن يكنّس الزمان كل القاذورات. هل نحتاج إلى قرن مثلاً؟؟

3. (كرستوف لكسنبرغ) [اسم مستعار] الذي ألف (قراءة سريانية - آرامية للقرآن، مساهمة في دراسة لغة القرآن) Die Syro-Aramäische Lesart des Koran: Ein Beitrag zur Entschlüsselung der Koransprache بالألمانية، من هو هذا الشخص برأيك؟ أليس هو المسمى (أبو موسى الحريري) صاحب (قسّ ونبـيّ) الذي يشير فيه الى العلاقة بين الوصف القرآنى لنعيم الجنة و (ميامر) مار أفرام السرياني، وهذا ما يُذكَر بالتفصيل في الكتاب الألماني؟ و ما هي أطروحة الكتاب على وجه التلخيص؟ و ما هو تقييمك لهذا العمل و أطروحته؟ فهل اكتشف فعلاً لغة القرآن الحقيقية أم أنه قدم نظرية أحادية الجانب تقوم على افتراضات؟ وهل تمت ترجمة الكتاب الى الانكليزية؟ وهل هناك من ينوي ترجمته الى العربية؟ ألا ترى أنك - بإتقانك للألمانية ومهارتك في العبرية والآرامية - الأكثرُ قدرة على ترجمته الى العربية وأنه يَجْدُر بك انجازُ ذلك كما أنجزتَ ترجمة (الهاجرية)؟

نبيل فياض: سأكشف الآن أسراراً عديدة. طبعاً، أعرف الرجلين. وهما ليسا واحداً. أبو موسى الحريري أستاذي وصديقي والرجل الذي يستقطب إعجابي منذ أكثر من عشرين عاماً. أبو موسى الحريري – وهو راهب لبناني من الرهبنة اللبنانيّة البلديّة المارونيّة ويقيم في منطقة كسروان – ليس لكسنبرغ على الإطلاق. لكسنبرغ مفكّر سوري من شمال شرق سوريّا، يقيم في ألمانيا، أعرفه عن طريق صديق سوري سرياني مقيم في برلين. ورغم اعجابي الهائل بالجهد الذي يبذله هذان الرجلان الطليعيّان، إلا أنني أمتلك كثيراً من الملاحظات النقديّة حول أعمالهما البحثيّة. لنبدأ أولاً بالباحث والمفكّر الأب أبو موسى الحريري. أهم عمل قدمه الأب اللبناني هو " قس ونبي". وفي هذا العمل ثمة حديث عن أن محمداً، النبي، هو تلميذ القس ورقة بن نوفل، النصراني الإبيوني. من هنا، فالإسلام كله لا يتعدّى كونه الامتداد الطبيعي لكنيسة مكة الإبيونيّة النصرانيّة، التي كان رئيسها، كما قلنا، ورقة.إذا انتقلنا الآن إلى لكسنبرغ، يمكن القول إن الباحث السوري الألماني يستخدم الفيلولوجيا لإثبات أن الإسلام ليس غير امتداد للمسيحيّة، بلغتها السريانيّة. موقفي من العملين هو التالي:
النصارى غير الإبيونيين؛ والإبيونيون، كما أشرت في كتابي الضخم، النصارى، ليسوا فئة واحدة. النصارى كانوا يؤمنون بأن المسيح هو ابن الله، إله حق من إله حق؛ بعكس المسلمين. النصارى كانوا يؤمنون بالصلب؛ رغم وجود بدعة مسيحيّة انتهت منذ زمن طويل لم تكن تؤمن بالصلب، معتبرة أنه " شبّه لهم ". وهؤلاء كان اسمهم المشبهة. بالمقابل، لا يوجد في كل الأدبيّات الإسلاميّة أي حديث عن الإبيونيين أو كنيستهم في مكة أو أن ورقة كان راعيهم هناك. بل هل يعقل أن يكون ورقة قسّاً مستوحداً بلا مرجعيّة ولا زملاء؟ النصارى تسمية أخذها محمد دون تفكير – كأشياء كثيرة غيرها – عن اليهود. اليهود حتى الآن يسمون المسيحيين نصارى. ولو أنهم أسموهم مسيحيين لكان في ذلك اعتراف مبطن بأن يسوع هو المسيح المنتظر، وهذا ما يرفضه اليهود بشدّة. محمد، وفي تناقض معرفي لا يجارى، يؤمن أن يسوع ( أو عيسى ) هو المسيح، ويسمّي أتباعه في الوقت ذاته نصارى. من هنا، وكما أثبتنا في معظم أعمالنا، الإسلام هو امتداد لليهوديّة الربانيّة التلموديّة. والقرآن مليء حتى الثمالة بالأساطير الحاخاميّة المأخوذة عن التلمود أو المدراش؛ بغض النظر عن الحديث والتفاسير. الإسلام ليس نصرانيّاً البتة. وإذا كان تأثر محمد بشكل غامض للمسيحيّة في فترة قصيرة من حياته وهو ما أوصله إلى إقحام قصة المسيح وأمه في القرآن، فالديانة المحمديّة تلمودية بلا منازع، إذا ما شلنا منها الجمل القليلة ذات الصلة بنوع محرّف من التقاليد المسيحيّة. طبعاً، لا بد من الإشارة أيضاً إلى أن باحثاً ألمانياً هاماً هو شويبس، أشار في عمل له قبل أكثر من ستين عاماً إلى العلاقة بين العقائد الإبيونيّة والإسلام. هذا يعني أن ما جاء به الأب حريري ليس غير معروف، وإن كنت أستبعد أن يكون شويبس ألهم حريري عمله. لكسنبرغ، السوري السرياني، كما قلنا، حاول أيضاً أن يثبت مسيحيّة الإسلام عن طريق فقه اللغة. لقد قرأ القرآن من جديد وفق فهمه للغة السريانيّة. لكن لكسنبرغ أيضاً لم يكن الأوّل في طريقته في المقاربة، فقد سبقه إلى ذلك، بشكل أو بآخر، المستعرب الأمريكي، جي. إيه. بلامي J. A. Bellamy، واللاهوتي الألماني، غونتر لولينغGünter Lüling . من ناحية أخرى، لا بدّ من الأشارة هنا إلى كتاب " تاريخ القرآن" لنولدِكِه – موجود في ترجمة عربيّة رائعة – الذي كان النبع الذي استلهم منه كثيرون. وكما أشرنا من قبل، فإن أدلّة لا حصر لها توحي أن المحمدية إن هي إلا استمرار لليهوديّة التلموديّة الحاخاميّة، بما في ذلك أدلّة بحوزتنا تقول بصريح العبارة إن محمداً كان يرتاد باستمرار بيوت هامدراش اليهوديّة في يثرب. بالنسبة لترجمة عمل لكسنبرغ، فقد قرأت مؤخراً أنه تُرجم من قبل شخصين سوريين، أعرف أحدهما وأعرف أنه لا يجيد الألمانيّة.

