عرض مشاركة واحدة
قديم 04/06/2008   #15
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


قراءة جديدة في أوراق الراشدين


للقارئ أن يحزن ومن حقه أن يتعجب، وهو يستعرض معنا ما عرضناه في الفصل الأول حول مصرع عثمان، أما الحزن فأسبابه مفهومة، وأما التعجب فأبوابه كثيرة، إن سددت منها باباً وحسبت أنك استرحت، انفتحت عليك أبواب، وأثـقلتك هموم، وحسبك أنك إن أدنت لا تدري من تدين، فأنت إن أدنت الثائرين لا تملك أن تبرئ عثمان، وأنت إن أدنت عثمان لا تملك أن تبرئ الثائرين، وأنت إن أدنت الثائرين لا تملك إلا أن تتعاطف معهم في نوازعهم، وأنت إن أدنت عثمان لا تملك إلا أن تتعاطف معه في مصرعه، ولعلك بحكم العاطفة الدينية أقرب إلى إنصاف عثمان، وإلى تلمس الأعذار له، لكنك تصطدم في سبيلك هذا بأقوال كبار الصحابة وأفعالهم ودعوة بعضهم الصريحة إلى حمل السيف والخروج عليه، فهذا عبد الرحمن بن عوف يقول لعلي:
إن شئت أخذت سيفك وأخذ سيفي، فقد خالف ما أعطاني ثم يقول لبعض في المرض الذي مات فيه:
عالجوه قبل أن يطغي ملكه وهذا طلحة في المرض يؤلب الثائرين حتى لا يجد علي مفراً من أن يفتح بيت المال، ويوزع من أمواله عليهم حتى يتفرقوا، ويقره عثمان على ما فعل، ولن تمر شهور حتى يقتل عثمان، وحتى يخرج طلحة نفسه مطالباً بالثأر له في جيش عائشة، وحتى يصاب بسهم رماه به مروان بن الحكم، صفى عثمان وساعده الأيمن، وخليفة المسلمين بعد ذلك بثلاثين عاماً، ورفيق طلحة في الجيش الثائر من أجل الثأر، وساعتها سوف يدرك طلحة أنها النهاية، فيردد في لحظات الصدق مع النفس ومع الله، هذا سهم رماني به الله، اللهم خذ لعثمان منى حتى ترضى، وهو قول بالغ الدلالة على صحوة الضمير، وتيقن الخطأ، ولم يكن طلحة في هذا مبتدعاً، وإنما كان مسايراً لفعل أصحابه، وهم أنفسهم صحابة الرسول، غاية ما في الأمر أنه كان أكثر تطرفاً، فأهلك وهلك، أما علي والزبير وابن مسعود وعمار وغيرهم، فقد تراوحوا في معارضتهم بين العنف واللين، وانتهوا ما انتهى إليه طلحة، حين هلك بعضهم معه، وتأخر البعض إلى حين.

حدث ما حدث، وقتل المسلمون بسيوف المسلمين، وهلك الصحابة بسيوف الصحابة، وبقيت دلالات الحوداث تؤرق أذهاننا حتى اليوم، واختلف الفقهاء حتى يومنا هذا مع ما لم يتمن أحد أن يناقش، ناهيك عن أن يحدث، وهو (شرعة قتال أهل القبلة)، أي مشروعية قتال المسلمين للمسلمين، ويحلو للبعض أن ينسب نشأة هذه الظاهرة إلى أوائل عهد علي، لكنا نعود بها إلى عهد أبي بكر، حين نتوقف أمام حروب الردة متأملين مفرقين بين قتال أبي بكر للمرتدين عن الإسلام، وبين قتاله للممتنعين عن دفع الزكاة له أو لبيت المال، ولنا في التفرقة بين الفريقين منطق بسيط، يسلم بارتداد الفريق الأول، ويتحرز في وصف الفريق الثاني بالردة، فقد كانوا ينطقون بالشهادتين، ويؤدون جميعا دون إنكار، ويؤدون الزكاة نفسها لكن للمحتاج وليس للخليفة أو لبيت المال، وكانت حجتهم في ذلك الآية الكريمة (خذ من أموالهم)، منصرفة إلى الرسول، موجهة إليه، ولا يجوز أن تنصرف لغيره، لأنها لم توجه إلى غيره، حتى لو كان هذا الغير خليفة الرسول، ولعلنا ونحن نتأمل ونفرق، وربما نتعاطف، نستحضر في أذهاننا موقف عمر من أبي بكر، وهو يسائله عن حجته في قتل من ينطق بالشهادتين، فيجيبه أبو بكر بما يعنى أن للشهادة (حقها)، يقصد بهذا الحق أداء الزكاة لبيت المال، وهو اجتهاد مجهد وجهيد، ولعل عمر كان يستحضر في ذهنه وهو يحاور أبا بكر حديث الرسول عن أن المسلم لا يقتل إلا لثلاث، إن زنى بعد إحصان، أو أرتد بعد إيمان، أو قصاصاً لقتل النفس بغير حق، ولعله كان يرى أن نفى الإيمان عن ناطق الشهادتين، مؤدى الصلاة، صائم رمضان، حاج البيت أن استطاع لذلك سبيلاً، مؤدى الزكاة إلى المحتاج دون وساطة، أمر أن لم يتسع له الإنكار، ونظنه يتسع له، فلا بد أن يضيق به باب القبول أي ضيق، ولعلنا إلى مثل ذلك الضيق أقرب، بل لعلنا منكرون كل الإنكار، لسبب يتصل بنا أكثر مما يتصل بعمر أو بأبي بكر .

لا اله الا الانسان
نشأ الدين عندما التقى أول نصاب بأول غبي
Religion can never reform mankind , because religion is Slavery
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04652 seconds with 11 queries