عرض مشاركة واحدة
قديم 10/08/2007   #1
شب و شيخ الشباب أسير التشرد
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ أسير التشرد
أسير التشرد is offline
 
نورنا ب:
Apr 2006
المطرح:
ع سطح القمر (كندا)
مشاركات:
3,811

سوريا موجز عن الحرب العراقية الايرانية..(80-88)...


كان راديو صوت أميركا يبث بين الحين والآخر أن ديكويلار الأمين العام للأمم المتحدة على وشك إعلان وقف لإطلاق النار بين العراق وإيران، وأن هذا الإعلان سيدخل حيز التنفيذ النهائي في تمام الساعة صفر من ليلة العشرين من آب (اغسطس) 1988... كانت الآذان تصغي بشدة، فالتلفزيون والإذاعة العراقيان اعتادا الانتظار حتى صدور البيان الرسمي للتحرك وبالتالي كان الإستماع إلى الإذاعات الغربية، على الرغم من كونه جريمة، إلا أنه مستحب لمعرفة المزيد حتى من أعضاء الحزب والثورة.

كانت تلك الساعات هي الساعات الأخيرة من حرب دامت ثماني سنوات... ظن صانعونها أنها لن تدوم كثيرًا، ولكن المجريات كانت على العكس تمامًا، فالسياسيون وجدوا في الحرب فرصة لإثبات كراسيهم والفقراء كانوا رغمًا عنهم وقودًا لتلك النار.

مرت تلك الحرب في فصول كثيرة كان ابرزها البداية القوية للعراق، ومن ثم المرور في الوقت الذي عانى منه العراق من أزمة السلاح، ومع بداية عام 1983 بدأت أولى التقارير الإيرانية تشير إلى استخدام العراق للأسلحة الكيمياوية، ومرورًا بحروب المدن واستهداف الناقلات في الخليج وانتهاء بفترة التقدم العراقي في الحرب، وأخيرًا كأس السم الذي شربه الخميني بموافقته على وقفها بعد أن عزل عن المجتمع الدولي أو هكذا تصور الجميع.

سماها صدام (القادسية) وسرعان ما تحولت إلى (قادسية صدام) بينما سماها الإيرانيون بـ "الحرب المسلطة من قبل النظام العراقي" و"الدفاع المقدس" و"حرب الثورة الإسلامية"، ولم تخرج تلك الحرب من شعارات الطرفين الاسلامية، على الرغم من ابتعاد نهج النظامين اسلاميًا على الاقل، وكانت تلك الحرب ضرورية لإثبات اقدام هذين النظامين وشغل شعبهما بما هو بعيد عن الانقلابات.

تعود جذور الحرب العراقية الإيرانية إلى قرون مضت، ويعتقد أن تبعاتها ستستمر لقرون قادمة وما يعيشه العراق اليوم من هيمنة إيرانية واضحة على مقدراته لا يخرج عن إطار هذا التاريخ أبدًا، إلا أن الأهم هو الإشارة إلى ما بعد سقوط العهد الملكي في العراق في عام 1958 عبر (مجزرة الرحاب) تلك المجزرة التي راحت ضحيتها العائلة المالكة في العراق وقادت عبد الكريم قاسم للوصول الى السلطة، وكان قاسم اول من طالب بحقوق سكان الاهواز العرب (محمرة وخرامشهر) حيث كانت جزءًا من العراق قبل أن تسلمها الدولة العثمانية في زمن ضعفها لإيران، وكان أن بدأ العراق يدعم الحركات الانفصالية في خوزيستان تلك المحافظة الايرانية المعروفة بغناها النفطي وموقعها الاستراتيجي، وقد قرر العراق في مرحلة لاحقة رفع القضية الى الجامعة العربية دون أن تنجح جهود العراق في ضمان وقوف العرب معها في تلك المطالبات.

كان مجيء حزب البعث العربي الاشتراكي الى السلطة في العراق بمثابة فصل آخر في زيادة التباعد الايراني العراقي حيث بثت الإذاعة العراقية عام 1969 في أحد أخبارها أن العراق يختلف مع إيران بخصوص عربستان (خوزيستان) بإعتبارها جزء من الاراضي العراقية، وتم قضمها بسبب حكم الاجنبي.

بدأ العراقيون في الحال ببث اذاعتهم الموجهة نحو عربستان وكذلك بلوشستان داعية سكان المنطقتين إلى الثورة ضد نظام الشاه، فيما بدأ تلفزيون البصرة ببث خريطة للعراق وخوزستان جزء من محافظة الناصرية التي قسمت فيما بعد إلى أجزاء اصغر واصبحت الناصرية في منتصف الجنوب.

كان قرار إيران بالسيطرة على جزء طنب الصغرى وطنب الكبرى وابوموسى بعد انسحاب بريطانيا من الامارات، قد تسبب في اتخاذ العراق وعدد من الدول العربية قرارًا بقطع العلاقات الدبلوماسية بينها وبين ايران، وهو الامر الذي اضاف سوءًا على سوء العلاقات العراقية الايرانية.

ولم تتوقف ردة فعل العراق عند هذا الحد، بل ان العراق بدأ بطرد من كان له (تبعية ايرانية) حسب وصف (الثورة) العراقية الجديدة وكان ضحية هذا القرار اكثر من 70 الف عراقي غادروا على عجل وحملوا كل ما خف وزنه إن استطاع، وتركوا على الحدود العراقية الايرانية، وكانت اصوات هولاء لدى الجامعة العربية والامم المتحدة غير مسموعة أبدًا.

كان شط العرب ايضًا مثار جدل بين الدولتين باعتباره مصدرًا مهمًا لتصدير النفط عبره، وبالنسبة إلى العراق خصوصًا الذي لم يكن يملك الكثير من المساحة على الخليج، تلك المساحة التي تراجعت تدريجيًا بتقدم الكويت الى الشمال اثناء الحرب العراقية الايرانية التي اندلعت فيما بعد، إلا ان المسألة الكردية كانت الورقة الرابحة بيد القوتين حيث استمتعت كلاهما في التلاعب بها متى ارادت وكان القرار بإقفال تلك القضية والقضاء عليها عام 1975 عبر توقيع اتفاقية بين الشاه وصدام حسين، وقبل ذلك كانت القوات العراقية قد بدأت هجومها على القوات الايرانية ووقع ضحايا كثر في صفوف كلا القوتين عام 1974، ومما يذكر في تلك الفترة أن وزير الخارجية الاميركي هنري كيسنجر قد نصح صديقه الشاه بمهاجمة العراق عن طريق الجنوب لقطعه عن الخارج عبر استهداف اطلاله على الخليج اولاً، ثم التقدم نحو الشمال الى بغداد، وهو ما حاول النظام الاسلامي في ايران تحقيقه اثناء الحرب واميركا بعد حوالى 30 عامًا وبريطانيا قبل 100 عام حينما جاءت من الجنوب لغزو العراق على الرغم من ادعاءات سبقت الحرب بتقدم من الشمال أو الغرب نحو بغداد لكن صدام حسين لم يكن ليتعلم الدرس.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04881 seconds with 11 queries