4. ترجمتَ قسماً من التلمود (البابلي) وهو سفر (عابوده زاراه) (عبدة الأوثان) الى العربية، ماذا دفعك الى اختيار هذا السفر بالذات لترجمته؟ ولماذا ترجمتك هذه نادرة في العالم العربي؟ ونحن نعلم أن سفري (عابوده زاراه) و (آبوت) هما كل ما تُرجـِم من التلمود البابلي الى العربية، فهل هناك مشروع لترجمة التلمود البابلي بأكمله؟ أو هل ترى جدوى في مثل هذا المشروع؟
نبيل فياض: لا يمكن أن نأمل بأي جهد بحثي راق من الناطقين بالعربيّة في هذا الزمان. مع ذلك، فإن ترجمة التلمود والمدراش هامة للغاية إذا ما أردنا أن نعرف بدقّة مصادر الديانة المحمديّة. وكما قال غنسبرغ، فقد نظر محمد إلى التوراه بعيون الهاغاداه – من هنا، من الواجب علينا أن نمتلك هذه الأغاداه أو الهاغاداه إذا ما أردنا لبحوثنا أن تخرج من ظلمات الأسطورة إلى نور العقل. بالنسبة لترجمتي للـعابوداه، فهي تهدف إلى إظهار الأصل المعرفي لعقليّة التكفير في الإسلام.

