عرض مشاركة واحدة
قديم 04/06/2008   #5
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


أنت هنا أمام ستة أساليب مختلفة لاختيار الحاكم، يرفض المتزمتون تجاوزها، ويختلفون في تفضيل أحدها على الآخر، ويرى المتفتحون أن دلالتها الوحيدة أنه لا قاعدة، وأن الإسلام السمح العادل، لا يرفض أسلوب الاختيار بالانتخاب المباشر أو غير المباشر، وهو ما لا أظن أنه كان يوماً، حتى يومنا هذا محل اتفاق أو قبول عام من أنصار الدولة الدينية.

ولعلي لا أتحدث من فراغ، بل أصدر عن واقع النظم الإسلامية المعاصرة في عالمنا الحديث، فهناك بيعة أهل الحل والعقد (المختارون) في السعودية مع قصر الترشيح على أفراد الأسرة المالكة، وهناك المبايعة على كتاب مغلق يكتبه الحاكم ويوصى فيه لمن يليه اشتقاقاً من أسلوب اختيار أبي بكر لعمر، في السودان في عهد النميري، وهناك ولاية الفقيه في إيران، وهناك اعتبار الموافقة في الإستفتاء على الشريعة الإسلامية موافقة ضمنية على الحاكم واختياراً له في الباكستان، وهناك في كل الأحوال مانع جديد يضاف إلى ما سبق، وهو أن مدة تولية الحاكم في كل الأحوال السابقة مستمرة مدى حياته، ولا عبرة في ذلك بأن البيعة على أساس الالتزام بكتاب الله وسنة رسوله، وأن الحاكم يعزل إذا خالف ذلك، فما أكثر ما خالف، دون أن يعزل أو حتى يعترض عليه قديماً كان أو حديثاً، وحديث التاريخ في هذا ذو شجون بل قل ذو جنون، سواء في تطرف الحاكم في خروجه على صحيح العقيدة أو تطرف الرعية في الخنوع لإرادته والخضوع لبطشه، ولعل القارئ يلاحظ أنني قد تشددت في العبارات الأخيرة حتى أستلهم في ذهن دعاة الدولة الدينية رداً منطقياً بأن الشورى مانعة لبطش الحاكم، حافظة لحق الرعية، غير أني آسف إذا ذكرت لهم أن هذا بدوره يقود إلى مانع جديد هو الخلاف حول كنه الشورى، وهل هي ملزمة للحاكم وهو رأي الأقلية أم أنها غير ملزمة له وهو رأي الأغلبية التي تفرق بين كون الحاكم ملزماً بأن يستشير، وبين كونه في نفس الوقت غير ملزم باتباع رأيهم حتى إن اجتمعوا عليه جميعهم أو أغلبهم.

لقد أدرك بعض المخلصين من الدعاة أنهم يواجهون من ظروف المجتمعات الحديثة ما لم يواجهه السلف، وأن الديموقراطية بمعناها الحديث، وهو حكم الشعب بالشعب لا تتناقض مع جوهر الإسلام وأن اجتهادات المؤمنين بالديموقراطية، والتي تمخضت عن أساليب الحكم النيابي، والانتخابات المباشرة، لا يمكن أن تصطدم بجوهر العدل في الدين الإسلامي، وروح الحرية التي تشمل ويشملها، ومن أمثالهم الأستاذ الكبير خالد محمد خالد والعالم الجليل محمد الغزالي، لكنهم واجهوا تياراً كاسحاً من الرفض لما أملاه عليهم اتساع أفقهم، وفهمهم لجوهر العقيدة الأصيل، وانبرى زعماء التيارات الثورية والتقليدية في نقد الآراء وتفنيدها، لا فرق في هذا بين معتدل أو متطرف، ودونك ما نشر على لسان الأستاذ عمر التلمساني والأستاذ عمر عبد الرحمن وهو في مجمله يرفض مقولة حكم الشعب بدعوى أن الحكم لله، وهو أمر لو أمعنت النظر فيه لما وجدت تناقضاً، لكنهم يحاولون تأصيل منهجهم بافتراضات منها أن الأغلبية قد تقر تشريعاً يعارض شريعة الله، وأن التسليم بحق المجالس النيابية في التشريع سلب لحق إلهي ثابت ومقدس، وهو كونه جل شأنه المشرع الأكبر والوحيد.

وأنها – أي الديموقراطية – قد تعطل النص الشرعي بالرأي الشخصي، وهكذا أيها القارئ لا تنتهي عقبة أو مانع إلا وتظهر عقبة جديدة أو مانع جديد، وهي كلها موانع قد يسعد بها المجتهدون المتفتحون، لأنها تفتح أمامهم باباً واسعاً للرأي وللاجتهاد دون خروج على صحيح الدين، ودون تصادم مع روح العصر، لكنها في الجانب الآخر تفزع من ركنوا إلى اجتهادات السلف أيما فزع، وتضعهم بين شقي الرحى، إن دارت يميناً طحنت برفض العصر، وإن دارت شمالاً طحنت برفض العقل، وإن سكنت أبقتهم حيث هم، يهربون من الأصل إلى الفرع، ويخفون منطقاً أواجههم به، بل إن شئت الدقة أتحداهم به، وهو أن الشريعة وحدها لا تستقيم وجوداً أو تطبيقاً إلا في مجتمع إسلامي أو بمعنى أدق دولة دينية إسلامية، وأن هذه الدولة والجزئيات، وأنهم أعجز من أن يصيغوا مثل هذا البرنامج أو يتقدموا به، وأنهم يهربون من الرحى برميها فوق رؤوسنا، داعين إيانا إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، التي تقودنا بالحتم إلى دولة دينية إسلامية، نتخبط فيها ذات اليمين وذات اليسار، دون منارة من فكر أو اجتهاد مستنير، وليحدث لنا ما يحدث، وليحدث للإسلام ما يحدث، وما علينا إلا أن نمد أجسادنا لكي يسيروا عليها خيلاء، إن أعجزهم الاجتهاد الملائم للعصر رفضوا العصر، وأن أعجزهم حكم مصر هدموا مصر .

لا اله الا الانسان
نشأ الدين عندما التقى أول نصاب بأول غبي
Religion can never reform mankind , because religion is Slavery
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04676 seconds with 11 queries