عرض مشاركة واحدة
قديم 28/03/2009   #71
صبيّة و ست الصبايا saba n
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ saba n
saba n is offline
 
نورنا ب:
Mar 2008
المطرح:
عالم الرؤى
مشاركات:
597

إرسال خطاب Yahoo إلى saba n
افتراضي



كتب عنه زميله سامي عبد الحميد:_
شهد مطلع الستينيات من القرن العشرين ظهور مؤلفين مسرحيين عراقيين جدد تميزت مسرحياتهم بمواضيعها المستجدة التي تختلف عن مواضيع سوابقها من المسرحيات خصوصاً في طروحاتها عن وجود الانسان ومصيره في هذا العالم، بشكل وبأسلوب يقترب كثيراً من الاشكال والاساليب الحديثة، فيوسف العاني كتب (المفتاح والخرابة) و (عادل كاظم) كتب (الطوفان) و (تموز يقرع الناقوس) ومن ثم ظهر (طه سالم) الذي كان اكثرهم تطرفاً في طليعية الكتابة للمسرح كما هو الحال في (فوانيس) و(طنطل) على اساس ان العالم الموجود على المسرح ليس عالماً حقيقياً واكثر من ذلك انه رمز لهذا العالم. ان كل شئ في الواقع غير حقيقي ان المشاهد يسأل ليضع نفسه في حالة واعية بها يقبل ويرفض الحقيقة التي تطوى قبل ان يغمض عينيه.
ان كل شئ على المسرح يحدث وكأنه حقيقة الواقعية، وعلى اساس ان المسرح هو ثورة ضد الاشكال المتبعة التي تمثلها الدراما الواقعية والطبيعية بهدف ايقاظ المتفرج ليدرك ان هناك ما هو غير منطقي في حياتنا اليومية وعلى اساس ان لغة المسرح هي لغة الطقوس.
لقد تميز مسرح الطليعة او مسرح اللا معقول الذي ظهر في اوربا في مطلع الاربعينيات بالميزات التالية:
1-رفض للنظام التقليدي في بناء المسرحية- السبب والنتيجة، العرض، العقدة، والحل واستبداله بنظام دائري يكتشف جوهر الموضوع.
2-شخصيات هي نماذج اكثر مما تكون ذوات.
3-تعميم المكان والزمان
4-الكلمات تكون في المقام الثاني
5-المناظر سرية ودلالية اكثر مما هي واقعية
6-انعدام الفوارق بين الصيغ الدرامية المختلفة.
وفي مسرحية (فوانيس) التي الفها عام 1967 وقدمتها (فرقة المسرح الفني الحديث) في الكويت ثم في بغداد، وضع اللبنات الاولى لمسرحه الجديد حيث اقترب فيها من اسلوب (بيرانديللو) مسرح داخل مسرح. بيد انه في (طنطل) التي قدمتها فرقة اتحاد الفنانين عام 1967 في المسرح القومي القديم واخرجها (محسن العزاوي) كان متأثراً بعناصر الدراما الطليعية المشار اليها انفاً الى حد كبير، فقد تناول فيها شخصية بطل رافض لوجوده الالي الذي يجعل الانسان عبداً مسّيراً. ان (طلبه) في المسرحية شخص مدرك قوي الارادة اختار لنفسه طريق.-الصد مارد- وكان مصمما رغم كل التحذيرات على ان يسكن في بيت مهجور يسكنه وهم متمثل بشخصية اسطورية هي (طنطل) الذي استخدمه المؤلف كرمز لكل ما يقف ضد تطلع الانسان للحياة الكريمة ويفسد عليه امنه وراحته.
وهكذا ابتعد المؤلف في موضوعه عن الواقع واقترب من الصورة الرمزية. وقد قارن الكاتب (حميد رشيد) بين شخصية (طلبه) في المسرحية وشخصية (هاملت) حيث قال" شهدته في يومه الاخير على المسرح رجلا بغداديا اسمه (طلبه) وعندما خرجت من المسرح شعرت ان (طلبه) ليس وحيداً، كان معنا في مقاعد المتفرجين، وكان في داخل كل منا ذلك انه ليس رجلا من بغداد فحسب بل رجل من العالم، انه من الواقع هبة بغداد للعالم. هاملت العراقي الذي يحاول ان يروضّ بيتا قديما متئاكلا يمنع الريح من ان تهب الا على جهة واحدة ويمنع من ان تمر كي ينصب هاطلها على جانبيه هذا البيت الرطب العفن المسكون بالطنطل والاشباح، وطلبه يتحداه ويهدده بأن يهدمه حجرا على حجر- لو اني لو انت- وقد اعتبرت (طنطل) اول محاولة جدية لخلق مسرح طليعي في العراق وباللهجة البغدادية.