5. توجد تشابهات بين قواعد من أصول الفقه الإسلامي وقواعد التفسير المتـَّبَعة في التلمود (وهي القواعد السبع التي تطورت الى 13 قاعدة و أكثر وتعرف بالمقاييس Middot، ويُنسَب الفضل الأول في صياغتها الى هليل)، فمثلاً قاعدة (القياس) في أصول الفقه الإسلامي، تقابلها القاعدةُ الثانية: قاعدة Gesevah shaweh و هذه تقوم على اعتبار أن الشرائع المماثلة لها أحكام مماثلة، فهي استدلال على أساس القياس اللغوي في التوراة. وكذلك قاعدة التعميم و التخصيص في أصول الفقه الإسلامي، تقابلها القاعدة الخامسة المزدوجة: العام و الخاصKelal u-ferat و الخاص و العام Ferat u-kelal. إضافة الى أن نشوء الفقه (الاستنباطي) الإسلامي ومدرسة الرأي خصوصاً كان في العراق ونحن نعرف أن مدارس الفقه التلمودي (عصر الأموراييم و الصبورايم) ازدهرت في العراق (و إن كانت سبقت الإسلام)، و أن كلتا مدرستي (الأثر) و (الرأي) يمكن تتبع مثيل لهما في التلمود.. فهل تكفي هذه الاشارات للقول بوجود تأثير محدد للفقه التلمودي في الفقه الإسلامي؟ (و نريد بالفقه تشريعاً مؤسساً على منهج استنباطي و ليس مجرد أحكام مفردة)، أم أن هذه التشابهات نابعة من تشابه الشخصيتين (الإسلامية) و (اليهودية التلمودية) أساساً؟
نبيل فياض: الجواب في اعتقادي – وهذا اجتهاد دون أدلّة مباشرة لأني لم أعمل في الجانب الشرائعي-الهالاخي بل اقتصر نطاق بحثي على المقارنات الأسطوريّة الأغاديّة – هو أن الإسلام أخذ معظم شرائعه عن اليهوديّة، مثلما أخذ من قبل معظم تراثه الأسطوري عن تلك الديانة ذات الخزّان المعرفي الهائل.

6. أنت تقريباً من مؤيدي نظرية الأصل اليهودي - الحاخامي للفكر الديني الإسلامي، ولكن أكثر المستشرقين، وفي مقدمتهم ألفونس مِنْكـَنا صاحب (التأثير السرياني في أسلوب القرآن) و آرثر جِفري صاحب (المفردات الأجنبية في القرآن) و كرستوف لكسنبرغ صاحب (قراءة سريانية - آرامية للقرآن) يؤكدون الأصل الآرامي والسرياني (وليس العبري) المباشر للمصطلحات وأسماء الأعلام/ و حتى بعض المفردات الأساسية/ القرآنية (وأما لكسنبرغ فيزعم أن مقاطع من القرآن مثل سورة الكوثر، هي إعادة قراءة لمقاطع من نص سرياني مثل الترجمة السريانية للعهد الجديد: مقطع من رسالة بطرس الثانية تحديداً)، فهل هذا يؤكد تأثير النصوص المسيحية السريانية (للبشيطه ولآباء الكنيسة السريان) أم النصوص اليهودية الربانية الآرامية مثل التلمود والمدراش؟
نبيل فياض: أنا أؤمن بالعمل المدعم بالوثائق. الوثائق تقول إن التلمود البابلي وحده متقاطع مع القرآن في عشرات المقاطع، في حين أنه لا توجد نصوص مسيحيّة يمكن مقارنتها مع ما يماثلها في التراث المحمدي. إذا أخذت مثلاً من كتابي حكاية ابراهيم حجم التطابق بين معاسه أبراهام، النص الأغادي الشهير، والنصوص القرآنيّة المقابلة، سوف تدهش. التطابق حتى في الألفاظ التي هي ذاتها أحياناً، خاصة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار القرابة الوثيقة بين اللغتين العربيّة والعبريّة. من ناحية أخرى، نحن نفتقد على نحو شبه مطلق أي نوع من المعرفة الموثوقة بنوعيّة اليهوديّة التي سادت زمن محمد في الحجاز واليمن. لكن لماذا لا يكون الأثر الآرامي كان جاء من اليهود، لا المسيحيين؟ العبرانيّة والآراميّة لغتان شقيقتان؛ بل في العهد القديم نصوص لا بأس بها مكتوبة أصلاً بالآراميّة. العهد الجديد، بالمقابل، مكتوب كلّه باليونانيّة، باستثناء إنجيل متى الآرامي المفقود حتى الآن. نضيف أيضاً أن هنالك إشارات لا بأس بها إلى انتشار الترغوم بين يهود جزيرة العرب زمن محمد.

