الموضوع: أسبوع وكاتب ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 28/09/2006   #66
صبيّة و ست الصبايا سرسورة
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ سرسورة
سرسورة is offline
 
نورنا ب:
Nov 2005
المطرح:
syria-homs-damascus
مشاركات:
2,252

افتراضي


شكلت روايات أمين معلوف عند صدورها حدثا أدبيا وثقافيا لا لمتعتها التي تعيد إلى الذاكرة قصص ألف ليلة وليلة التي كتبها أجداد أمين معلوف, بل لأنها نقلت إلى الغرب, ومباشرة عبر لغة من لغاته, وجهة نظر شقيق له, هو الشرق, ساهمت الغربة وبعد المزار, وكذلك الحروب القديمة والحديثة التي نشأت بينهما, في إحداث فرقة أدت مع الوقت إلى جهل أحدهما للآخر وانطوائه على وجهات نظر عن هذا الآخر ليست دائماً صحيحة أو دقيقة. وما فعل أمين معلوف في أعماله الروائية المتكئة في أكثرها على التاريخ, هو أنه نقل إلى الغربيين وجهة نظر الشرقيين, كما قدم لهم جوانب مشرقة في حضارتنا, هدف من ورائها إلى إقامة حوار من نوع مختلف, كما إلى مراجعة الكثير من صفحات التاريخ المشترك فهمها الغربيون, في الأعم الأغلب, على نحو مشوه.

وقد احتفى الغربيون أيّما احتفاء بكتب أمين معلوف: (الحروب الصليبية كما رآها العرب), و(ليون الإفريقي), و(سمرقند), و(حدائق النور) وسواها من الأعمال التي أضافت إلى المتعة والفائدة صفة أخرى شديدة الأهمية, هي أنها ألفت فصلاً جديداً في الحوار بين الشرق والغرب, وهو حوار قديم وحديث ومتجدد باستمرار. وإذا شئنا التخصيص قلنا إن هذا الحوار الذي بدأ به أمين معلوف في كتبه إنما كان حواراً بين العرب والمسلمين وبين أوربا بالذات, وهما عالمان قريبان وبعيدان في آن, يفصل بينهما, كما يجمع بينهما, بحر طالما ازدهرت حضارات مشتركة بينهما على ضفافه, كما قامت حروب مدمّرة. وإذا كان مارون عبود قد أطلق مرة اسم (صقر لبنان) على الرائد النهضوي أحمد فارس الشدياق استناداً إلى دوره في النهضة, وهو دور تجاوز لبنان إلى آفاق بعيدة, فإن أمين معلوف يستحق اللقب نفسه في وقتنا الراهن نظرا للدور الفائق الأهمية الذي أداه للبنان والعرب في ديار الغرب, ولنبل الخطاب الوطني والثقافي الذي حمله.

يتحدث أمين معلوف في احدى الحوارات عن هذه العلاقة المعقدة بين أوربا والعالم العربي, وعن مستقبل هذه العلاقة. هو يرى أن العالم العربي قريب من أوربا وبعيد عنها في آن, والذي ساهم في إحداث الشرخ بينهما هو أن أوربا عندما (انفجرت) في القرنين الخامس عشر والسادس عشر, كان العالم العربي هو أول من تلقى الضربة منها بصورة مباشرة, وتعذر عليه بعدها أن ينهض على قدميه لأن الذي تلا هذه الضربة هو الاستعمار الذي خضعت له بلادنا, وامتنع عليها بعده النهوض من كبوتها وقيام أي تطور مستقل لها. وفي الوقت الراهن مازالت الهوّة شاسعة بين العالمين, ومن مظاهرها أن مدينة في جنوب إسبانيا محاذية لمدينة في شمال المغرب لا يفصل بينها سوى مضيق بسيط, هي أقرب إلى ليتوانيا منها إلى هذه المدينة المغربية.

ولكن أمين معلوف يرى أن أوربا والعالم العربي يحتاج كل منهما إلى الآخر حاجة ماسّة , ويحلم بقيام رابطة وثيقة بينهما يتمنى أن تصل إلى حدّ (الشراكة العضوية) بحيث تقوم (وحدة عربية - أوربية) من شأنها أن تحقق لدول العالم العربي, وفي خلال فترة زمنية قصيرة, فورة حضارية واقتصادية واجتماعية غير متوقعة, تلحقنا بالعصر, تماماً كما حصل في إسبانيا واليونان وقبرص التي انتقلت بعد عملية (تلاقح) مع أوربا من حال إلى حال.

يقول أمين معلوف: (علينا نحن العرب أن نتخذ المبادرة, أن نخرج من تزمّتنا. إنني أحلم بوحدة أوربية متوسطية تشمل حزمة من الدول المجاورة لأوربا مثل تركيا, ومعظم دول الشرق الأوسط, ودولة مثل المغرب, تمهيدا لالتحاق كل دول المغرب, وحدة أو شراكة عضوية بين أوربا والعالم العربي).

يقيم أمين معلوف في فرنسا منذ 27 عاماً, ترك لبنان في خضم الحرب اللبنانية إلى فرنسا التي يجيد لغتها, وعمل في الصحافة الفرنسية قبل أن يتخصص بهذا النوع من الكتابة الروائية الذي لقي إقبالا عالميا منقطع النظير, والغريب أنه يتحدّر من أسرة لبنانية تخصص أبناؤها بالأدب العربي, وقد قدّمت هذه الأسرة للشعر العربي وحده أكثر من سبعين شاعرا يأتي في طليعتهم شفيق المعلوف صاحب (عبقر) وفوزي المعلوف صاحب (على بساط الريح). وكان والده رشدي المعلوف صحفيا وأديبا وشاعرا أيضا.

نقل أمين معلوف للقارئ الغربي صورة مشرقة عن الحضارة العربية, صورة أمينة بالدرجة الأولى. روى جوانب من سيرة بغداد, وسمرقند, وبخارى, وغرناطة, والأندلس عموما. قدّم للقارئ الغربي وجهة نظر المسلمين في الحروب الصليبية لتكون لديهم صور مختلفة عمّا سمّاه المؤرخون العرب بـ(حروب الفرنجة). لم يتملق القارئ الغربي أو يدغدغ غرائزه بالقول إن تاريخ العرب كان تاريخ الدم والمجازر والمذابح, وإنما ترك هذا الحديث لسواه من بعض الكتّاب الصغار الذين يعيشون في الغرب, وانطلق يروي تاريخ منطقته وحضارته رواية مشرّفة

ان الحياة كلها وقفة عز فقط.......

شآم ما المجد....أنت المجد لم يغب...
jesus loves me...
 
 
Page generated in 0.17729 seconds with 11 queries