الموضوع: أسبوع وكاتب - 2
عرض مشاركة واحدة
قديم 04/05/2008   #143
صبيّة و ست الصبايا ooopss
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ ooopss
ooopss is offline
 
نورنا ب:
Nov 2007
المطرح:
بـــ هـالأرض المجنونـــــة ..
مشاركات:
1,398

افتراضي


سرير الغريبة


دار الريس
2000
طبعة ثانية


للمكان حضوره في قصائد الديوان الدرويشي اذ المنفي وسرير الغريبة في كل بلاد الله مقاهٍ, وميادين، وساحات,, وهجرات ابدية - غالباً- ما تورث بشاعر كدرويش قليل من اليقين بالعودة الى احضان أم,, ومساحة بيت دكته معاول هدم التاريخ,, اذ في المكان يسكن التاريخ,, وعلى ضفافه ينمو صفصاف الزمان مخلفاً لغة الحاضر للوراء,, تماماً مثلما يحاصر الوجد (الغريبة) في اولى قصائد الديوان شاهرة في ذات الوقت سيف عنوانها
(كان ينقصنا حاضر) (ص11)
لتؤكد ان الزمان لم يعد يعبأ بحاضر ولم تعد النهايات محملة بوهج الدهشة من رحيل الروح الى فناء ذاتها:
(نحن هنا طيبون, شمالية
ريُحنا، والاغاني جنوبية,.
هل انا انتِ اخرى
وانت انا آخر؟)

ومن عبق الاشارة المشرقية الموغلة في عتقها وغموضها يؤكد الشاعر محمود درويش

وعبر ديوانه (سرير الغريبة) ان الشعر العربي لغز يستعصي على الحلول,, بل هو مجد يسكن الوجدان حتى تعجز عن رؤيته او ملاقاته,, ليظل وطن الشعر بعيداً كغيمة في شاهق هذا الافق المترامي تلك التي تعبر دون ان تخلف على ارض الغريبة قطرة ماء واحدة,.
(ليس لي ما اقول عن الارض فيك
سوى ما يقول الغريب:
سماويَّةٌ,.
ربما يخطئُ الغرباء بلفظ حروف
آرامية,, بدائية وجدوها على
ضفة النهر
,,) (الديوان ص51)
يفتتن الشاعر محمود درويش في كل مقومات الغربة,,, فهناك من يحمل هموم الغربة غير الإنسان,, فطيور السلام غريبة,, وعصافير الفجر تصحو على دوي طلقة غادرة تنفيهم الى البعيد,, والمناخات والفصول جميعها تعيش الغربة ان اضحى الزمن على خط العداء الازلي,, لتمضي قصائد هذا الديوان منذ ايمائه الاول مصدر قلق عارم يسجل رحلة الغربة لكل كائن,, حتى الارض في المنفى تصبح واجمة لفرط ما عبرت خلجات الغرباء من فوقها,.
يظل المنفى ما ظل الشعر,, ويبقى الحزن ما بقيت اسرار محمود درويش في تلقين عذابه دروس المنافئ تلك التي فعلها فأحيانا نجد ان رجلاً بلا امرأة هو سيد الغرباء,, ليظل ما يتوامض هناك

في قصيدة (من انا، دون منفى؟)
هو الرجل الشرقي المعذب لفرط أحزانه وحبه، ويتمثل في صنع فكرة جليلة تتلخص في فهم ادق للغربة ان الحنين هو اقسى عندما يكون الغائب ارضا اصبحت مع الوقت أماً للغرباء جميعاً.
ويستحضر الشاعر حكمة القول ليصف لنا هول عنائه الذي لا يكف عن الترحال في اعماق قلبه المجهد من سهر البحر,, والبكاء على فقد خيل الوطن المعد لدخول المدينة التي تتزين فتياتها لاستقبال يوم من ايام مجد الوعد الذي سيطل مع اول خيط للضياء,, ذاك الذي ستشفي من فوق قمم الجبال الشاهقة البعيدة,, تلك التي تلوذ بها الحكايات، والقصص الموغلة في غموضها عن حقب ذلك الماضي الذي تعجز قصيدة عن ذكر تفاصيله,.
وتبرز هنا قصيدة (أغنية الزفاف)

مسجلة وجل الشاعر الذي يحي سماء الغربة من اعلى جبل يعانق الريح,, وتوشّي الغيوم هامته بغلالات البياض,, ولا يعود من هذه التحايا سوى صدى التحية لامرأة يانعة تهيئ ذاتها بالأفراح والوعود
(هل هناك حزن اشد التباساً
على النفس من فرح البنت في
عرسها,,؟
,,,,,,,.
إني نسيت الصدى في الصدى
) (الديوان ص65),
وتظل صورة الحياة قاتمة في شعر محمود درويش,, حتى يصل الشؤم مداه,, لينتزع من الحب عالمه، ومن الطير برأته وأفقه ومن الربيع صوت حنين اشجاره,, كل شيء يتلاشى في قصائد (درويش) عدا وجه (الغربة) الذي يحسنه ببديع اللحن ليخلق من رماد ذاكرته جمراً لحياة هؤلاء الذين يفترشون الممرات حالمين بنهاية الفصل الممل من غربتهم,, فلم يبق سوى ريش حمام، وحنين الى قضمة حنطة ضرورية للبقاء,, بل إن طائر الشاعر اضحى في مأزق الحبائل الغادرة تلك التي تلون الافق ببياض غامض:
(زرقت مع الخبز حبك
ولا شأن لي بمصيري
ما دام قربك
,,)

