عرض مشاركة واحدة
قديم 24/09/2009   #3
شب و شيخ الشباب Abu Jnkez
مسجّل
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ Abu Jnkez
Abu Jnkez is offline
 
نورنا ب:
May 2009
المطرح:
كنت ساكن هون
مشاركات:
18

افتراضي


محرّك التطور الداخلي
إن الجانب الأكثر إيجابية في النظرية المركسية حول التطور الاقتصادي هو بلا جدال، على الأقل بالنسبة للاقتصاديين، الطابع الداخلي Endogenous (من الكلمة اليونانية endo – في داخل، وgenes – يولّد). بكلمة أخرى، إن جميع الشروط والآليات اللازمة للنمو والتراجع ومن ثم الموت متوفرة ضمن المنظومة بحد ذاتها.
لم تصل النظرية المعاصرة للنمو الاقتصادي إلى التفسير الداخلي سوى قبل وقت قصير، وبالاعتماد على جهاز مفرط في رياضيته. علماً أن كل فرد من الحقبة السوفييتية, بمن فيهم التلميذ متوسط التعليم، يعرف أن أهم صفة في عملية الإنتاج الرأسمالي هي طابعه الدوري، وأن أزمة الإفراط في إنتاج السلع تنشأ كل خمس – سبع سنوات تقريباً. ولكي تنشأ مثل هذه الأزمة لا يتطلب الأمر وجود أية عوامل تبرير خارجية، فكلها متوفرة ضمن منظومة الإنتاج بحد ذاتها.
يمكن للرأسماليين أن يتحاشوا مثل تلك الأزمة إما عن طريق تطوير وتوسيع أسواق الاستهلاك أفقياً (بواسطة تأهيل مناطق جديدة لتصريف السلع أو جذب عناصر استهلاك جديدة إلى السوق)، وإما عن طريق خلق أسواق جديدة على حساب جودة التكنولوجيا. لكن تنشأ في الحالة الأولى مخاطر جديدة. وكمثال تقليدي على مثل ذلك النمو نذكر أزمة الرهن العقاري الحالية، التي انفجرت في الولايات المتحدة الأمريكية في الدرجة الأولى لأن دخل مَن قام بشراء العقارات لم يكن ليسمح لهم باقتنائها، فجاءت لمساعدة البائعين مختلف الأذرع المالية الممكنة وغيرها من «المضخات النقدية» التي تمكنت من دعم التوسع، ولكن لفترة زمنية محدودة.
أما ما يتعلق بالتقنيات الجديدة، فغالباً ما يصطدم الزبون بتحسين جزئي في المنتج الموجود أساساً، أو أنه يصبح ضحية الدعاية التجارية الحاذقة. هذه الميكانيزمات أيضاً غير قادرة على تغيير الأساس في عمل آلية السوق، في حين أنه لم يعد باستطاعة الرأسماليين المعاصرين على الأرجح، أن يبتكروا آليات أساسية خاصة بهم.

الفقر النسبي.. آفة الرأسمالية
إن مقولة إفقار الطبقة العاملة لم تتحول إلى أكثر «الاكتشافات» الماركسية تناقضاً وحسب، بل وأصبحت المادة الأكثر شعبية للسخرية. وبالفعل، منذ أيام ماركس والوضع المادي للعمال في البلدان الصناعية المتطورة يتحسن، كقاعدة. ومع أن ماركس تحدّث عن الإفقار النسبي وليس المطلق، فإن أي مثقف سوفييتي كان جاهزاً ليردد «رائع لو أنه يتم إفقارنا بهذا الشكل».
ومع ذلك فإن المشكلة كانت تقوم في أنه كان من الصعب حقاً رؤية العمال المعدمين، فالأماكن العمالية الشاغرة لم تكن تحفظ في المتاحف كما لو أنها ديناصورات أو ماموث، أما البشر فكانوا مضطرين لأن يتعلموا من جديد، أو أن ينسلخوا عن طبقتهم. والموقف من شريحة الحثالة في المجتمع مختلف تماماً، إلا أنه تبين في زماننا هذا أن الناس في البلدان الأقل تطوراً مستعدون للقيام بالعمل نفسه وبالمستوى نفسه من الجودة لقاء أجر مختلف. وهذا ما صار ينعكس على أجور العمال في البلدان المتطورة.
لقد ظلّت المهارة العالية في قطاعات الاقتصاد ما بعد الصناعي ضمانة لفرص العمل على مدى فترة طويلة. ولكن تطور تكنولوجيا المعلومات بدأ يدمّر بصورة شاملة ليس الوظائف وحسب، بل مهناً بكاملها بما يخصّ الاختصاصات الرفيعة بدون غياب المردود، بل مع زيادة في المردود. وهنا بدأ الطالب يحل محلّ الوسيط التجاري المحترف، وقد أخذ يحمل في يده جهاز هاتف نقال بداية، ولاحقاً قائمة بالعناوين الإلكترونية للزبائن المفترضين. وبدلاً من سائقي التاكسي ظهر سُوّاقٌ وسائط نقل مجهزين بأجهزة اتصال لاسلكي وبأنظمة تحديد المكان عن طريق الأقمار الصناعية، ما جعلهم قادرين على إيجاد أي بقعة أو ركن في المدينة بدون الحاجة إلى عشرين سنة خبرة عمل. كما انقرضوا باعتبارهم طبقة حرفيين، الرسامون الهندسيون، وعلى الصف يقف منتظراً الفنانون التشكيليون ومصممو الديكور ومهندسو الصوت، والوسطاء المصرفيون، والكثير والكثير من المهن الأخرى التي كانت تتطلب يوماً ما مهارة عالية وما يقابلها من أجر لقاء عمل روتيني.
طبقاً لحسابات أجراها خبراء اقتصاد أمريكيون اعتباراً من منتصف عقد الثمانينات من القرن الماضي، كانت الطبقة الوسطى بالتحديد هي المتضرر الأول (من حيث الدخل): جرى ارتفاع في الرواتب والأجور في «أقطاب» السوق – في شريحة المستخدمين أصحاب الأجور المتدنية (ولكن دون أن يبهر هذا الارتفاع الوسيط البنكي أو المسؤول عن التسويق) وبين الأخصائيين أصحاب الأجور العالية جداً (وما يعيق الانتقال إلى تلك الفئة هو القيد أو الحاجز التعليمي – إذ لا يتم قبول الجميع في جامعة مثل هارفرد).
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03504 seconds with 11 queries