عرض مشاركة واحدة
قديم 20/11/2007   #38
صبيّة و ست الصبايا ليندا
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ليندا
ليندا is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
مشاركات:
1,130

افتراضي


عودة مسرح الهواة وشروطها
تجمعت حركة الهواة منذ نهاية ستينيات القرن العشرين في المنظمات الشعبية التي كانت تحتل مكانة هامة في اتخاذ القرار السياسي والاقتصادي في سورية. وسبب هذه المكانة أن حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم كان يسير في طريق يمكن أن تؤدي إلى تحقيق شكل ما من أشكال الاشتراكية. وفي ظل حكم الحزب الواحد بذاك التوجه يكون للمنظمات الشعبية دورها في المشاركة في النشاط الثقافي. وقد نتج عن هذه الحالة أنه لا يمكن لأي فريق مسرحي أن يقدم عمله إلا تحت مظلة إحدى المنظمات الشعبية. فكانت كل الحركة المسرحية تستظل بإحدى الأسماء التالية:
- اتحاد العمال.
- اتحاد شبيبة الثورة.
- المراكز الثقافية.
- المسرح الجامعي.
- نقابة الفنانين.
- المسرح القومي في دمشق وحلب. (وهو المسرح الرسمي).

هذه المؤسسات التي كانت تحمي الحركة المسرحية، كانت تفقد قوتها وقدرتها كلما اتجه الاقتصاد السوري نحو اقتصاد السوق. أي أن الملامح الاشتراكية كانت تختفي لتقوى ملامح النظام الرأسمالي. وهي ليست ملامح الرأسمالية الصناعية التي تبني البلد وتعمِّره رغم قيامه على استغلال الطبقة العاملة. بل هي الرأسمالية الطفيلية الناهبة المدمرة التي تنهب أموال الوطن لتودعه في البنوك الأجنبية. وكلما ازدادت هذه الرأسمالية توحشاًً - وهي تزداد باستمرار - كانت كل المؤسسات الاقتصادية التي تقف موقف النقيض لها تضعف وتتراجع. فالقطاع العام يلفظ أنفاسه. ولئن بقي من يدافع عنه فإن كثيراً من الأصوات ترتفع في القضاء عليه بالخصخصة وغيرها من الأساليب. ومع أن الاتجاه العام للدولة مايزال ينادي بالمحافظة على القطاع العام، فإن الحركة الاقتصادية العامة الكاسحة في توجهها نحو اقتصاد السوق سوف تقضي على القطاع العام. وسوف تنجح في تحويل كل الحركة الاقتصادية لخدمة الاقتصاد الحر رغم أنف الجميع.
هذا النوع من النظام الاقتصادي يتناقض مع سيطرة الحزب الواحد من ناحية، ويصل بالمنظمات الشعبية لأن تفقد قدرتها على لمِّ شمل أعضائها، وإلى أن تعجز عن التعبير عنهم من ناحية ثانية، ويجعلها تتحول إلى عائق لحركتهم الاجتماعية والسياسية والثقافية من ناحية ثالثة. فإنها أنشئت في ظل التوجه الاشتراكي الذي كان. وعندما يتم التوجه نحو الاقتصاد الحر تصبح هذه المنظمات نقيضاً له. فيصبح تنظيمها فارغ المضمون هو أقرب إلى الهرم الشكلي الهش. وهذه التنظيمات الهشة ماتزال هي المسؤولة عن إنتاج المسرح والإشراف عليه في حين فقدت القدرة على هذا الإنتاج. فإشرافها عليه محكوم بخوف هرمها التنظيمي على نفسه من الاتهام بالخروج عن الخطوط الحمراء التي يقال إنها تضبط النشاط الفكري. وأفقها الثقافي محدود لأن طبيعة تكوينها اليوم عاجزة عن الخروج من إهاب الانضباط بالخطوط الحمراء. وسبب ذلك أن هذا التنظيمات الهرمية للمنظمات الشعبية القائمة اليوم رُتِّبت بحيث تكون عاجزة عن الوقوف في وجه الاتجاه الكاسح نحو اقتصاد السوق وإن ادَّعت أنها تقف في وجهه.
لهذا كله يفقد المسرح التابع لها - وهو جوهر مسرح الهواة - جرأته التي أعطته في الماضي قوته وحيويته. ويفقد قدرته المالية لأن المشرفين عليه لا ينفقون عليه المبالغ اللازمة له لأنهم يرون سبلاً أخرى للإنفاق أجدى عليهم، خاصة أن العمل في هذه المنظمات لم يعد تبرعاً نضالياً كما كان، بل صار مكسباً إدارياً يجر وراءه مغانم مالية. فيتحول العمل المسرحي كله إلى نوع من الغنيمة بعد أن كان نوعاً من التحدي للأوضاع الاجتماعية والاقتصادية. ويصبح نوعاً من الجرجرة لتسجيل النشاط بعد أن كان رأس حربة في التجديد والتجريب والمجابهة. أي أن مسرح الهواة فيها ينقصه أهم خصائصه التي يكون عليها في كل بلدان العالم. فهو عاجز فقير كسيح خائف يحكمه ويشرف عليه عاجزون وخائفون.
يضاف إلى ذلك كله أن النظام الاقتصادي الحر يقتضي نشاطاً فكرياً حراً. فلا يعود بالإمكان أن تضبط الفنانين والأدباء والمسرحيين وغيرهم من أصحاب الفكر والقلم في منظمات تخضع لإشراف الحزب الواحد. وضبطهم في هذه المنظمات يعني لجمهم عن الإبداع. وبهذا الشكل تصبح المنظمات الشعبية التي تضم فئات الشعب السوري وطبقاته متخلفة عن هذه الفئات والطبقات، وعاجزة عن احتواء قدراتها أو إفساح المجال لمواهبها، خاصة أن هرمها التنظيمي لم يأت بشكل ديموقراطي بل جاء بترتيبات معينة تكون غير عائقة عن التوجه نحو اقتصاد السوق. فتتحول إلى قيد وطني بقدر ما هي قيد فكري وفني.

يتبع......

لا تحلموا بعالم جديد
فخلف كل قيصر يموت
قيصر اخر جديد
وخلف كل ثائر يموت
احزان بلا جدوى
ودمعة سدى

،،أمــل دنقل
:
((We ask the Syrian government to stop banning Akhawia ))
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04688 seconds with 11 queries