عرض مشاركة واحدة
قديم 06/09/2009   #1
شب و شيخ الشباب Nasserm
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ Nasserm
Nasserm is offline
 
نورنا ب:
Aug 2009
المطرح:
نقطة زرقاء باهتة
مشاركات:
998

افتراضي لماذا يتقدم "الكفار" ويتخلف "المؤمنون"؟


ليس هناك أدنى شك أن أكثر شعوب الأرض تخلفا ً، بكل أسف ، هم المسلمون ، وذلك بشهادة تقارير التنمية البشرية التي تصدرها الأمم المتحدة ، ويشرف عليها نخبة من أشهر الخبراء والباحثين المسلمين . بعبارة أخرى ، فقد شهد شهود من أهلهم .

لقد غدا اسم المسلمين مرتبطاً في أذهان العالم بالعنف والفقر والمجاعات والاضطرابات والتخلف ، إلا ما رحم ربي . فحتى باكستان التي تمكنت من صناعة القنبلة النووية على وشك أن تصبح دولة فاشلة بسبب الفقر والقلاقل والفساد وسوء الإدارة . أما حكام تركيا العلمانيون فما زالوا يعتبرون أنفسهم أقرب إلى الغرب منه إلى المسلمين ، لا بل يرون في التقدم البسيط الذي حققوه ثمرة لتخليهم عن الإسلام واعتناق العلمانية . وقد سمعنا العديد من الأتراك يقول إنه من الأفضل لتركيا أن تكون في مؤخرة الغرب على أن تكون في مقدمة العالم الإسلامي .

ولا داعي للحديث عن العالم العربي الذي تعود بعض بلدانه إلى عصر ما قبل الدولة سياسيا ً، فما بالك علمياً وتكنولوجياً .

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا : لماذا يقبع المسلمون الذين يعتبرون أنفسهم خير أمة أخرجت للناس أكثر أمم الأرض تخلفاً ؟ لماذا يتخلف المسلمون المؤمنون ، ويتقدم كل من يعتبره المسلمون كافرا ً؟

تشير التقديرات إلى أن أكثر من نصف الشعب الصيني العظيم الذي يربو تعداده على أكثر من مليار نسمة لا يؤمن بأي دين . أي أن هناك أكثر من نصف مليار من الصينيين ملحدون حسب النظرة الإسلامية . لكن مع ذلك فقد تمكن هؤلاء "الكفار" من تحقيق أكبر معدل للتنمية شهدته البشرية في تاريخها ، إذ كان يبلغ معدل التنمية في الصين حوالي خمسة عشر بالمائة قبل بدء الأزمة المالية العالمية . وقد تمكنت الصين بفضل هؤلاء "الكفرة" الذين لا يؤمنون بأي شيء من غزو معظم بيوت العالم . فقد تباهى مسؤول صيني قبل فترة بأن الصين هي من تغزو العالم وليس أمريكا . وقد تحدى المسؤول الصيني الأمريكيين بأن يدخلوا ربع البيوت التي دخلها الصينيون بمنتجاتهم التي غزت أمريكا نفسها . ولا شك أن المسؤول محق في تفاخره ، فقد وصل الأمر بالصينيين إلى تصنيع الأعلام الأمريكية التي تزين سطح البيت الأبيض ، ناهيك عن أن فوانيس رمضان التي تملأ شوارع مصر الإسلامية مصنوعة في الصين . وحدث ولا حرج عن سجاجيد الصلاة التي يركع فوقها ملايين المسلمين في العالم ، فقد صنعها "كفار" لا يؤمنون إلا بإتقان عملهم وتأدية واجباتهم على أكمل وجه . ولا داعي للتذكير بأن ألوف الهدايا التي يشتريها الحجاج المسلمون في مكة المكرمة من مسابح وسجاجيد وتحف إسلامية وغيرها مكتوب عليها "صُنع في الصين" .

