عرض مشاركة واحدة
قديم 29/01/2008   #1
شب و شيخ الشباب مسطول على طول
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ مسطول على طول
مسطول على طول is offline
 
نورنا ب:
Aug 2006
المطرح:
المنــــبر الحـــــر
مشاركات:
1,586

افتراضي حكاية "قِرْمِشْ"..عائلةٌ مسلمة تسكن كنيسة !!


حكاية "قِرْمِشْ"..عائلةٌ مسلمة تسكن كنيسة !!

مئذنة "كاتب الولاية" وجرس "برفيريوس".. رسائل التسامح الأولى !!




آلاء أبو عيشة - الجزيرة توك - غزة

أعترف "يا شقيقة الحجر والشجر.. يا شيقة المكان والزمان.. يا شقيقة الدين والدنيا" كلما قررتُ الكتابة إليكِ فبحثت عن أوراقي المبعثرة فوق طيفك.. وجدت قيمتكِ أكبر من مجرد رسالة!!
أكتب إليكِ اليوم وأنا الذي صاحبتك ستة عشر قرناً ونيف.. فعرفتكِ وقرأتُ كل تعابيرك.. قرأتُ ملامح الأخوة والمحبة فيكِ.. قرأتُ ما حفره الخطّاب على جبينكِ بعهدته العمرية "أن هذا ما أعطى عبد الله عمر أمير المؤمنين أهل إيلياء من الأمان.."
صديقتي ومؤنستي في ليالي الحبّ والحرب (مئذنة كاتب الولاية).. إنه وبعد عُمْرٍ قضيته بجواركِ أسمع أذان راعيكِ، وتسمعين تراتيلَ راعيَّ.. وجدتُ أن ما يجمعني بعبق تاريخكِ أكبر من ذاك الذي يبعدني عنكِ..
أتعرفين؟؟ إنها المرة الأولى التي أنتبه فيها إلى أن كل شيء بيننا واحد.. الشمس فوقنا واحدة والأرض أسفل منا واحدة.. والعيون التي تتجه لترى خيالاتنا أثناء العناق.. كذلك واحدة!! سامحيني إن أطلت عليكِ فما سأقوله لكِ سيكون حديثاً دام عنه الصمت سنواتٍ.. وسنوات !

تعلمين أن كنيسة القديس (بيرفيريوس) التي أعمل فيها "جرساً" تسكنها عائلة (قرمش) المسلمة! وهنا لن أبالغ إن وصفت غزة "بأرض التناقضات" فاللامنطق فيها يتحول ودون سابق إنذار إلى واقعٍ يجبر المرء على قبوله بابتسامةٍ إن قال "نعم" أو قال "لا".. وأن تعيش عائلةٌ مسلمةٌ في بيتٍ يتخذ له زاويةً من باحة كنيسة!! هذا ما لا يمكن لأحدٍ أن يتخيله أو يجده بأرضٍ سواكِ يا غزة! أما كيف سكنت –هنا- ولماذا؟ هذا ما سأترك لربها المسلم روايته يخبركِ بها.. دمتِ شقيقة الدرب والقلب
.......... إلى مئذنة كاتب الولاية، بتوقيع: جارك "جرس كنيسة القديس برفيريوس"


"أرض التناقضات" والحكاية الأولى !


عائلة قرمش ـ حسب ابنها رمزي - سكنت كنيسة القديس بيرفيريوس تزامناً مع عام الهجرة 1948، عندما جاء الجد الأكبر (محمد) طالباً لعملٍ فيها، فقبله القائمون عليها حارساً وأعطوه غرفةً تحميه "غوائل" الزمان.. تزوّج محمد وأنجب من البنات خمسة، ومن الذكور وليداً وحيداً، فطلب من البطريرك مساحة 80 متراً يضمها للغرفة حتى تتسع له وعائلته الكبيرة، وهكذا سارت الحياة إلى أن كبر وحيده فتزوج وأنجب أحد عشر فرداً، فطلب من الكنيسة للمرة الثانية مساحة 50 متراً أخرى، فوافقت دون مشاكل، إلى أن جاء الوقت الذي خرج فيه جميع أحفاد الجد (محمد) إلى بيوتٍ مستقلة بينما بقي رمزي البالغ من العمر (29عاماً) وأخيه اللذان استلما عن والدهما –المرحوم- مفاتيح محرس الكنيسة ليحملا لقب.. حُماتها !






لا ضرر.. ولا ضرار !


