عرض مشاركة واحدة
قديم 03/09/2008   #6
شب و شيخ الشباب passerby_intime
عضو
-- قبضاي --
 
الصورة الرمزية لـ passerby_intime
passerby_intime is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ترانزيت على طول.. عابر سبيل
مشاركات:
447

إرسال خطاب Yahoo إلى passerby_intime
افتراضي


بعد أن أنهيت القراءة أخيرا أود التعليق عليها
الرواية ممتعة وجميلة وألقت بعض الأضواء على جوانب "قديمة" هامة في ممارسات أهل هذا الميدان المحفوف بالمخاطر والذي توازي خطورته خطورة حقل الألغام، إلا أن القارئ المتمعن يلحظ أن صالح مرسي انشغل في محاولة مستمرة لإدانة نبيل سالم وإثبات خيانته مع أن الأمر جلي جداً ولا يحتاج إثبات. كل قارئ لا يتردد أبداً في إدانة نبيل سالم فوراً لأن الخيانة في عمله أوضح من الشمس في يوم قائظ من أيام منتصف الصيف - يعني مثل هذه الأيام - وهكذا نرى في الرواية تحامل متواصل من الكاتب على شخصية نبيل سالم
ولم يوفر الكاتب مناسبة سانحة أو غير سانحة لشتم شخصية نبيل بأسلوب أدبي وغير أدبي! مع أنه أكثر جدوى لكاتب كبير مثل صالح مرسي أن يغوص في أعماق شخصية نبيل سالم ليستخلص خفايا تلك الشخصية ويبرز أغوارها أكثر فأكثر ويجليها ويحلل الدوافع والحوافز التي أغرت نبيل سالم بمواصلة التعامل مع مخابرات العدو الصهيوني ومنعته من اللجوء إلى رجال الأمن في بلاده والبحث عن الملاذ تحت عباءتهم خاصة أن نبيل سالم اعترف اعترافات مسهبة وتعاون مع رجال الأمن المصريين تعاوناً واضحاً فيما بعد تعاوناً تبرزه مواقف عديدة في الرواية ويتجلى في الخواطر الكثيرة التي جرت على لسان نبيل بعد وقوعه في أيدي رجال المخابرات المصريين.
أثارت حالة نبيل سالم في نفس الكاتب (صالح مرسي) غضباً متعاظماً - ومعه كل الحق في غضبه - إلا أنه من أهم أولوياته وواجباته ككاتب أن يكون حيادياً في تشريح الحالة حتى يكتشف أسرار الشخصية، لأن الموقف المسبق المتصلب يسلب المشرِّح عنصراً هاماً جداً هذا العنصر هو عنصر الاستعداد لاكتشاف الظاهرة وقوانينها لأنه في آخر المطاف ما يهمنا- كبشر- هو دراسة قوانين كافة الظواهر التي تحيط بنا وليس التعليق عليها فقط أو الغضب منها وحسب.
السؤال الأبرز الذي يتوارد إلى ذهن القارئ هو لماذا لم يسعى رجال المخابرات المصريين لإغراء نبيل سالم حتى يصبح عميلاً مزدوجاً فيعمل على تقديم رجال أمن مصريين إلى " أبو سالم " ضابط المخابرات الإسرائيلي بنعرفة الأمن المصري؟ وبالتالي يحقق المصريون اختراقاً هائلاً لجهاز المخابرات الإسرائيلي عن طريق نبيل نفسه!
هل خاف المصريون على رجالهم وأحجموا عن وطئ الأراضي الخطرة في اللعبة واستخسروا المضي قدماً فيها؟
أم فشل رجال الأمن المصريين في تعويض نبيل سالم تعويضاً أكثر إغراءً من ذلك الذي قدمه له رجال المخابرات الإسرائيليين فعجز المصريون عن إقناعه
هل يعني ذلك أن عنصر المال كان شحيحاً بين أيدي المصريين فعجزوا عن صرف المال اللازم لمجاراة الإسرائيليين في اللعبة؟ وهكذا فضل المصريين قمع " الحالة" فوراً وبترها بدلاً من استثمارها؟ أم أن المصريين تغلب عليهم دافع الإنتقام وأرادوا زج نبيل سالم في زنازينهم ومعاقبته مهما كلف الأمر وبأي وسيلة والسلام بدعوى خطورته!
الظروف المحيطة - الواردة بالرواية- لم تكن تشير إلى تمرد نبيل تمرداً يستعصي على العلاج لماذا بدا لرجال الأمن المصريين عقم حالة نبيل سالم وانتفاء الجدوى منها فقرروا استئصالها من ساحة العمل؟ أم أنهم فشلوا في التعامل السديد مع حالته وعجزوا عن احتوائه وكانوا قاصرين ومقصرين عن الدخول في تعقيدات خطرة لهذه الحالة؟
لا تبدو لي شخصية نبيل سالم من تلك الشخصيات السايكوباتية الخطرة والتي تكره لمجرد الكره أو تمارس العنف والشر لمجرد ممارستهما! لأن كل ما كان يصبو إليه ذلك التعس قبل وقوعه تحت براثن الإسرائيليين هو تحقيق النجاح المادي في حياته، وأراد أن يستمر في حصد ثمار النجاح بعد تعاونه معهم، وشاءت ظروفه التعسة أن يقع في طريق أزلام إبليسقبل أن يجد اليد المناسبة التي تأخذ بيده وتسدد خطاه.
وإذا كان الكاتب صالح مرسي قد ألمح إلى أن رجال الأمن المصريين قد نصحوا نبيل سالم نصحاً موارباً بأن يبتعد عن العمل مع الشركة السياحية التي عمل بها في ميونيخ إلا أنه من الناحية التقنية العسكرية لم يكن هناك أي مانع من محاولة التطرق علناً وعلى المكشوف لشرح خطورة الموقف لنبيل سالم نفسه و" تدجينه " وإنقاذه من الإنزلاق أكثر فأكثر قبل فوات الأوان وقبل أن يتورط تورطاً مفجعاً مع الإسرائيليين طالما أن الرجال كانوا يتابعون الشبكة من قبل وطالما أنهم سيعلنون عن وجودهم " السري" بعد إلقاء القبض على نبيل سالم ففي الحالتين سينجلي نشاطهم للعدو.
هل مهمة رجال الأمن هي إنقاذ مواطنيهم أم التفرج عليهم وهم ينزلقون لمهاوي الشيطان ثم معاقبتهم بعد ذلك دون مد يد العون لإنتشالهم قبل وقوع الكارثة؟
أخطر ما يمكن أن يستشعره المرء عند دراسة حالات مماثلة لحالة نبيل سالم هو أن كل شاب تعيس الحظ والظروف يمكن أن يتعرض لما تعرض له نبيل سالم ويمكن أن يجد الكثيرون أنفسهم في موقف مماثل لموقفه وينزلقوا في نفس المجرى الذي انزلق فيه إلى مجارير الخيانة رغم أنفه
وأكثر ما يرعبنا هو أنه ليس هناك أكتاف قوية حقيقية يستند إليها المرء عند اختلال توازنه فتحول بينه وبين السقوط عندما يتعرض لتيارات مغناطيسية مدمرة يسلطها عليه إبليس وأعوانه لأن همّ الجميع ينصب للأسف على الذبح وسلخ الجلد وليس على حماية القطيع.

تبادل الآراء والأفكار ليس معركة
فالحقيقة عندما تظهر تصير انتصارا للجميع
ما عدا الذين لا يهمهم سوى خلق النزاعات
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04291 seconds with 11 queries