والأنكى من ذلك أن البعض يعزو التقدم الذي حققته دولة ماليزيا "الإسلامية" ليس إلى الشعب الملاوي المسلم ، بل إلى الصينيين الذين يشكلون شريحة لا باس بها من سكان ماليزيا . فلولا الصينيون غير المؤمنين لما سطع نجم ماليزيا في العالم حسب أصحاب الرأي أعلاه .
ولو توجهت إلى ثاني أكبر بلد في العالم ألا وهي الهند ستجد أن السواد الأعظم من سكانها يعبدون البقرة ، مع ذلك فهم يتربعون على عرش صناعة برامج الكومبيوتر ومستلزماته في العالم . وقد اشتكى الكاتب الأمريكي الشهير توماس فريدمان قبل فترة من أن أمريكا ستسلم الهنود لاحقاً قصب السبق السيليكوني بعد أن انتقل "وادي السيليكون" الكومبيوتري إلى الهند .

بعبارة أخرى فإن أكثر شعوب الأرض نهوضاً هي شعوب غير مؤمنة بالمقاييس الإسلامية . وحدث ولا حرج عن سادة العالم أنفسهم ، وأقصد الغرب ، فقد حقق كل انجازاته العلمية والتكنولوجية بعيداً عن الدين والإيمان .

أما نحن المسلمين فنمضي ثلاثة أرباع وقتنا في تصنيف الشعوب إلى كفار ومؤمنين وإصدار شهادات حسن سلوك إيمانية للبشرية ، ناهيك عن تكفير بعضنا البعض حتى لو كان مسلماً يشهد بأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله . ولو أمضينا عشر وقتنا في التعلم من "الكفار" الذين نستهلك بضائعهم وسلعهم من الإبرة حتى الطائرة لربما تخلصنا من بعض تخلفنا .

ليست هذه ، بأي حال من الأحوال ، دعوة للكفر والإلحاد ، بل صرخة استنهاض لتوظيف ديننا الحنيف ، كما وظفه المسلمون الأوائل ، وحققوا من خلاله العزة والكرامة والمجد والسؤدد والنهضة . فكلنا يتذكر كيف غير المخترعون المسلمون الأوائل وجه العالم ، بشهادة الغرب نفسه ، من خلال اختراعاتهم الإسلامية العظيمة التي كانت الأساس الذي ارتكزت عليه الحضارة الحديثة ، حتى لو حاول البعض تصوير عصر النهضة العباسي بأنه كان أقرب إلى العلمانية .

قد يجادل البعض أن ابن سينا ، وهو من جهابذة علوم الطب ، وصاحب المؤلف الشهير "القانون في الطب"، لم يكن مؤمناًً ؛ وأن عمر الخيام الذي يُنسب إليه تطوير علم الجبر إلى آفاق غير متوقعة ، وتعترف البشرية بفضله في حل معادلات الدرجة الثالثة والرابعة ، ويعتبر من أكثر العلماء غزارة في مؤلفات الرياضيات ، أنهى حياته مشككاً في كل ما تحمله الرواية الدينية من قوالب جاهزة ؛ وأن أبا بكر الرازي وهو من أشهر علماء الطب كان على خلاف مرير مع المتدينين . لكن هذا لا ينفي أبداً الدور الهائل الذي لعبه الإسلام العظيم في النهضة العلمية والاقتصادية والتجارية والثقافية والعسكرية التي أنجزها المسلمون في العصرين الأموي والعباسي ، وما قبلهما بقرون .

فلنعد إلى الإسلام العلمي التحرري النهضوي الاستشرافي الذي من شأنه ليس تخليصنا فقط من تخلفنا العلمي والصناعي ، بل من الممكن أن يجعلنا نقود البشرية حضارياً .



د. فيصل القاسم

الشرق القطرية

http://sharq.netdesignplus.com/artic...ate=2009-09-06

ربما كان عدم الاتفاق أقصر مسافة بين فكرين. (جبران النبي)
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04087 seconds with 11 queries