الموضوع: أسبوع وكاتب - 2
عرض مشاركة واحدة
قديم 30/06/2008   #204
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي




كيف يفهم الطيب صالح العلاقة بين الإسلام والعروبة والوطنية والديمقراطية، قال:

هذه قضية طويلة وكبيرة.. هذه عايزة Symposium ، مش لقاء. حقيقة نحن السودانيين بنأخذ الأمور كما هي، يعني إلى حد قريب ما كنا نسأل عن موضوع قضية الهوية.. هذه التي جاءتنا من بلاد الشام، ما كان عندنا أزمة الهوية: من نحن.. وإيه تركيبتا.. إلى أي حد نحن عرب والى أي حد نحن أفارقة، نحن عرب مسلمين هذا هو الذي نفهمه، في السودان. يقال في السودان: دا ولد عرب، والعروبة عندنا قضية مفروغ منها، مفهوم قائم بحد ذاته، لما يقال دا فلان ولد عرب، دي قيمة. بعدين يدخل في نطاق هذه العروبة كل من يتكلم اللغة العربية، عندنا في الشمال قبائل نوبية وهي أعرق قبائل في وادي النيل هؤلاء أمة ورثت الحضارة الفرعونية القديمة، وهم الآن عرب. بعدين نحن مسلمون.. الحقيقة المهمة في السودان، هو أن الإسلام دخله سلماً ولم يدخله حربا، وأنا متأكد أنه العديد منكم يعرف تاريخ السودان، لكن فقط أذكركم أن دخول العرب للسودان بدأ في بداية الفتح العربي لمصر لأن بعدما دخل عمر بن العاص مصر في خلافة سيدنا عثمان بن عفان (رضي الله عنه) دخل جيش عربي بقيادة عبد الله ابن أبي الصرح، ووجد ممالك مسيحية مستقرة ومتطورة ومتحضرة جداً فصالحهم العرب، صالحوهم ولم يحاربوهم، ثم ظلت القبائل العربية تهاجر جنوباً وتدريجيا بدأ التزاوج بين العرب وبين القبائل النوبية إلى أن آل الأمر إلى العرب والى المسلمين وتكونت عندنا دولة عربية إسلامية هي دولة سنّار، وسنّار هذه دولة كثير من المؤرخين اعتبروها تعويضا عن ضياع الأندلس حين قامت في السودان هذه الدولة المسلمة العربية. فنشأ عندنا إسلام يتميز بروح تسامح لا حد لها. ما عندنا أبدا التشنج بأمور العقيدة، وعندنا في أم درمان، التي هي العاصمة الوطنية للسودان، حي كامل يسمونه المسالمة، لأنه لهؤلاء أصول قبطية وبعضهم دخل الإسلام وبعضهم ظل على مسيحيته، ومرات في العائلة الواحدة تجد جزءا مسلما وجزءا نصرانيا، ثم نحن في إسلامنا أخذنا كثير من التراكمات الحضارية الموجودة في وادي النيل، فالإسلام بالنسبة لي هو هذا، ولذلك ما يحدث الآن في السودان، أنا أعتبره ضد طبيعة الأرض وطبيعة الحضارة التي أنشأناها على مدى القرون، هذه الحدة في الفصل بين الأمور، انه هذا مسلم وهذا غير مسلم، وهذا كافر.. لم يكن عندنا هذا الكلام، وأظن أن المنطقة العربية كلها تميزت بهذه السماحة في المعاملة منذ صدر الإسلام، منذ عهد الرسول، وفي التاريخ طبعا تعرفوا بأنه في معركة القادسية حين أصيب المثنى بن حارث الشيباني التفت خلفه فوجد عربيا نصرانيا، فقال له: أنت لست من ملتنا ولكنك أخونا فاحمل الراية. عربي نصراني حمل راية المسلمين في معركة القادسية. هذه القضية مهمة جدا لأنه الآن في الغرب يتهموننا بأننا ناس متزمتين ومتعصبين، بينما حضارتنا كلها قائمة على فكرة التسامح وفكرة خلط الأخذ من كل شيء مفيد وجمعها في سياق واحد. في بلاد الشام فعلوا ذلك، في وادي النيل فعلنا ذلك مع إخواننا المصريين، في بلاد المغرب العربي عملنا ذلك، في أرض الرافدين.. هذا هو تراثنا. وأرجو أن تتغلب روح التسامح في نهاية الأمر على التزمت ومحاولة فرض الأشياء، وأكتفي بهذا الجزء من سؤالك ولنتحاور على شيء آخر.

