[yass]

المشهد الأول.....


ظهيرة أحد أيام شهر شباط من عام 2004 في مدينة سانتياغو, شمال غرب اسبانيا, الجامعات مضربة احتجاجا على الحرب الوشيكة, النقابات أعلنت يوم تضامن مع الشعب العراقي, أكثر من 40 جمعية أهلية ساندت هذا الإعلان و دعت إلى مظاهرة ضد مساندة حكومة حزب الشعب و رئيسها خوسيه ماريّا أثنار المعنوية بوش لاحتلال العراق ( لم يشارك الجيش الاسباني في الحرب بشكل مباشر بل تم إرسال بعض الوحدات بعد الاجتياح إلى منطقة الديوانية). في هذه المظاهرة خرج أكثر من 70000 ألف نسمة في مدينة لا يتجاوز عدد سكانها المائة و عشرون ألف نسمة. من بين آلاف اللافتات التي كان أغلبها يحمل عبارة No a la Guerra (لا للحرب) لفتت انتباهي لافتة يحملها كهل في حدود العقد السادس من العمر كانت تحوي العبارة التالية:

1898

Sin barcos pero con honor

2004

Con barcos pero sin honor

العبارة تقول: 1898... بدون سفن لكن بشرف, 2004... لدينا سفن لكن بدون شرف (عام 1898 خسرت اسبانيا آخر مستعمراتها في كوبا بحربها ضد الولايات المتحدة رغم القتال الباسل لوحدات البحرية الاسبانيّة التي قاتلت حتى آخر رصاصة و آخر سفينة و لم ينج منهم أحد تقريبا. شكّلت هذه الهزيمة صدمة كبرى للأسبان شبيهة بالنكسة العربية في 1967).


المشهد الثاني.....


جزر أزوريس التابعة للبرتغال بعد أيام قليلة من المشهد الأول,حفل عشاء على هامش اجتماع القمة الذي جمع الرئيس الأمريكي جورج بوش, رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير, رئيس وزراء اسبانيا السابق خوسيه ماريّا أثنار و الذي وضعت فيه اللمسات النهائية لخطة اجتياح العراق. خلال هذا العشاء تحدّث الرؤساء الثلاث حول دعم شعوبهم للحرب المقبلة, و في حين أعطى المسئولان البريطاني و الأمريكي أرقاما تتراوح بين 50-60% من الدعم الشعبي رد رئيس الحكومة الاسبانية بقوله أن آخر الإحصائيات في بلده تشير إلى أرقام تتراوح بين 5-8% من الدعم الشعبي, عندها انفجر الرئيس الأمريكي ضاحكا و ربت على كتف نظيره الاسباني قائلا:" عزيزي تقول 8%؟ عندي في بلدي على الأقل 10% من السكان يعتقدون أن ألفيس بريسلي ما زال على قيد الحياة ".


المشهد الثالث.....


صباح يوم الخميس 11 آذار 2004, مجموعة انفجارات في العاصمة الاسبانية تودي بحياة 191 شخص و تترك آلاف الجرحى. رغم جهود حزب الشعب لإيهام الشعب بمسؤولية جماعة ايتا الانفصالية عن الانفجارات إلا أن جهود الصحافة الحرة و إعلان أحد الجماعات الإسلامية مسؤوليتها و رفض قاضي التحقيق فرض السريّة على كشف الحقيقة و أدى إلى صب حمام الغضب الشعبي على الحكومة.


المشهد الرابع.....


الأحد 14 آذار عام 2004, الانتخابات التشريعية العامة التي جرت في جو من الحزن و الحداد تسفر عن فوز الحزب العمالي الاشتراكي بقيادة رئيس الوزراء الحالي خوسيه لويس رودريغث ثاباتيرو رغم أن الإحصائيات و استطلاعات الرأي كانت تشير إلى احتمال استمرار حزب الشعب في الحكم لانجازاته الجيدة على الصعيد الاقتصادي. لا يوجد شك بأن سبب الهزيمة هو حرب العراق بالدرجة الأولى و محاولة الخداع بعد أحداث مدريد.


المشهد الخامس.....


9 أيار 2004, رئيس الحكومة الاسبانية خوسيه لويس رودريغث ثاباتيرو يتسلم مهامه دستوريا بعد أداء القسم أمام ملك اسبانيا, بعد أداء القسم بـ 30 دقيقة عقد مؤتمرا صحفيا حاشدا أعلن فيه قراره الحكومي رقم 1 للفترة التشريعية: انسحاب وحدات الجيش الاسباني من قاعدة الديوانية خلال شهرين كحد أقصى.... ما زلت محتفظا بجريدة هذا اليوم و ما زلت فخورا بانتخابي لثاباتيرو.


المشهد السادس.....


تشرين الأول 2007, صدور الأحكام النهائية بحق المتهمين بالانفجارات بعد 3 سنوات من التحقيق الشفاف و العلني الذي أنهى نظريات المؤامرة الموجودة. العديد من الجمعيات الأهلية و منها جمعية ضحايا 11 آذار تعلن نيتها استئناف الحكم ليس لتشديد الأحكام إنما لسبب وحيد: يطالبون بأن يضم قرار الحكم نقطة تشير إلى دور الحكومة الاسبانية برئاسة أثنار في حرب العراق كمسبب غير مباشر للتفجيرات. هذه النقطة ليس لها فعالية قانونية لكنهم يريدونها وصمة عار في تاريخ رئيس الوزراء الأسبق الذي أراد دخول التاريخ فخرج إلى مزبلته و بئس المصير...


لقطات.....


ما زلت أرفع القبعة أمام الشعب الاسباني لتصرفه الحضاري قبل و أثناء الحرب.

لم تسجّل أي أعمال انتقامية من أي نوع ضد الجالية العربية.

إلى اليوم ما زال هناك من "المجاهدين" و أنصارهم من يحيي "غزوة مدريد".




التعليق لكم.....



Yass