الموضوع: أسبوع وكاتب ...
عرض مشاركة واحدة
قديم 01/11/2006   #212
صبيّة و ست الصبايا layla
أميـــــــــ
 
الصورة الرمزية لـ layla
layla is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
USA
مشاركات:
4,894

افتراضي


لا أعلم لماذا، فمن بين كل قصص الحب في التاريخ وجدت نفسي مرتبطا روحيا بقصة حب مي زيادة وجبران خليل جبران. فقد سحرتني هذه العلاقة القوية بين أثنين يفصل الواحد عن الآخر آلاف الكيلومترات، حيث كان جبران يعيش في نيويورك، ومي في القاهرة. وقد امتدت هذه العلاقة لفترة طويلة من الوقت، قرابة الربع قرن، لم يلتقيا فيها ولا مرة واحدة. ورغم ذلك فقد حدث بينهما ذلك التواصل الكبير الذي يربط المجتمع الإنساني، ويدعى الحب.

وما يميز ذلك الحب أنه بين أديبين كبيرين. فجبران لا يحتاج أن يتحدث أحد عن إبداعه الأدبي في الرواية والشعر والرسم. ومي زيادة كذلك، فعلى الرغم من أنها لم تنل نصيب جبران من الشهرة، إلا أن من يقرأ أعمالها يعرف أنه أمام أديبة ولدت في زمن لا يعترف إلا بالرجال. بالإضافة إلى نضالها المستمر لتحرير المرأة العربية، ودعواتها ومحاضراتها في الإصلاح الاجتماعي.

فأنا هنا بين عملاقين من البشر قررا أن يعشقا بعضهما، بطريقة هي أقرب إلى الحب الأفلاطوني الذي لا يسعى إلى الوصال، ولكن إلى الاستمتاع بحديث العقل والفكر. وقد أتهم حبهما من بعض النقاد بأنه لا يتعدى كونه صداقة أدبية، لكن من يقرأ رسائل جبران يعرف أنه كان أكثر من ذلك.

قد يكون تعلقي بهذا الحب هو ما يمثله من رمز لواقع العلاقة بين الرجل والمرأة. فقد يكون كل منهما قد أحب الآخر بشكل كبير، لكن طريقة هذا الحب اختلفت بينهما. فجبران على حبه لها، ظل مشغولا بهاجسه الأدبي، وبسعيه للوصول إلى القمة، ويحدثها عن ذلك في معظم رسائله. بل أنه كان يستوحي أعماله الأدبية من ذلك الحب، خاصة روايته المشهورة "الأجنحة المتكسرة". كما أنه لم يستطع أن يرتقي فوق غرائزه الرجولية، وانغمس في علاقات متكررة مع نساء المجتمع الغربي. وكأنما هو يقول هذا هو حب الرجال في "نيويورك".

أما مي، فقد فرّطت بالكثير من ما كان يمكن أن تحصل عليه، فقد بدأت مراسلة جبران لتستزيد من أسلوبه الكتابي المبدع، وبذلك ترتقي بطريقتها بالكتابة، لكنها عشقت الكاتب، ونسيت الكتابة. كما أنها شغلت نفسها بجمع كل رسائل جبران وحفظها، وبذلك صارت كل رسائل جبران مفتوحة للعالم، أما رسائلها فقد ضاع معظمها بعد وفاة جبران. كما أنها حفظت ذلك الحب إلى أقصى الحدود، فحرمت نفسها نعمة الزواج وعاطفة الأمومة. وكأن لسان حالها يقول هكذا تعشق المرأة الشرقية في "القاهرة".

وحتى تكتمل صورة العشق بين الشرق والغرب، عاشت مي حياة المعاناة، التي يمكن أن تتعرض لها كل امرأة شرقية. فقد تكالب عليها رجال عائلتها بعد أن مات أبوها، حتى يغتصبوا منها الورث الذي هو حق لها، ووصل بهم الأمر أن دبروا لها فرية أدخلوها بها إلى مستشفى المجانين في لبنان. ولولا تدخل شخصيات بارزة في ذلك الوقت، لقضت بقية عمرها في المشفى.

مي أحبت جبران لأنها كانت كأي امرأة شرقية ذات عقل وثقافة تبحث عن من يكون ندا لها من الرجال، فهي لا تستطيع أن تعشق رجلا لا يمكن أن يصل إلى عقلها. حتى أنها تذكرني ببعض النساء السعوديات الآتي يحلمن بالزواج برجل أجنبي، لأنهن لم يجدن في ابن البلد ذلك الإنسان المثقف الذي يستطيع أن يخاطب عقلها وقلبها معا. فمن ما يروى عن مي، أنها تعلقت بشاب ألماني تعرفت عليه، وأنها ذهبت إلى برلين بعد أن سافر لتبحث عنه، لكن يبدو أنها لم تجده، أو أنها وجدته لكنها اكتشفت شيئا آخر.

أعتقد أن جبران كان واقعيا في حبه أكثر من اللازم، ومي كانت في حبها حالمة أكثر من جبران، وحين يلتقي الواقع بالحلم، يصير حبا من خارج هذا العالم، حبا ليس له مكان ولا زمان، حب لا يمكن أن يحويه إلا جنه الله في عليائه. يا ترى لو التقى مي وجبران في مكان ما، وقررا أن يعيشا حياتهما سويا، فما كان مصير ذلك الحب؟!

ادعـــي علـــي بالموت.. ولا سمني
بس لا تفارقني دخيــل الله و تغيب
طاري السفر يا بعد عمري همني
شلون اودع في المطار اغلـــى حبيب :cry:
تعال قبل تروح عني ضمني
اقرب من انفاسي ترى حالي صعيب
ابنتثر قدام عينك لمني
وابسألك هل نلتقي عما قريب
نسيت حتي اسمي دخيلك سمني
باللى تسمينى البيلك واجيب
مجنون عاقل ما علي من لامني
انا مع نفسي واحس اني غريب


 
 
Page generated in 0.03354 seconds with 11 queries