سؤال: من المعروف أن في تراثنا العربي الإسلامي ظهرت مجموعة من المدارس، وبرزت مدرستان، مدرسة المشرق ومدرسة المغرب. وفي الظروف الحالية الآن، هنالك سعي لإحياء التراث، هل لديك تعقيب على ذلك؟ على مشاكل إحياء التراث.. وماذا نستطيع أن نأخذ من التراث بحيث يتفق مع الظروف في الحاضر، ثم هل التراث شيء محدود يجب أن نأخذه كما هو أم لدينا القدرة على تعديله؟

الطيب صالح: أنا الأسبوع الماضي بالصدفة كنت في مؤتمر في برشلونة، نظمته منظمة اليونسكو للحوار في قضايا جنوب السودان، وفي الكلمة الافتتاحية التي ألقاها مدير عام اليونسكو، وهو أسباني، قال جملة لفتت نظري، يقول: "الماضي هو مثل المرآة الخلفية للسيارة تنظر إليها علشان تتأكد من طريقك إلى الأمام"، التراث هو في واقع الأمر، يعني تصوري له، انه شيء عايش فينا، في ناس بتصوره وكأنه في مخزن ونفتح المخزن ونأخذ منه التراث، نحن نحمل التراث في أنفسنا.. نحن نسير والتراث يسير معنا، طبعا يكون من الجميل لو عرفنا كيف نأخذ من التراث ما نصلح فيه أمرنا في الحاضر. يعني التراث فيه أشياء طبعا لا حاجة لنا بها.. في حروب وخصومات، لكن قمم التراث، القمم المضيئة في التراث العربي الإسلامي ما تزال إلى يومنا هذا تعتبر جديرة، وأنت قلت بين المشرق والمغرب، هو في واقع الأمر ما فيش خلاف حقيقي، يعني حصل بطبيعة الحال بحكم الجغرافيا والمناخ في كل منطقة، الناس يؤكدوا أشياء ويقللوا من أشياء، والغريب أننا في وادي النيل، مصر والسودان، نحن مسلمون سنة في وادي النيل، كلنا، ولكننا في ولائنا لآل البيت، كأننا شيعة، خلطنا بين هذا وذاك، وما حصل عندنا أي تـناقض.. السوداني والمصري في ولائه لآل البيت، كأنه شيعي، ولكنه سني. ونحن في السودان كلنا سنة مالكية، فالتراث يجب أن يستعمل لتأكيد القيم الايجابية في الأمة وليس لتفرقة الأمة. لسوء الحظ هناك بعض الناس، بيستعملوا التراث لتفرقة الناس، أنا عندي محك بسيط جدا: لما اسمع كلام أي زعيم أو قائد، أسأل هل هذا الكلام يفرق الناس أو يجمعهم، إذا كان يفرقهم، فمهما بلغ من الفصاحة والبيان، أنا عندي هذا الكلام لا قيمة له، إذا كان يجمعهم ويؤكد نوازع الخير والايجابية فيهم، فهذا عندي حسن. هذه قضية طويلة طبعا، قضية التراث، لأنه ما أدري من أين عملنا هذا التمييز، الإنكليز مثلا عندهم كلمة لقضية التراث Heritage ما عندهم شيء انه شكسبير مثلا يقول التراث، نحن عندنا بعض الناس يقول لك هذا هو التراث، يا أخي الجاهلية عايشة بيننا اليوم، المتنبي عايش بيننا اليوم، نحن عندنا شعراء في السودان، بوادي السودان كأنهم يعيشون في زمان الجاهلية من ناحية الفصاحة، فهذا الشيء عائش بيننا.. ليس هناك هذا التفريق الذي يقولك الأصالة والمعاصرة، السفور والحجاب، هذه الثنائية في الفكر العربي الحديث لا أدري من أين جاءتنا، وكان واضح جدا في أيام تأجج ماضينا أن المفكر أو العالم يحسن كل شيء.. ابن سينا كان يحسن في الطب والفلسفة والشعر والموسيقى.. وكل شيء، لم يكن عنده هذه التفرقة بين هذا وذاك.

سؤال: أود أن اسأل عن رأيك بالنسبة للسودان وكيفية التعامل مع مشكلة الهوية التي تتحدث عنها.. وكيف يمكنها أن تحتوي الاختلافات القائمة داخل السودان ومع جنوبه؟