كانت الأسئلة الأولى التي طرحناها على رمزي كونه يعيش في مكانٍ استثنائي كمسلم.. "ألم تشعر عندما كنت صغيراً بازدواجية التعاليم الدينية التي تتلقاها؟ وهل تشعر بالخوف من حدوث ذلك لأطفالك"؟ فأجابنا بابتسامةٍ راضية:"ربما لو كنت بعيداً عن ديني لحدث لي ما تتحدثون عنه، لكنني أحمد الله بأنني حفظت تعاليم شريعته بنداً بنداً، وهذا ما حفظني من أي لبس، وجعل حدود تعاملي مع سكان الكنيسة وروادها تتوافق وما دعا إليه الإسلام، وتقف عند الخطوط الحمراء التي وضعها"، متابعاً بقوله :"لا أخاف على أطفالي أبداً، فأنا أنتهج معهم نفس نهج والدي، وقبل أن يُتم أحدهم العامين أبدأ بتحفيظه القرآن وشرحه له، واصطحابه إلى الصلوات الخمس في المسجد"، "تراتيل المسيحيين هنا لا يفهمها أطفالي لأن معظمها يؤدى باليونانية، أما حركات الصلاة الخاصة بهم، فأعتقد أن أطفالي، وإن التقطوا بعضها.. سيتركونها بمجرد أن يفهموا طبيعة ديننا وطبيعة دينهم".




ويحدثنا رمزي عن نظرة أهالي حي الزيتون إليه عندما كان طفلاً –كقاطنٍ في الكنيسة- فيضيف ضاحكاً :"كان الجميع يظنني مسيحياً"، ويستدرك مسرعاً :"ولعل الخطأ الذي كان يرتكبه البعض في الحي هنا -كونه نبذني- على اعتبار أني مسيحي، بينما كان والدي يقول لي دائماً المسيحي أخو المسلم، في الدم والدين والأرض، وطالما حمل الاثنان الجنسية الفلسطينية فهذا يعني أنهما في حلٍ من أي كراهية إلا لعدوٍ واحد هو المحتل"، مشيراً إلى أن الناس وبعد أن اعتادوا على وجوده في الجامع المجاور (كاتب الولاية) أيقنوا أنه مسلم، "لا بل وبدأوا يتعاملون معي كخبيرٍ في مجال المسيحية حيث يسألونني عن عاداتهم وتقاليدهم، يسألونني عن شكل الكنيسة من الداخل وبعض الأعياد التي تخص المسيحيين هنا، وهذا كان جيداً نوعاً ما".

الجار.. للجار !


الشاب رمزي أكد أن طبيعة العلاقة بينه وبين المسحيين في الكنيسة ممتازة إلى أقصى الحدود، مدللاً على ذلك بقوله :"الخوري الموجود يوناني الأصل، ولا يتحدث العربية جيداً، ولذلك يستعين بي في كثير من المواقف التي يتعرض لها، مثلاً في حال القصف أو الاشتباكات الداخلية، لا يعرف كيف يتصرف فيلجأ إليّ فأساعده".
ويردف بقوله: "قبل أن يكون مسيحياً، هو جاري، والنبي صلى الله عليه وسلم أوصانا بسابع جار، فما بالكم وبابه يقابل باب بيتي؟، ثم إنه غريب عن البلاد، وهنا يأتي دور العربي المعطاء".


أما أكثر أسئلتنا إزعاجاً لقرمش فكان التالي ذكره.. "هل تفكر في حال تحسنت أوضاعك المادية، أن تترك بيتك وتجد لك غيره بعيداً عن هذا المكان؟" فقد أكّد بنبرته الحادة وقتها أنه لا يفكر بذلك أبداً "وإن تحسنت أوضاعي المادية، سأفكر بترميم البيت وإصلاحه لا بتركه".




الخطّاب.. وسماحة الإسلام !


لا يكاد المرء يقطع الممر الضيق بعد باب بيت "رمزي قرمش" حتى يراهما في أروع حلة.. يداعبهما نور الشمس وتغسلهما بعض قطرات المطر.. إنها مئذنة مسجد "كاتب الولاية" تعانق جرس كنيسة القديس "برفيريوس" في صورةٍ هي الأروع في تاريخ الديانتين.. ودّعنا (رمزي) وانطلقنا حيث القطب الآخر للقضية.. "المسيحيين"!


السلّم الواصل باحة الكنيسة بالدير كان طويلاً جداً حتى شعرنا بالإضافة إلى التعب.. بالمزيد من الفضول، وهناك قابلنا بابتسامةٍ حنون، الأرشمندريت (أرتيميوس) راعي كنيسة الروم الأرثوذكس في غزة، والذي أجاب على سؤالنا عما إذا كان يعتبر وجود عائلةٍ مسلمة تعيش جنباً إلى جنب معهم داخل الكنيسة أمراً طبيعياً بقوله :"وما وجه الغرابة في الأمر؟"، ثم أضاف :"العلاقة بين الإسلام والمسيحية ليست جديدة، وتبلورت في عهد الخليفة عمر بن الخطاب الذي أتى إلى بيت المقدس فاستقبله البطريرك صفرونيوس في جبل الزيتون ليكتبا بعد اللقاء ما عرف باسم العهدة العمرية"، مضيفاً :"الخطّاب أعطى بموجبها المسيحيين في بيت المقدس الأمان لأنفسهم وأموالهم وكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر ملتها، أنّه لا تسكن كنائسهم ولا تهدم، ولا يُنقص منها ولا من حيِّزها ولا من صليبهم ولا من شيء من أموالهم"، وهذا ما يرى أرتيميوس "سماحة الإسلام فيه"، مشيراً إلى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان قائداً محنكاً لا يتعامل بالسياسة فقط، "وإنما لا يفصل الدولة عن الدين، وهذا ما يدفع لاحترامه".



