عرض مشاركة واحدة
قديم 06/10/2009   #1
صبيّة و ست الصبايا raniatina
مسجّل
-- اخ حرٍك --
 
الصورة الرمزية لـ raniatina
raniatina is offline
 
نورنا ب:
Feb 2009
المطرح:
بين العاصي وبردى
مشاركات:
24

افتراضي نزيف آخر المحاربين


نزيف آخر المحاربين

أقفُ وحيدة بهلعٍ في غرفتكَ
الجدرانُ تردد صدى صلابتك
تغذيها عزيمة الأيام الخالية.
أوراقكَ المتناثرة على المكتبِ تفتقدكْ،
تستدعيكَ لِتكمِلَ بها مشوارَكَ
لا أجرؤ على لمسها
وبحار الدمع تترقرق بين أهدابيا
يا غائباً لفه الضبابُ فجأة
لماذا لحقتَ بجنونِكَ ؟!
وشرعتَ أشرعة رحيلِكَ
في زوبعة غضبٍ عاتية!
كتبكَ دفاتركَ مُدوَّناتكَ
كمبيوترك وكلماتُ سرِّكَ
أحلامكَ ومشاريعكَ المبتورة
تثلمُ القلبَ بسكاكينِ ذكراكَ
تناديكَ بصمت..
وبصبر أمٍ رؤوم تنتظِرُ بلا كللٍ عودتكَ
وفي سرها وسهدها تناجيكَ
دون أن تدري ما ألمَّ بكَ
لكنها لا تفقد الأملَ برجوعِكَ.

****
كنتَ تتحدى الطوفانَ وحدكَ
حين انسلوا واحداً بعد الآخر من حولِكَ
وتركوكَ تواجه المصير بمفردك.
أسلحتكَ الخشبية ما كانتْ كافية
لردع كانتونات المافيات
في زمنٍ نسيَ الفرسانَ والفروسيات.
أذكرُكَ حينَ وقفتُ مبهورة بكَ
وأنتَ تشحذ ببسالةٍ همتكَ
بعد أن ركبَ الريحَ الأخُ الأكبر
واختارَ الانزواءَ
بعيداً في لجة الظلمات
ونزفَ حماسته ثاني إخوتنا
وغابَ في سراديب النسيانْ
وتلاشى حماس الأقرباء
والأصدقاء
فحملتَ الراية بعدهما بشجاعة
والمَلؤ يَسخرُ من فروسيتك.
وبرغمهم كالمسحورة آمنتُ بكَ
وصرختُ في كلِ الروابي
هذا أخي.. سندي
نصيرُ المستضعَفين والمستضعَفات
يحملُ في حناياه الأملَ المنشود
وينثِر في قاعات الدرس الوعود
ويبشر بالصمود.
وكم جذعتُ حين حاصروك
وضيِّقوا الخناقَ عليكَ
وتعاضدوا عليك
وإلى حافة الجنون أوصلوك..
ورحتَ تنزفُ صبرَكَ
قطرات...
على مذبح الانتظار
ويأكلُ صمودَكَ الحصار
وتذوي كما الأشجار
تتجرع الهواءَ المسموم حولك
وتذبلُ في ريعانِ ربيعكَ
فيما تحمِلُ بشموخٍ وكبرياء واقتدار
صليبَكَ بين عينيك
وتنكِر الركوعَ لأعدائك.

****
غرفتك المَلئَ بكلماتك
تضج بصخب في الذاكرة
فنبتهل ما بين البكاء والدعاء:
لمن تركتَ بعد رحيلك أمّاً وأخوات !؟
كان وجودكَ بينهم أيقونتهم
كنتَ المعين لهم
في الملمات.
انفرط عقد الصامدين بعدكَ
ولِسانُ حالهم
ينطِقُ بنزيفكَ.

*****
أتنقلُ اليومَ في كافة الأرجاء
التي نسَجَتها فيما مضى أناملكَ
أتلمسُ خلالها وجودكَ
أعللُ النفسَ بالآمالْ
لعلَ جرحَكَ اندملْ
فتقفز بحضورك العاصف كعادتك
تجتاز حاجز الصمت
بعنفوانِكَ
وتهدرُ كالرعدِ ضحكاتكَ
وينساب كالسيل العارم كلامك
يتلألئ بالبدائع مثلك
وضّاء،
بهيّ الطلعة،
مرهف،
ويصدح باسمك.
يا أخي
واللهِ ذبحني غيابُكَ.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.02662 seconds with 11 queries