عرض مشاركة واحدة
قديم 04/06/2008   #18
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


والمثال الثاني ما يتردد كثيراً على ألسنة بعض الفقهاء، وفي مقالات بعض الكتاب ممن يسمون أنفسهم بالإسلاميين من أن عمر لم يعطل الحد، بل أقام شروطه، لأن من هذه الشروط توفير الحد الأدنى للمعيشة والمعاش، وردنا على ذلك يسير، ورأينا فيه أنه مغالطة واضحة، لأن جميع ما توافر أمام عمر وقت أن أجتهد، لم يكن يزيد عن أمرين:

* أولهما: نص قرآني صريح واضح قاطع بقطع اليد في السرقة دون ذكر لأية شروط.

* وثانيهما: سنة قولية وفعلية نقلتها لنا كتب الأحاديث الصحاح وراجعناها جميعاً فلم نجد إلا اختلافاً حول تحديد النصاب أي الحد الأدنى لقيمة ما يسرق، فتقطع اليد في مقابله، ولعلنا نضيف إلى علمهم تصحيحاً، وإلى معلوماتهم تصحيفاً، فنذكر لهم أن ما اختلط في أذهانهم، هو الشروط التي ذكرها الفقهاء بعد عمر بحوالي قرن أو قرنين، وهي شروط عديدة تمثل اجتهاداً منهم لمسايرة ما واجهوه من ظروف الحياة وهي متغيرة، بنصوص الشريعة وهي ثابتة، وكل ذلك أتى بعد عمر بكثير ولم يكن عمر في اجتهاده مقتفياً أثر الشافعي أو أبى حنيفة، وإنما كان العكس هو الصحيح، وكان اجتهاد عمر في هذه الواقعة هو الذي فتح باب الاجتهاد لهم، وهو الذي قنن لهم شرطاً فأضافوا شروطاً، ولنقرأ معاً ما أورده الدكتور النمر في كتابه (الاجتهاد) بشأن هذا الاجتهاد من عمر:

(عدم إقامة الحد على السارق: وهذا اجتهاداً جديد في إقامة الحد، اجتهد عمر في ألا يقيمه بعد ثبوت السرقة على السارقين.. ووجوب الحد عليهم، في الحضر لا في السفر، ولا في الغزو.

فقد روى مالك في الموطأ، أن رقيقا لحاطب بن أبي بلتعة سرقوا ناقة لرجل من مزينة، فانتحروها، فأمر عمر بقطع أيديهم، ثم أوقف القطع، وفكر في أن يعرف السبب الذي من أجله سرق هؤلاء فلعلهم جياع، وجاء حاطب فقال له عمر، إنكم تستعملونهم، وتجيعونهم والله لأغرمنك غرامة توجعك، وفرض عليه ضعف ثمنها، وأعفى السارقين من القطع لحاجتهم..

ولم يقف عمر بهذا عند ظاهر النص جامداً، بل غاص إلى ما وراءه، ووجد أنه لا يقام حين يكون السارق في حاجة تلجئه إلى السرقة، كما قال لحاطب:"لولا أنكم تستعملونهم و تجيعونهم، حتى لو وجدوا ما حرم الله لأكلوه، لقطعتهم".

وعمر بهذا وضع أساساً لعدم تطبيق الحد على المحتاجين الذين تحدث عنهم، وهي وجهة نظر جديدة في تطبيق الآية:
"والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا، نكالاً من الله.."
المائدة / 38
راعى فيها عمر علة القطع وظروفه، ودار مع العلة، وإن أدى ذلك إلى تخصيص النص أو ترك ظاهره – كما قال المرحوم الدكتور محمد يوسف موسى، وهذه النظرة هي التي حملته على إيقاف حد السرقة أيضاً عام المجاعة، كما حملته على إيقاف الحدود في السفر مثل ما فعل حذيفة أيضا فأوقف الحد على شارب الخمر، وقال:"تحدون أميركم وقد دنوتم من عدوكم فيطعمون فيكم؟".


وقد أصدر عمر أمره إلى قواده ألا يجلدوا أحداً حتى يطلعوا من الدرب راجعين، وكره أن تحمل المحدود حمية الشيطان على اللحوق بالكفار، وهو لم يوقف الحد وإنما أجله لظروف، حتى تزول هذه الظروف، وهذه كلها اجتهادات لأحكام جديدة، لم تكن قبل ذلك.. وفيها ظاهرة مخالفة لما كان في أيام الرسول وأبي بكر).

لا اله الا الانسان
نشأ الدين عندما التقى أول نصاب بأول غبي
Religion can never reform mankind , because religion is Slavery
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03746 seconds with 11 queries