"لا" للتطرف الديني !


الأرشمندريت أرتيميوس قال بفخر :"في كل فلسطين لم نسمع عن مشاكل بين مسيحي ومسلم على خلفية الديانة، ولكن هذا لا يعني عدم وجود بعض المشكلات الشخصية بينهما، ولكن بعيداً عن إطار الدين، على عكس دول أخرى تلعب فيها الطائفية دوراً كبيراً في زرع بذور الفتنة وتأجيج لهيب الحرب الأهلية"، مشيراً إلى أن المسيحيين "وهم أقلية في مدينة غزة" عانوا كما عانى المسلمين من الفرس، ومن الصليبيين "اللذين جاؤوا باسم المسيح، فلم يقتلوا مسلمين وحسب، بل قتلوا كذلك ما يقارب 5000 أرثوذكسي".



وتعليقاً على وجود العائلة في الكنيسة أشار إلى أنهم –وهم القائمون على الكنيسة- يشعرون بالفرح الشديد لوجود أناسٍ مثل عائلة قرمش، "في كثير من الأحيان نجد أطفال رمزي يصعدون إلى الدير ليتحدثوا إلينا ويلعبوا معنا، ونحن بدورنا نتقبلهم لأن فيهم من البراءة ما يجعلك تحبهم".

درس في التاريخ !



بمجرد نزولك عن سلم الدير الذي جلس فيه أرتيميوس تستطيع أن ترى المئذنة والجرس في بوتقةٍ واحدة.. والقضية لم تعد لتكون بين عائلة مسلمة ومسيحيين يعيشون في كنيسة، وإنما تعدت ذلك لتصل إلى أن يكون جداراً رفيعاً من الحجر هو الفاصل بين كنيسة القديس بيرفيريوس ومسجد كاتب الولاية.. مما يجعلك تتساءل بدهشة.. أيهما بني قبل الآخر ولماذا بنيا بهذا التداخل العجيب؟؟



أرتيميوس الذي رافقنا بجولةٍ قصيرة في أرجاء الكنيسة أجاب بقوله :"مسجد كاتب الولاية كان مكتباً للكنيسة، ولكن بعد أن غزا الفرس غزة.. دمروا الكنيسة، ثم أعيد بناؤها، ونزولاً عند رغبة عمر ابن الخطاب حينها، كان لا بد من وجود المسجد بجانب الكنيسة دعماً لمفهوم التآخي بين أبناء الديانتين".
وبعد التمحيص استطعنا أن نصل إلى معلوماتٍ تاريخية أكيدة حول مسجد كاتب الولاية، وكنيسة القديس بيرفيريوس من خلال مقابلةٍ أجريناها في وحدة عمارة التراث في الجامعة الإسلامية، حيث أكد م.محمود البلعاوي كون البنائين أقيما في أقدم أحياء مدينة غزة –وهو حي الزيتون- الذي أقيمت فيه الكنيسة على مساحة ما يقارب 216 متراً مربعاً، فدشنت عام 407م باسم الإمبراطورة أفظوكسياني، بينما سميت باسم القديس بيرفيريوس بعد وفاته عام 420م.
أما مسجد كاتب الولاية فقد بني أيام حكم السلطان التاجر محمد بن قلاوون "709-741"هـ، ثم تعرض للهدم أثناء الحروب الصليبية، حتى جاء "أفنان العلائي" وأنشأ مئذنته سنة 735هـ, ليتعرض عام 995هـ للهدم مرة أخرى فأعاد بنائه كاتب الولاية أحمد بك, ومنذ ذلك الحين صار يعرف باسم جامع كاتب الولاية.





أخي "جرس الكنيسة" ............................ لن يكون ردي على رسالتك سوى قولي :"أبنائي هم أبنائك، وأبنائك هم أبنائي.. كلنا للوطن.. للعلا.. للعلم!.. بداية السطر في رسالتي هذه لك أنت.. أما آخر السطر فلك رمزي قرمش.. دورك جليل في تربية بذرتك التي اختار لك القدر أن تزرعها في مكانٍ استثنائي من أرض غزة.. لا زلت أذكرك شقياً يا رمزي تستظل بطول ظلي وقت الشمس، وتحتمي بسعة مساحة الجرس وقت الشتاء.. وفي كلينا خير.. فهلّا كانت بداية الحب من هنا.. أما أنت يا جرسي الحبيب فلك مني أن ندوم لبعضنا.. إن قلت الـ"آه" أجاريك.. وإن قلتها أنا تجاريني!! وهذه المرة.. دمنا لبعضنا عيناً تحرس أرض الرباط.

====

والتعليق لكم

كريم عربجي كم أنت عظيم
www.karimarbaji.com
مليون تحيه لأهل بيت المقدس واكناف بيت المقدس
الف تحيه لكتائب القسام وسرايا القدس
الف تحيه للمقاومه الفلسطنيه الباسله
الف تحيه للمقاومه العراقيه الشريفه
الف تحيه لحزب الله وابناء المقاومه الأسلاميه
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.39954 seconds with 11 queries