الطيب صالح: أنا قلت لك عن بعض الناس الذين يحددوا وجهة نظرهم بالنسبة للمستقبل، ويقولون لك: هذا هو الحل ولا تتناقش معي! أظن أول ثورة عسكرية في العالم العربي كانت انقلاب حسني الزعيم في سوريا.. يجي واحد يقولك خلاص هذا هو الحل. فالقضايا، عشان نصل إلى حلول، يجب أن تطرح بحرية وبدون خوف، فلا بد من الحوار الحر الصريح، وهذا منتدى حوار الذي نحن فيه، إذن لا بد من نظام ديمقراطي. ونحن طبيعتنا في السودان أصلها طبيعة ديمقراطية. لا تصدق الذين يقولون إن الشعب غير مؤهل للديمقراطية.. مافيش شعب عربي.. مافيش شعب إطلاقا، ليس مؤهلا للديمقراطية. يا أخي تجد الرجل الأمي في العالم العربي يقوم بمسؤوليات جسام في تربية أولاده وفي إصلاح حاله واتخاذ قرارات معيشية مهمة جدا، فكيف هذا الإنسان غير قادر أن يقول أن هذا يصلح وهذا لا يصلح كنائب للبرلمان؟.. كلام فارغ.. لأنهم يريدون أن يستأثروا بالسلطة ويوهمون الناس بأحلام لا أساس لها من الواقع، ويحجروا الرأي.. وبعدين لا تصل إلى حل. لو أن الديمقراطية استمرت في السودان بعد الاستقلال إلى يومنا هذا لكنا أولا في تقديري المتواضع عملنا مثل ونموذج في منطقتنا للحكم الديمقراطي.. لأن هذا الشعب عنده استعداد ديمقراطي. ثانيا، كنا حللنا مشكلة الجنوب، كنا حللناها إمّا بوحدة حقيقية أو بفصل الجنوب بالتراضي. لكن في كل مرة كان يجينا عهد حكم عسكري ويقولك نحنا سنحل مشكلة الجنوب ويدخلوا جيش نظامي في غابات وأحراش ويفشلون في كل مرة. وهذا الحكم الآن أيضا فاشل. فلا بد من حرية الفكر ولا بد أن كل إنسان يقول بأمانة كيف يرى الأشياء...عندها نصل إلى حل. وأظن أن الأمة العربية ككل في حالة كهذه يمكن أن تنطلق انطلاقة كبيرة جدا.
ورداَ على تعليق تضمن تشاؤما بشأن مستقبل الأمة العربية، قال الطيب صالح:
فكرة أن الأمة ماتت، أنا أعتقد أن هذا تشاؤم لا مبرر له، ما في أمة تموت، هذه الأمة لو كان لها أن تموت لماتت من زمان لأنها تعرضت إلى بلاوي. هذا الغرب بالمناسبة الواحد حين يقرأ تاريخ أوروبا كل الذي نراه هذا عمره أقل من قرن، كل الذي نراه كما تعلم سيدي بأوروبا عمره أقل من قرن ما في معجزة بالمناسبة نحن مرات لأنه بنشوف هذا الغرب عنده هذا الجبروت الصناعي والحربي والطيارات، بنفتكر أن الإنسان الأوروبي أو الإنسان الأميركي نزل من السماء. هؤلاء ناس ..بشر.. بالمناسبة عاديين زينا، بل لعلنا من ناحية الذكاء الفردي والقدرة على الإبداع أكثر منهم إبداعا، الموضوع كله إننا طبعا تعرضنا إلى تجارب مريرة.. يعني يدوب تنفسنا الصعداء بعد الحكم العثماني.. جاءنا الاستعمار الغربي .. يا دوب تحررنا من الاستعمار الغربي وما عرفنا نلقط نفسنا.. جابوا لنا إسرائيل. فنحن ووجهنا بقضايا ضخمة كونية، وما كنا مستعدين لها.. والأمة في حالة من البلبلة، لكن هذا لا يعني بأنها أمة ميتة إطلاقا، هذه أمة حيّة. أنا أظن- وهذا إحساسي من مشاهداتي- حين تجد المفتاح، ممكن يحصل انطلاقة وقفزة كبيرة جدا. هذه أمة قفزات.. لأن عندك مثلا الإنكليز أو الفرنساويين بيمشوا واحد اثنين ثلاثة أربعة حتى يصلوا للنتيجة، وكل واحد في مصنع بيعطوه ال Manual وماشي عليه.. نحن مش ناس بتاع Manual.. جايز نوصل للنتيجة. كنا فعلا في المدارس، ودرّسونا إنكليز عن مشاكل حسابية، وكنا نوصل للحل ونكتب الحل، هو يقول لك لا، إيه الخطوات التي وصلتك إلى هذا الحل. فهذه الأمة ليست أمة خطوات، هذه أمة قفزات. ويا سيدي أنت تشاؤمك في غير مكانه، وأظن تشاؤمك مصدره الإفراط في الحب للأمة.. مرات المحب يصدم.
================================================== ==================
مركز الحوار العربي- الأحد 22/10/1995


شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05472 seconds with 11 queries