6 تموز
هذا يعني ان لكل منا رؤيته , لأنّ تلك هي طبيعة عقلنا و تلك هي نزعته الغريزيّة إلى فهم الواقع. هنالك أيضاً حاجة خاصة إلى الرؤية لأنّها تضفي على الحياة شيئاً من الثبات و التماسك , فهي تنير سبيلنا , و من دونها تكون كمّن أصيب بعمى نفسي , نتعثر كلما خطونا و كأنّنا نسير في طريق لم يسلكها أحد من قبلنا . و سرعان ما نتفكّك و كأنّنا في ضياع .
و هذه الرؤية تكون بمثابة نور داخلي يضيئ سبيلنا في التعاطي مع الناس و مع الأماكن و الأشياء . و هي تصبح كذلك أساساً لسلوكنا العاطفّي , كما قلنا , ينطلق من نظرتنا إلى الوجود . و لا فرق في هذا بين نظرة صحيحة و نظرة خاطئة , لأن ردة الفعل دائماّ تأتي دوماّ منسجمة مع تلك النظرة . فإذا ما و ضع طفل حيّة من المطاط في الحديقة , فلا فرق إذا كانت حقيقية أم لا , لأنّ ردّة فعلي العاطفيّة تأتي من نظرتي أنا إليها .
فالعواطف دوماّ وليدة النظرة إلى الواقع و فهمه . و لكنّ ردّات الفعل العاطفية على الواقع لا بدّ و أن يكون لها وقعها على النظرة المستقبلية إلى الواقع و فهمه . أحَدَثَ لك أن كنت لوحدك في منزل منفرد , و سمعت ضجّة في الليل ما أمكنك تحديد مصدرها و لا فهمها ؟ قد يكون الهواء أغلق مصراع النافذة و لكن منذ ذلك الحين يصبح كلّ صوت غريب مصدر قلق , و يروح القلق يعكّر ما تسمع , فكأنك أدخلت ذاتك في دوّامة تاريخية مقلقة .