وقد استطاع المخرج (محسن العزاوي) ان يتجاوب في اسلوب اخراجه مع طبيعة العمل الى حد، وان يتجاوزها في كثير من الجوانب، فقد اكد على رمزية العبث في المسرحية عندما جرد المسرح والشخوص من الزمان والمكان ولكنه استخدم تقنيات اضافية بدت للكثيرين انها غريبة عن المسرحية واثقلت العرض وزادته غموضاً، وكانت حجته في ذلك ان المخرج يجب ان لايكون عبدا للنص، وان النص ليس شيئاً جامداً او مطلقاً يؤدي بالمخرج الى نظرة واحدة او رأي مطلق لان العالم يتجدد والحياة متجددة والاخراج ايضا متجدد، معتمداً ان المخرج الناجح هذا الذي يقدم في عمله علامات تفصح عن عصره والقوى المحركة له من واقع، فكره وذاته والحق يقال فقد استخدم العزاوي تقنيات جديدة في تحريك الشخوص على الخشبة بحركاتهم الميكانيكية السريعة وفيما استخدمه من الادوات المسرحية بشكل غير مألوف واذا كان البعض انذاك قد اعتقد الغرابة في الطرح والجدة في الاسلوب وابهر الابصار في حركة المجاميع وفي الجو النفسي العام.
وقد اكد كل من (طه سالم) كمؤلف و (محسن العزاوي) كمخرج عناصر التجديد في التأليف والعرض المسرحي عندما قدما مع الفرقة نفسها مسرحية (الكورة) عام 1968. واعتمد موضوعها على نفاذ النظرة الانسانية والكشف عن وسائل التحكم في مصير الانسان والاحابيل التي يعتمدها المستغلون في السيطرة على وسائل الانتاج وابتزاز الثروات والتحكم في قدرات المنتجين وقد عالجها المؤلف بروح حيادية بلا انفعال في اكثر الاحيان وذلك عن طريق الايحاء بالصور الرمزية الغريبة عن اذهان المشاهدين. وقد وضع المخرج النص على المسرح بشكل يقترب من الكاريكاتير ليعزز عناصر التناقض فيه بين طرفين: الطرف الاول يتمثل بالمجتمع المتخلف الذي استفاق من سباته العميق ليتصرف على المستغلين والناهبين لثرواته وهم الطرف الثاني. ومن خلال الصراع بين الطرفين اكد المؤلف على انه لاحق لاحد في ان يستغل تلك الثروات، لا اولئك الذين يحرصون عليها ويكرسونها لصالح مجتمعهم. بيد ان المؤلف لكي يبعد المسرحية وموضوعها عن واقعيتها اضاف عنصرا غيبيا الى طرفي الصراع الا وهو ايمان شريحة من المجتمع بالخرافات القديمة التي تتحكم بالظواهر الحياتية ويذكر احد النقاد عن المسرحية قائلا" ان العالم الذي اوجده المؤلف او بالاحرى الذي احسه قد يكون غير العالم الذي جسد وظهر على المسرح فالاحساس شئ والحقيقة المادية شئ اخر، ومعنى هذا ان المخرج قد اعاد خلق المسرحية وذلك بتصويره نماذج بشرية متنوعة في اشكالها وسماتها تتأرجح بين الواقع والخيال، بين الفردية والشمولية، بين الطبيعية والكاريكاتيرية. وقد ساعد المنظر التجريدي الذي اتسم بملامح اوربية على خلق الاجواء الاسطورية والخرافية الى جانب عناصرها الواقعية.
وبعد عام تقريبا من تقديم (طنطل) قدم (خالد سعيد) لطه سالم مسرحية (ورد جهنمي) في مسرح بغداد وكانت تلك المسرحية هي الاخرى تحمل الكثير من ملامح المسرح الطليعي العبثي وقد جمع فيها مرة اخرى الواقع والخيال والحقيقة والخرافة على صعيد واحد. وطرح موضوعها محنة الانسان المعاصر الذي يحاول توفير ومضة ضوء وسط الظلام الدامس. حاول المخرج، على عكس (محسن العزاوي) ان يلبس العرض لبوسا شعبيا مبتعداً عن الملامح الاوربية فاستخدم بعض الاغاني والرقصات الفولكلورية العراقية.

ان الله قريب من قلبي
ما التأنيث لأسم الشمس عيب..ولا التذكير فخر للهلال
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03684 seconds with 11 queries