الموضوع: حوارات أدونيس
عرض مشاركة واحدة
قديم 05/11/2007   #22
شب و شيخ الشباب verocchio
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ verocchio
verocchio is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
مشاركات:
2,795

إرسال خطاب MSN إلى verocchio
افتراضي


قلت إن الإسلام قضية عظيمة، فما هو دفاعك عنه؟
ـ أنا سآخذ الجانب الثقافي في الإسلام وأدافع عنه ثقافيا، سأقول إن النموذج الأول لوحدة الثقافات نراها في الإسلام، بدءا من القرآن الكريم، لأنه نص جامع للثقافات الدينية، اليهودية والمسيحية، وللثقافات غير الدينية السابقة، مثل اليونانية وغيرها. فهو جامع لروح الإنسانية. وفي تقديري، انه من أخطاء المسلمين اليوم، أنهم لا يلحون على القراءة الثقافية لهذا المعني الذي يقوله النص القرآني.
أما النقطة الثانية التي سأدافع بها عن الإسلام، فهي العلاقة بالآخر. وأرى أن الآخر، خاصة بالنسبة للمسلم، كان عنصرا تكوينيا من عناصر ذاته، خاصة في الفلسفة، التي أقامت نظرتها ورؤيتها إلى العالم على التوحيد بين ما أسمته النقل ممثلا في الدين الإسلامي، وما أسمته العقل ممثلا في الثقافة اليونانية.
أما العنصر الثالث في الثقافة الإسلامية فهو التصوف. مع أن الرؤية المغلقة للإسلام لا تعتبره جزءا منه، لكن اعتقد أن التصوف نشأ في مناخ الثقافة الإسلامية، وهو تجربة عبقرية وفريدة وكونية إنسانية. هذه هي العناصر الاساسية في دفاعي عن الإسلام، لكن لا أستطيع أن أدافع عنه إلا إذا انتقدت التأويل السائد له. وهو تأويل يعطي عن الإسلام صورة ليست في مستوى الرسالة الإسلامية ويجب نقد هذا التأويل .
برأيك متى يصل الشاعر الي مرحلة نقد الذات، وما هي المعايير التي يلتزم بها؟
ـ كل شاعر حقيقي يمارس نقدا ذاتيا في كل قصيدة يكتبها. الشعر هو مواصلة في التغيير. إذ لا يمكن للشاعر أن يكرر رؤيته السابقة. فهو بمجرد أن يكتب يخطو خطوة تالية متقدمة لموضوع آخر، لكن لا يستطيع ان يخطو هذه الخطوة إلا اذا كانت هذه الخطوة نقدية، فكتابة الشعر بهذا المعني هي في العمق كتابة نقدية، لا للعالم وحده وإنما للذات أولاً. وعلى هذا المستوى قلت وأكرر، إن القصيدة ليست سؤالا مطروحا على العالم وحده، وإنما هي سؤال مطروح على الشاعر وعلى الشعر. وأعظم ناقد للشاعر هو نفسه. الشاعر هو أهم من ينقد نفسه، لأنه هو الذي يعرفها أكثر من غيره، وأعتقد أننا يجب أن نعمم هذا على الآخرين. فالإنسان الذي لا يستطيع ان ينتقد نفسه عنده مشكلة. وحقيقة نحن لا نعرف النقد حق المعرفة. وقد يبدو هذا الحكم قاسيا غير ان ما يلغي هذه القسوة، انه حكم حقيقي.
تحدثت عن علاقة الشعر بمفهوم الهوية، لكن هل الهوية إرث بمحمولاته المتعددة، أم انها ابتكار دائم؟
ـ الهوية ممكن ابتكارها، والهوية الاسمية هي هوية سطحية لأن المهم هو مضمون هذا الاسم وماهيته. هل هو مضمون الطفولة أم ما بعدها أو هو مضمون الحب؟ إذاً، أنت في داخل هذا الاسم، في عالم لانهاية له لا يتوقف حتى بالموت. لأن الذي يكتب نصوص الموت لا يفنيه، فكم من الشعراء ماتوا نعرفهم من نصوصهم أكثر مما عرفناهم بحياتهم. إذاً فالهوية بهذا المعنى متحركة، ليست هذا فقط وانما متغيرة. فمثلاً، اذا سألتك الآن: أي مرحلة من حياتك تشعرين أنها تعبر عنك؟ هذه المرحلة التي تعبر عنك هي التي تحوي النقطة التي تحمل معنى هويتك. وهي قابلة للتغيير، فاذا جاءت مرحلة اعمق تعطي لحياتك معنى جديدا، فهويتك ستنتقل اليها. الهوية مفتوحة وليست موروثة. بهذا المعني الإنسان لا يولد مسلما... يصير مسلما، لأنه إذا ولد مسلماً سيصبح الناس كلهم سواء. إذاً الهوية صيرورة، وأعظم مكان تتجلى فيه هذه الصيرورة هو الشعر .
>لماذا ينتابك الخوف من قراءة قصيدة «قبر من اجل نيويورك» التي صدرت عام 1971 بالرغم من انها استشراف لأحداث11 سبتمبر والتي أصبحت واقعا؟
ـ بالضبط... لهذا السبب أحيانا بقاسي الإنسان من تحقق أحلامه، وهو شيء مخيف، لأنه يصبح يخاف من نفسه. فكيف اذا كان يقول شيئا عفويا، ويرى أن هذا الذي قاله عفويا تحقق في الواقع، لذلك أخاف، من قراءتها، لأنني لا أريد أن يتحقق ما أحدس به، لأنه اذا تحقق، أشعر بأنني توقفت، بأنني انتهيت أو كأنني صرت كائنا آخر. أريد ان أظل أواجه الواقع، ويظل الغد نقطة تساؤل ومكان استشراف، لا مكان تحقق لأحلامي. لأنها اذا تحققت سأحزن .
أحيانا نجد بجوار قصائدك المنشورة في الصحف لوحات تشكيلية، فماذا يمثل لك «الكولاج»؟
ـ هذه الأعمال الفنية قمت بها بالمصادفة. وقد اخترعت للكولاج اسما هو«رقيمة». ورقم في اللغة العربية مثل «رقن»، تفيد اللون والكتابة في آن واحد. واكتشفت بمرور الوقت، أن ما لا أستطيع أن أقوله شعرا ونثرا، يتاح لي ان اقوله بطريقة أخرى في فن الرقائم. واكتشفت أيضا أن ما أفعله في الرقائم نال اعجاب الناس وحبهم لأنه مختلف. وربما ذات يوم أتوقف عن كتابة الشعر وأتفرغ لهذا الفن.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03814 seconds with 11 queries