عرض مشاركة واحدة
قديم 05/12/2007   #27
صبيّة و ست الصبايا سرسورة
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ سرسورة
سرسورة is offline
 
نورنا ب:
Nov 2005
المطرح:
syria-homs-damascus
مشاركات:
2,252

افتراضي


أوه..
مسافة؟!
أحاول اختراع حوارات لطيفة أحدّث بها عليّ" الصداع يشجّ رأسي. أستلقي على السرير. غيوم تتساقط في الغرفة. صَدري يؤلمني. لابدّ أن ضلعاً قد كسر. ليكنْ. أصير ناقصة ضلعين بدلاً من ضلع واحد. سيكون ذلك ميزة أنثوية فائقة بالنسبة لي. أتأوه وحدي. أتقلّب على السرير حتى لايتجعّد فستان الشيفون الأسود، المنسدل على جسدي.
"ترى كيف يتصورني عليّ؟!"
أنا أتصوره وسيماً. أنيقاً. أحمد قال: بأنه دار العالم. نهل من ثقافات كثيرة. وتعرّف على نساء كثيرات. إذن يجب أن يكون وسيماً.
بالتأكيد هو لايشبه فلاحي قريتي المشققة أكفهم بالمطر والوحل. لايشبه زملائي الموظفين الذي يرتدون القميص طيلة العام، يغسلونه ويكوونه ثم يعيدون الكرّة حتى تتنسَّل خيوطه ويجرد لونه. قد يشبه ابن عمي عامر الفنان. أو يشبه صديقي الجراح الكبير. أو. يُقرع الباب: انهض. أسدل ثوبي الأسود الشيفون. "من؟"
"أنا عليّ"
أدير قبضة الباب. القبضة لاتدور. أحاول شدّها. "لحظة من فضلك الباب لاينفتح" أشعر بالحرج. أحاول مرات حتى أجرح أصابعي.
يظنني مشغولة بوضع العطر. أعارك الباب مرّة أخرى. يديرُ أكرة الباب. أخيراً ننجح: هاهو أمامي. أتراجع إلى الوراء. تتلعثم أصابعي في كفّه الرقيقة. أهتدي إلى كلمة "تفضل".
جلس على حافة السرير. ظللت واقفة لا أعرف كيف أبدد خيوط الدهشة. تأملني. أطرقتُ رأسي. ساد الصمت. كنت خجلة جداً.
... ... ...
(7)
ماذا لو أن الباب لم ينفتح.
"أنا أعرفك جيداً.." قال كي يكسر زجاج الصمت. لم أستطع الكلام. أربكتني المفاجأة. وأحزنني الرهان الخاسر مع خيالاتي. للأسف هو لايشبه أبي أو عمي ولا أخي الكبير. إنه لايشبه خالي. ولايشبه عامر.. لماذا؟ لماذا انزعجت؟ ماعلاقتي به؟!
"أتشرب القهوة؟ "
"لا. لن أعطلك عن الحفلة"
اعتراني إحساس بالحزن والأسى. لقد خسرت مع نبوءتي. إذن الصوت لايحدد الشكل.
"ولكن لدي وقت كافٍ لنشرب القهوة"
لكنه يرفض. هكذا ببساطة يأتي، وببساطة ينسحب. "لن أعطلك" ما أثقل هذه العبارة! ليكن. أظنه جاء ليرى شكلي، وأنا كنت أريد أن أرى شكله بعد المهاتفات والحوارات. ولكن لماذا حضرَ الشكل وغاب الحوار؟
نزلنا معاً البهوَ. ودعني. كانت يده باردة، وكان صوتي بارداً. راقبته من بعيد. تكسر غصن برتقال في روحي. هل كنت أنتظر صورة أخرى لصوت أعرفه؟!
في السهرة نسيت اللقاء، وعاتبت نفسي كلما تذكرت انزعاجي. ليكن طويلاً، قصيراً، نحيلاً، شاباً، عجوزاً، بشعاً، ماعلاقتي به؟!
