الموضوع: حوارات
عرض مشاركة واحدة
قديم 03/01/2008   #162
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي


طبعا، إن شعر الحب يحمل عدة معان وجودية وإنسانية، ولكن ليس بمعني الترجمة الحرفية للمعاني السهلة.
- محمود، من الواضح أن قصيدتك هي أحد مرتكزات خريطة الشعر العربي الحديث. ما في ذلك من شك. فهي جزء من هذه الخريطة وتتجاور فيها مع أنواع أخري من المرتكزات وأنواع من القصائد. ولذا يهمني أن أسألك عن هذا الجوار. كيف تقرأ مثل هذا الجوار؟ كيف تعيشه وتواكبه داخل هذه الخريطة، ودعني أؤكد أساسا علي التجارب الكبري؟
- لا أستطيع أن أقول إننا نتجاور، وإنما نحن نتكامل. وأتحدث عن الخريطة الشعرية الحالية، أما في السابق فكل واحد كان يتعلم ممن سبقه. وبعد ذلك، بعد سن معينة نصير جيلا واحدا. لا تقاس التجربة الشعرية بسنوات العمر، إنما بسنوات الإبداع أو بالملامح الإبداعية لكل تجربة. لذلك، أعتقد أننا لا نتجاور وإنما نحن أجزاء من بعضنا البعض، فليس هناك أحد منا كان سيكون مَنْ هو عليه الآن لولا الآخر. ولا أقول هذا من باب ادعاء التواضع. أكثر من ذلك، أنا أتعلم وأستفيد وأصغي باهتمام لا فقط إلي من هم أكبر مني سنا أو إلي مجايليَّ، وإنما أيضا إلي من هم أصغر مني سنا. ولي هذا الحرص علي أن أصغي دائما إلي الحساسية الجديدة، والذائقة الجديدة، ولا أخجل أبدا من الاعتراف بأنني أتعلم منهم كثيرا. لكنني أفهم أيضا أنه بعد تراكم معين، يبدو وكأن هناك أقطابا شعرية متجاورة أو تطل علي بعضها البعض كما لو أن الخريطة علي شكل أرخبيل. وهذا من حق الناقد أن يراه، وربما من حق القارئ أيضا، ولكن ليس من حق الشاعر أن ينظر إليه كثيرا، بل عليه حتي أن يتجاهل أنه محور أو ضلع من أضلع مثلث…

- لكنك في مراقبتك لهذا الأرخبيل ، إذا جاز التعبير، تظل ممسكا عن الكلام ولا تتحدث عن التمايزات أو الخصائص التي ترصدها من داخل مرصدك الشعري والجمالي. وأري أن خروجاتك قليلة جدا بهذا الخصوص؛ أذكر هنا نصوصك وشهاداتك النثرية الجميلة والمتألقة التي كتبتها عن سعدي يوسف أو المرحومة فدوي طوقان أو المرحوم محمد الماغوط أو المرحوم ممدوح عدوان…

-
بشكل عام، أحذر من الدخول في جدال حول المسائل الشعرية الراهنة. أتحاشي ذلك، أتحاشي النقاش حول الخيارات الشعرية، حول أفضلية الشعر الموزون أو أفضلية قصيدة النثر. وكنت قد ارتكبت حماقات في السنوات الماضية، وأبديت آراء متسرعة أندم عليها. وأعتقد أن ليس من حقنا أن نضع أي موانع أمام أي تجربة شعرية جديدة. ليس من حقي أن أقول، ومن الخطأ أن أقول مثلا إن خيار الوزن أفضل من خيار القصيدة النثرية أو إن الشعر العمودي أفضل أو ليس أفضل من قصيدة التفعيلة (لكم أكره هذا التعبير!).

ما يعنيني شخصيا هو تجلي الشعرية في القصيدة، وما يهمني هو أن أقرأ شعرا سواء في القصيدة العمودية أو الحرة أو النثرية. من ناحية أخري، بسبب حساسية العلاقات بين الشعراء أحذر كثيرا من إبداء الرأي في شعر زملائي وتسمية هذا أو ذاك. إن هناك حزبية شعرية عندنا، وأعتقد أن هذه الروح الحزبية تعكس أزمة ثقة بالذات. ينبغي أن يمر النص بدون كوادر حزبية، أن يعبر ويخترق ويصل بدون ترويج إعلامي. لذلك، فإن علاقاتي العامة سيئة جدا ولا أحرص علي ربطها.

