[personita]

مفزعة شحنة الشر تلك التي حوتها آخر جملة لراخوي (زعيم المعارضة الاسباني): "هناك 180.000 أجنبي يتقاضون تأمين التوقف عن العمل"، مدهشة تلك الدناءة التي جعلته يحسبهم واحدا واحدا، مروعة تلك الأريحية التي أكد بها أنه لم يقل ذلك. الأجنبي، الغريب، ذلك الذي ليس "من هنا". ليس هناك من خوف أكثر ِقدما و لا أقل منطقية من ذاك الذي نكنه لذلك الشخص الذي يختلف عنا في اللون، ذلك الذي يتكلم لغة مختلفة، ذلك الذي يمارس عادات مجهولة، الآخر، باختصار، ذلك الذي يأتي كي يسلبنا روحنا، ثقافتنا، مالنا، مقعدنا بالباص، و سريرنا بالمستشفى… ليس من قبيل الصدفة أن يكون مصطلح "بربري"، الذي في الأصل كان يعني "أجنبي"، قد صار مرادفا لمصطلح "همجي" .
ثم يأتي ذلك الرجل الذي هو طيلة حياته "من هنا"، رجل ربما غبي، و لكنه غبي "من هنا"، غبي منا، و يهمس لك في أذنك: "أستطيع أن أقضي، بركلتين، على كل هذه الحثالة البشرية، التي تملأ خدمات الاستعجالات و التي تنتظر دورها في طابور البطالة و التي تتقاضى تأمين التوقف عن العمل، ذوو الشعر الأشعث أو المجدل، هؤلاء الذين يعدون السلطات بتلك الصلصات الغريبة".
أمام خطاب من هذا النوع من سيدخل في تعقيدات فكرية حول الحق في تقاضي ما قد سُدِّد من قبل؟. ليسوا من هنا و كفى!
راخوي يفتخر بأنه رجل حواضر، بأنه عاقل، بأنه يتمتع بحس عام نادر، و بأنه بطبيعة الحال، يكره الأجنبي (مسألة تؤدي حتما إلى أخرى).
لو كان إيباريتشي (رئيس حزب في إقليم الباسك) هو الذي صرح بجملة كجملة زعيم الحزب الشعبي، لكنا انقضضنا كلنا عليه، و لكان ذلك منطقيا، لكونه قوميا.
يجب أن يكون الشخص قوميا للغاية أو شريرا للغاية كي يقول أن 180.000 أجنبي يتقاضون مساعدة من أجل البطالة (و يتقاضونه –و إنه لمن المخجل أن نلح في الأمر- لأنهم قد ساهموا من قبل). بمعنى أنه ربما يجب أن يكون الشخص قوميا للغاية و شريرا للغاية في نفس الوقت.

مترجم عن جريدة "ايل بييس" 19 سبتمبر 2008
"سوء نية" ل خوان خوسي ميجاس

على إثر الأزمة الاقتصادية التي ضربت أمريكا، و التي تلوح الآن في الأفق الاوروبي - لأنه ببساطة،عندما تصاب الأمريكية بالزكام، تعطس اوروبا-، كان الحديث عن الأسباب أمرا ملحا، لأن الشارع يلح بالسؤال و يطالب المسؤولين بالجواب.
في اسبانيا على الخصوص، صار الحديث عن تصاعد نسبة الهجرة كسبب للأزمة الاقتصادية أو في أحسن التصورات، سببا في تفاقمها، أمرا دارجا بين المواطنين الأصليين، و في هذا الصدد جاءت تصريحات زعيم اليمين التي أثارت حفيظة اليساريين و اعتبرتها ترويجا للعنصرية
و أسلوبا حقيرا يرمي إلى تهويل الاسباني المتوسط أو البسيط عند ربط الأزمة و المهاجر بعلاقة سببية.

ماذا لو كنت مهاجرا باسبانيا؟ ماذا تقول لراخوي؟