.... ... ...
(
لا. لم يغير لقاؤنا من طريقة الحوار. نبدأ بالطقس، وآخر لوحاتي، وننهي الحديث بالكلام عن أحمد وعن آخر أعماله. لكني صرت أستفقد هواتفه عندما يتأخر.
وقد أسال عنه أو أتصل به. وشيئاً فشيئاً صار وجهه يطغى ويحتل غرفتي. لم أكن أخطط لذلك، فأنا لاأميل بالتدريج. دائماً أخشى اللقاء الأول. ولقائي الأول به مرّ. لم يبق في ذاكرتي إلا لون ثيابه -طقمه الأخضر- أو الزيتوني. والباب الذي رفض أن ينفتح مباشرة كأن الأبواب تدرك ماوراءها؟ يضحك. "أتذكر ذلك؟"
غمرني بنظرة شفيفة وقال: أذكره، وأذكر ماذا كنت ترتدين. إنه ثوب الشيفون الأسود. الجميل. المثير. الـ.
وأنت كنت ترتدي اللون الزيتوني المخضّر. يومها لا أعرف لماذا انزعجت؟ لم أخبرك إلا بعد زمن طويل وكان الوقت ليلاً، والهواء الشمالي يعصف بالمدينة. كانت الآلهة خائفة، والأشجار خائفة، المدفأة تئن، وأنا أرسم، وإذ رنّ الهاتف وسمعت صوتك ارتبكتُ. رحت أهرب من ارتباكي بأسئلة عابرة عن الطقس والبرد والمكان الذي تتكلم منه.
"أكلمك من المدينة التي التقينا بها لأول مرّة.
"صحيح..؟ أتذكر تفاصيل ذلك اللقاء الآن"
"كيف الطقس عندك؟ برد؟ بردانة؟"
"جداً.. برد وهواء شمالي يصفرّ على النوافذ""
"عندك برد؟"
"لا.. المكان مدفأ. تعالي أدفئك بين ذراعي. ألو."
ساد الصمت. وجهك ملأ الغرفة. انصهرت ألوان ثيابك مع ثوبي الشيفون الأسود.
"لماذا قلتها؟
"ماذا قلت؟"
"قلت: تعالي أدفئك؟
"الحق على البرد" ابتسم.
كلمة واحدة حملتني إلى غرفتك. اجتزت مسافات وجبال صقيع وتكومت بين يديك. يبدو أن لكل حالة توحد كلمة واحدة. كلمة تكفي لتصير أنت كل الرجال وأصير أنا كل النساء. كلمة؟! قد نقضي العمر ولانجدها. وقد تنبجس فجأة من بين ركام الكلام والوجوه والألوان فتزيل تماثيل القلق من الساحات وتلغي البرد والمسافات وكل الوجوه والأسماء و. هناك أشياء تُحسّ ولاتقال.
(9)
غمرت رأسها في صدره وقالت: "ماذا لو لم ترتدِ أنت الأخضر" وأنا لم أرتدِ فستان الشيفون الأسود. أو أنني ماجئت المدينة لحضور حفلةٍ. ماذا لو أن الباب لم ينفتح؟ كنت ستظلّ صديق صديقي لا أكثر”
طوقها بذراعيه. شعرت رائحته تتغلغل إلى مسام روحها.. تأملته. إنه ليس الذي رأته أول مرّة. إنه الذي تراه بقلبها. وهو لايشبه أباها ولا أخاها ولا... إنه يشبه كل الذين تحبهم. نظرت إلى عينيه "ماذا لو أن الباب لم ينفتح؟
مرر أنامله في شعرها الأسود. همس. "مع ذلك كنّا التقينا"

ان الحياة كلها وقفة عز فقط.......

شآم ما المجد....أنت المجد لم يغب...
jesus loves me...
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.06915 seconds with 11 queries