- إذا صدق حدسي، كأنك تلمح إلي ما يلحقك من إيذاء داخل الخريطة الشعرية الفلسطينية…
- أنا أتعرض فعلا لحملة قاسية جدا من أغلبية الشعراء الفلسطينيين. لا أشعر أن لدي مشكلة مع الشعراء العرب، ولكنني أتعرض دائما لتشهير، وتكفير، وتخوين من أغلب شعرائنا الفلسطينيين، وأدعي أنني لم أقرأ ولم أسمع.

- لكنك، وأنت تتابع وتقرأ وتواكب دبيب النمل في القصيدة العربية الحديثة والمعاصرة، لا شك أن هناك ما يدهشك فيها، وبعض ما يعجبك فيها. فما هي هذه الملامح أو الخصائص التي تثير إعجابك في هذه القصيدة؟
- يعجبني كثيرا إعلاء شأن اليومي والعادي، وانتهاء البطولة اللفظية في الشعر العربي. انتهي زمن الفروسية الشعرية وتمجيد البطولة بكل معانيها. ولا أَمَسُّ هنا معاني الوطنية، بل أشير إلي نموذج الشعر ـ البطل أو الشعر ـ النبي…
إن تكسير أو تفكيك هذه الصورة هو الجانب الجميل والثوري من مشروع الشعراء الشباب. وذلك بإعلاء شأن اليومي والهامشي والعادي. ولكنني لا أحب الإسراف في البحث المضني عن اللامعني لدي كثيرين منهم. إن بعض الشعراء الشباب ـ للأسف الشديد ـ يبذلون جهودا طائلة من أجل أن يكونوا غامضين. والغموض قد يكون طبيعة ملازمة للعمل الشعري، والشاعر عندما يكتب إنما يكتب لكي يوضح نفسه لا ليبحث عن غموضها. الغموض يأتي في سياق العملية الشعرية، لكنه ليس هدفا.

قلت لك ما يعجبني، لكن ما لا يعجبني هو الإسراف في قول اللاشيء وتزيين الكلام بمفارقات أصبحت جاهزة. لا يعجبني لدي البعض هذا الإصرار علي أن يكتب قصيدة لا تقول شيئا.

ويعجبني أيضا التخفيف من الادعاء البلاغي والبحث عن بلاغة جديدة، وإشراك القارئ في معرفة كيف تُكْتَبُ القصيدة. طبعا، في ذلك مكر خطِر جدا. هذه ليست لعبة شكلية، بل يجب أن تحمل معني آخر.

هناك نقطة أخري، حول شعرية التفاصيل وهي مقولة سادت كثيرا في الخطاب حول الشعرية العربية الحديثة. لا شك أن التفاصيل قد تشكل أو تكون الظاهرة، لكن تفاصيلنا أحيانا لا يكون هناك رابط بينها. فأنت عندما تقرأ القصيدة لا تجد تفصيلا واحدا يحمل معني أسطوريا ـ كما يمكن أن نجد ذلك مثلا في شعر يانيس ريتسوس ـ أو معني ميتافيزيقيا. لا تجد أن هذا الجزء التفصيلي الصغير يحيل إلي ما هو أكبر منه أو إلي ما هو خارجه. وهذه لعبة شعرية تحتاج إلي ذكاء أكبر مما يتصورون، وإلي معرفة أعمق قد لا يملكها هؤلاء الذين يقولون عن أنفسهم إنهم شعراء التفاصيل. أية تفاصيل؟

وما هو الضوء الذي يوجد وراء هذه العتمة؟ وما الذي يحمله مثلا ظل الحجر؟ هل يحمل تاريخا ما، أسطورة ما، معني ما ورائيا…أم ليس هناك شيء نهائيا، وأن هناك لقاء مصادفة بين الشباك مع زجاجة الماء مع ورقة الشجرة التي سقطت في الطريق؟ أعرف أن هذه الأشياء وغيرها يمكن أن تجمع، ولكن ينبغي أن يتوفر لها شاعر له رؤية ومعرفة، فيؤلف شكلا وماهية بهذه العناصر التي لا تبدو مشتركة ويمكن أن يربط بينها خيط مشترك إذا تهيأت له رؤية شعرية.

شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة

آخر تعديل butterfly يوم 21/01/2008 في 07:58.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03661 seconds with 11 queries