7. بالنسبة لرواية (شيفرة دا فنشي) لـ (دان براون)، الى أي حد يمكن الوثوق بمعطياتها كحقائق تأريخية؟ وهل نجحت الرواية في الحاق ضرر حقيقي بالمسيحية والكنيسة؟ وماذا تقول الدراسات النقدية الجادة عن شخصية (مريم المجدلية) و علاقتها بالمسيح وعن (الكأس المقدسة) ولوحة (العشاء الرباني)؟

نبيل فياض: لم أقرأ شيفرة دافنشي قط. الكتاب رواية أكثر منه عملاً بحثيّاً. بالمقابل، فإن أعمالاً كثيرة تناولت المسيحيّة بالنقد الأعنف، بما في ذلك مثلاً رواية behold the man لمايكل موركووك، ولم تتأثّر الكنيسة: المسيحيّة، في جوهرها، إرادة حرّة. الله يعطيك حتى حق رفضه، كما تقول الكنيسة الكاثوليكيّة. منذ زمن طويل أنكر باحثون كُثـُر وجود المسيح تاريخيّاً اعتماداً على أدلّة موضوعيّة، ولم تصادر الكنيسة حق البحث هذا.

8. نجد من يحاول أن يتتبع جذور العنف الديني وفقه الارهاب في تأريخ الخوارج و آدابهم المبكرة، ويرى في الخوارج السابقة َ الأولى لما يمكن تسميته بالارهاب الديني أو الإسلامي. ماذا تقول بهذا الصدد؟
نبيل فياض: الإرهاب بدأ مع محمد ومنه جاء كل من رفع رايات الإرهاب. الإرهاب جوهر الدعوة الإسلاميّة. مقارنة بأبي لهب، محمد إرهابي par excellence . لقد شتم محمد آلهة قريش ولم تقتله. كل التاريخ الإسلامي حول محاولات قريش قَتْلَ محمد أكاذيبُ سهلةُ الدحض: هل يستطيع عاقل الإيمانَ بقصّة خروج محمد وهروبه مع الصدّيق (!!!) وتركه لعلي في فراشه ولجوئه إلى الغار والحمامة والعنكبوت؟ إنها ملطوشة بالكامل من التراث العبراني! بالمقابل، فإن محمداً أمر بقتل عبد الله بن أبي سرح ولو وُجِد معلّقاً بأستار الكعبة، فقط لأنه اكتشف حقيقة وحيه المزعوم – وكان كاتباً له – وكان طبيعيّاً أن يرتد عن الإسلام!!! هل نذّكر بما فعل محمد بشاعر يهودي ذمّه؟ أو بامرأة عجوز رفضت خيالاته اسمها أم قرفة؟

9. كيف تنظر الى الحق اليهودي المزعوم في فلسطين، وكيف ترى مستقبل اسرائيل كدولة وكمستوطنة؟ ونريد أن نسمع الجواب منك وليس من إسلامي أو قومي.
نبيل فياض: أقرف من كل من يستخدم الأكاذيب لترسيخ وقائع. في النهاية، ما الفرق بين ما يزعمه اليهود وما يزعمه غيرهم؟ أسأل هنا: ماذا لو كانت إيران الخمينيّة أو حزب الإله أو السعوديّة تمتلك قوّة أمريكا أو حتى إسرائيل؟ ربما أنه من أوضح الأدلة على وجود قوة عادلة في الكون هو أن هؤلاء أضعف من أن يفرضوا أكاذيبهم على الآخرين بإرادة القوة.


10. أعلنتَ أنك بعد اصدار كتاب (كمشة بدو) تتوقف عن الكتابة في مجال الإسلاميات.. هل توقفت الآن بالفعل في أبحاثك عن الإسلام؟ وهل ترى أنك بانقطاعك عن ذلك المجال تفعل الصواب وأنت القدير على البحث العلمي عن جذور الإسلام و تأريخه المبكر؟ ألا ترى أنك تستطيع أن تحقق الكثير من التقدم في مجال الدراسة العلمية للإسلام والأديان عموماً، لو استمرَرْتَ في عملك كباحث في ذلك المجال؟
ن. فياض: الإسلام هو التبرير غير المعقلن لفلسفة الدمار. الحياة جميلة. والحياة بناء وحب. لقد أتعبني الغوص في تراث الحقد. أنا بحاجة إلى أنهار من مطهر فلسفات الحب والعيش. لا بدّ من ترك هذا الدين المكبّل بالكراهية. إدمان تنفس التلوث يقتل المرء مهما حاول تنقية صدره.


إنّ أغرب ما في الإسلام، كمنظومة معقّدة للغاية، هو هذه القوة الاستلابيّة التي تجعل المرأة تدافع عن تحقيرها الذاتي . نبيل فياض
_____
منتدى المسيحيين العرب
http://www.ch-arab.com/vb/index.php
 
 
Page generated in 0.09516 seconds with 11 queries