(الديوان ص90)
لا يستثني الشاعر محمود درويش من حياة الغربة هنا اياً كان,, ولا يخطط لخروجهم من هذا العذاب,, بل هو الذي يشن حرباً ضارية على كل ما هو قادم للتصالح، والتفاهم، والمذكرات والمخططات، والتعهدات,, والمصالح المشترك منها والفردي لتبقى الغربة فضاء تسبح به الكائنات دون هدى ودون قرار يهز الوجدان ويحقق معادلة البقاء فمن الغربة تنطلق احزاننا واليها تعود ارواحنا محملة بضجيج البحث عن عالمها وأفقها الذي ترامت به مقولات الغرباء على نحو ما اجتمع (الشاعر) و(جميل بثينة) في زمانين مختلفين لكن الغربة أم معمرة,, وشاعر ومعشوقته هرما فيما ظل شاعر الغربة (درويش) يهذي اقوالاً تبين حليب الرواة، وخبز المؤرخين,.
لا فصل هنا فالتاريخ سياق تام,, تاريخ شعر يؤرخ الغربة,, ويمنح الغرباء، والشعراء فرصة العيش في اي زمان او مكان,, لكن البادي في امر شاعرينا انهما يتبادلان مقولات قافية الوجد والحب على اي شاكلة سيكون موتهما المنتقى,, فلا بداية لتاريخ حب,, ولا نهاية له على الاطلاق.
(هل تشرح الحب لي يا جميل
لأحفظه فكرةً فكرةً؟)

(الديوان 117)
ديوان درويش يغرق في نهر الوصف,, ويسرد بجلاء المشهد ثقافة رجل كبير تدمي قلبه لواعج الغربة ويقبل على الغرباء اقباله على ابناء ابية,, ليمتن للحياة التي انجبته في زمن يلهو الماء عن عطش الراحلين,, فيما تفيض سحب الخيبة بما فيه لتعمر القفر حشائش الوعد التي لا تجد سوى خيول السراب لتغازل افواهها بدغدغة عطرة تخلفها ازاهير (سومارية) واخرى (بابلية),, بل هناك (مشرقية ومغربية) جميعها اشارات لان ترعى الخيول ما طاب لها من عشبة الفيافي الغامضة ليبقى (حصان الشاعر وحيداً) يسائل الأمكنة فطرية الاشياء."


"يستخدم درويش في ديوانه كلمة "سرير "في معاني مختلفة وعديدة:
وفي هذا الإطار تأتي الكلمة في قصيدة (سنة أخرى فقط) وهي قصيدة يرثي درويش فيها أصدقاءه الشهداء على نحو يغاير شروط الرثاء التقليدية، فالشاعر مفتون بالحياة، حريص عليها، وهؤلاء الشهداء، عشاق الحياة والمدافعون عنها، يفسدون بموتهم المتكرر متعة الحياة ! لهذا يحرص درويش على أن يصور بطولتهم ضمن رؤية مغايرة، وهي بطولة مرتبطة بالضعف الإنساني
أصدقائي، شهدائي الواقفين
فوق تختي....
اذهبوا عني قليلا
فلنا حق بأن نحتسي القهوة بالسكر لا بالدم


وقد يكون السرير تجسيدا للقاء عابر، ليفقد السرير ثانية خصوصيته، ولكنه يجسد لحظة من لحظات الالتفات الى الجسد، بعيدا عن هوية الجسد، لأن هذا الالتفات تجسيد للتمسك بالحياة، ونفي للحظة المرض:
(ولسنا سوى رقمين ينامان فوق السرير المشاع، المشاع يقولان ما قاله عابران عن الحب قبل قليل، ويأتي الوداع سريعا، سريعا

إذا كان درويش قد كرر عبارة (وطني حقيبة) في قصيدة (مديح الظل العالي) عدة مرات قاصدا بذلك نفي العبارة الشعرية القديمة ذائعة الميت (وطني ليس حقيبة) وهي تقابل عبارة: وطني ليس جدار، فإن بروز السرير في تلك اللحظة، يؤشر على رغبة الخطاب الشعري الدرويشي في تدمير مرجعياته واثبات قدرته على التحول من دلاله الى أخرى. ولا شك أن تحول الحقيبة الى صرير ذي قدرات سحرية متعددة، يؤشر على نوعية اغتراب أخر صار يعيشه درويش في سياق نوع أخر من المواجهة بين الذات والأخر.

"وطني حقيبة
في الليل أفرشها سريرا
وأنام فيها
أخدع الفتيات فيها
أدفن الأحباب فيها
أرتضيها لي مصيرا
وأموت فيها."


وكذلك يطول الامر في تحليل الديوان من جوانب أخرى..


مقتطفات من الديوان:

"سماء منخفضة


هنالك حبّ فقيرٌ، يطيل

التأمّل في العابرين، ويختار

أصغرهم قمرًا: أنت في حاجةٍ

لسماءٍ أقلّ ارتفاعًا،

فكن صاحبي تتّسع

لأنانيّة اثنين لا يعرفان

لمن يهديان زهورهما...

ربّما كان يقصدني، ربّما

كان يقصدنا دون أن ننتبه

هنالك حبّ ... "





عندي ثقـــــــة فيـــــــك ...



- ابو شريك هاي الروابط الي بيحطوها الأعضاء ما بتظهر ترى غير للأعضاء، فيعني اذا ما كنت مسجل و كان بدك اتشوف الرابط (مصرّ ) ففيك اتسجل بإنك تتكى على كلمة سوريا -
 

الأمــــــل باقي
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.05178 seconds with 11 queries