عرض مشاركة واحدة
قديم 30/05/2008   #39
شب و شيخ الشباب مالك الحلبي
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ مالك الحلبي
مالك الحلبي is offline
 
نورنا ب:
Jan 2008
المطرح:
حلب
مشاركات:
990

افتراضي


تأشيرة أمريكا
الكل يعرف أن الحصول علي تأشيرة أمريكا أمر صعب ويتطلب الوقوف في طوابير طويلة أمام قنصليتها وانتظار الرد لأسابيع وربما شهور وقد تأتي الإجابة برفض طلب المتقدم دون إبداء الأسباب‏.‏ لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن تأشيرة أمريكا تستوجب أمرا آخر أخطر من ذلك في رأيي وهو التنازل عن جانب من كرامة الإنسان عندما يضطر المتقدم للحصول علي تلك التأشيرة إلي الإجابة عن أسئلة مخلة بالشرف وتمس الآداب العامة ولا يجوز طرحها إلا علي شخص تم إلقاء القبض عليه في ظروف خاصة تجعل الشك يساور المحققين في أنه مجرم عتيد أو أنها سيدة مشكوك في سلوكياتها إن كانت امرأة‏.‏

وربما لم يلفت نظر الكثيرين السؤال رقم‏38‏ في الاستمارة الخاصة بطلب تأشيرة دخول الولايات المتحدة‏.‏ ويحتوي هذا السؤال في الواقع علي عدة أسئلة تتصاعد درجة الصفاقة فيها إلي أن تصل إلي أعلي درجات الاستفزاز والاستهتار بعزة النفس التي يجب أن يتحلي بها كل إنسان‏..‏ خاصة وأنها تمس عصبا حساسا لدينا في مصر والعالم العربي وهو العرض والشرف‏.‏

ويأتي الجزء الأول من السؤال كتمهيد للجزء الثاني الذي أثار ذهولي عندما اطلعت عليه‏.‏ ويقول هذا الجزء الأول حسبما جاء بالترجمة الرسمية علي موقع وزارة الخارجية الأمريكية في بند تأشيرات الدخول للولايات المتحدة‏:‏

‏ هل سبق إلقاء القبض عليك وإدانتك لارتكابك مخالفة أو جريمة حتي لو كان قد صدر لصالحك عفو عام أو خاص أو أي إجراء قانوني آخر مماثل لذلك‏'‏

إلي هنا لا يوجد تعد حقيقي علي حقوق المتقدم بطلب التأشيرة حيث أن الاطمئنان علي صحيفة السوابق أمر مقبول وربما تطلبه دول أخري كإجراء وقائي بهدف الاطمئنان إلي شخصية الراغب في الحصول علي التأشيرة‏..‏

لكنك عندما تنتقل إلي الجزء الثاني من السؤال‏38‏ فإن عليك أن تمسك أعصابك حتي لا تنفجر من الغضب حيث يقول بالحرف الواحد‏:‏

'‏أو سبق لك الاتجار في أو بيع مواد ممنوع تناولها‏(‏ المخدرات‏)‏ أو احترفت البغاء أو عملت قوادا‏'‏

وهناك في الواقع ثلاثة أسئلة في هذا الجزء‏.‏ الأول خاص بالاتجار بالمخدرات وهو سؤال أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه سؤال صفيق‏.‏

لكن قمة الاستهزاء بكرامة الناس تتجلي في آخر سؤالين‏.‏ ومن الواضح أن الجزء الأول يتعلق بالسيدات حيث يسأل في‏'‏ براءة‏'‏ إن كانت المتقدمة بالطلب قد احترفت البغاء‏..‏ أي بصراحة شديدة‏..‏ إن كانت عاهرة‏!!‏

فتخيل أيها القاريء الكريم إذا اجترأ أحد وسأل زوجتك أو شقيقتك أو والدتك إن كانت قد مارست الدعارة وإن كانت لا تزال عاهرة‏.‏ وماذا تكون الحالة النفسية لسيدة محترمة عندما تواجه بمثل هذا السؤال‏.‏

أما بالنسبة للرجل فإن عليه أن يدفع عن نفسه تهمة خطيرة وهي أنه عمل أو لا زال يعمل قوادا‏!!‏

ويتوجب علي الراغب في الحصول علي تأشيرة أمريكا أن يمسك بالقلم ويجيب صاغرا عن هذه الأسئلة المهينة التي تنتقص من حقوق الإنسان‏.‏

أفليس من أهم حقوق الإنسان ألا يوضع في قفص الاتهام أو أن يتعرض لموقف يضطر فيه إلي أن يدفع عن نفسه تهما لا علاقة له بها من قريب أو بعيد وأن يدرأ عن نفسه الشبهات المهينة التي يتضمنها طلب التأشيرة الأمريكية أليس من أبسط حقوق الإنسان ألا تثار حوله الشكوك دون وجود أي مبرر ولا أي سند من الواقع‏.‏ ولو اكتفي السادة الأمريكيون بالسؤال الأول حول صحيفة السوابق ثم جاءتهم الإجابة بالإيجاب وبأن المتقدم سبق وصدر ضده حكم قضائي‏..‏ فعندها‏..‏ وعندها فقط‏..‏ تكون هناك مبررات للشك فيه واعتبار أنه من الوارد أن يشكل خطرا علي أمن البلاد فيكون هناك منطق في طرح الأسئلة الإضافية الأخري‏.‏ أما أن تطرح علي الناس‏'‏ من الباب للطاق‏'‏ أسئلة تمثل إهانات لأشخاصهم فهذا غير مقبول‏.‏

وأعجبني كثيرا موقف الأستاذ شريف عبد المجيد الذي ما إن وقعت عيناه علي السؤال رقم‏38‏ في استمارة التأشيرة الأمريكية حتي استشاط غضبا وقرر الامتناع عن الإجابة عنه‏.‏ وقد أكد لي أنه يرفض تماما الذهاب إلي الولايات المتحدة طالما لم يتم شطب هذا السؤال من طلب الحصول علي التأشيرة‏.‏ ومما يحسب للأستاذ شريف أنه نجل فارس الدبلوماسية الدكتور عصمت عبد المجيد وأنه قضي جزءا هاما من طفولته وشبابه في أمريكا مرافقا لوالده‏.‏

ومن العجب أن تأتي هذه الأسئلة من الولايات المتحدة التي تنتشر فيها الدعارة ويمارس القوادون مهنتهم في وضح النهار كما تكشف كتبهم ومسلسلاتهم وأفلامهم‏.‏ وفي مؤتمر شرم الشيخ الأخير انبري جورج بوش لإعطاء دروس للعالم العربي في كيفية احترام الديمقراطية وحقوق الإنسان‏.‏ وكان الأولي به أن يبدأ بكنس الحثالة من أمام داره أولا‏.‏ فسياسته قائمة علي الغطرسة والتعالي علي شعوب العالم‏.‏ والسؤال‏38‏ هو نموذج معبر عن ذلك‏.

(إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) [النور:19]
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05519 seconds with 11 queries