الموضوع: وتستمر الحياة
عرض مشاركة واحدة
قديم 16/09/2006   #1
صبيّة و ست الصبايا فلسطينية الشتات
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ فلسطينية الشتات
فلسطينية الشتات is offline
 
نورنا ب:
Sep 2006
المطرح:
مخيم لاجئين، في ارض الشتات
مشاركات:
328

افتراضي وتستمر الحياة


انتظرت وطال الانتظار ، نظرت حائرة ابحث عن وجهه في الفراغ لكنه لم يكن هناك، حدقت في اللاشيء، رأيته يحدق بي من بعيد.

ابتسامة رائعة ارتسمت على شفتيه، آه كم تقت لرؤياه ، لأن المس وجهه، حدقت في قسماته، كانت رائعة، حاولت الاقتراب وشيئا فشيئا كنت بقربه ، مددت يدي ولكنه كان ما يزال بعيدا ، كلما اقتربت كلما زادت المسافة بيننا، ماذا يحصل الآن ؟؟ ماذا أفعل؟؟

بت حائرة لا ادري ماذا اصنع ، هل أواصل اللحاق به ؟؟ أم أبقى مكاني ؟؟؟ لم أعد أعرف شيئاً، عدت أراقبه وكانت الوجوه تختفي إلا هو ، ظل يراقبني بصمت عميق، صمت داعب شغاف قلبي ، وقلب اللحظات كلها، بدا وكأن العالم كله قد اختفى إلا مني ومنه، ولكن حتى هو بدا وكأنه من خارج الوجود.

أي أفكار تراودني ؟؟؟ وما السبيل للخلاص منها؟؟ ، نظرت إلى الخلف لم يكن هناك أحد، بات للمكان رهبته الوحشية، إنها رهبة الوحدة والعزلة.

حاولت النظر إليه من جديد ولكنه لم يكن هناك ، اختفى هو الآخر ، ضاع في اللاشيء، كأنه لم يكن .

شعور عارم باليأس أخذ يغلف المكان ويسبح به، وأنا كأني أغرق دون أي مقاومة، ما زلت أبحث بعين حائرة ، لست أدري عن ماذا أبحث، عندها فقط أدركت الواقع، إنني وحدي وسأبقى وحدي، حينها فقط سيطرت علي فكرة الوجود وحدها ، فأي عالم أعيش فيه ، وأي حياة أحياها؟؟؟ ماذا عساي أفعل بعد اليوم وكل شيء قد ضاع، لم يعد لي أحد .
حتى هو تركني وابتعد، وغاب بعيدا مخلفا وراءه حطاماً من كياني ، أحسست بالحرارة تسري على وجهي ، لم أدري ماذا يحدث، إلى أن سقطت أولى العبرات، كانت دموع حزينة تتسابق فيما بينها أيها يغسل الحزن ويبعده، لدهشتي لم أستطع رفع يدي لمسح دمعات صغيرة رفضت الانصياع لرغبات الكبار واللحاق بهم.

إلى أن شعرت بيد ترفع وجهي وتمسح دموعي ، يد حانية حطت برفق على قسماتي ، رفعتني ببطء وضمتني لصدر رحب.

ماذا يجري؟؟ هل عاد الناس؟؟ أين كانوا؟؟ رفعت رأسي وكان هو، لم أصدق أنه عاد ، لماذا تركني إن كان سيعود ؟؟ أي حلم هذا ؟؟ أم أي كابوس ؟؟ حدقت بقسماته للمرة الثانية أبحرت في بحر عينيه لم أستطع النطق، ولكن ابتسامة خجولة داعبت شفتاي، ورأيته كمن يتجول جولة هادئة يقطف أوراق الشجر يكتب عليها قصة الحب الأول، وسمعته ، كان صوته عميقا داعب روحي ولملم شتات نفسي ، وبحب العالم كله أفرغ كلماته في قلبي :

- ما بكِ أميرة قلبي ؟؟؟؟
- أي حزن أراه في قلبك؟؟؟
- أي عالم من الشقاء رحلتِ إليه ؟؟

نظرت إليه، تلاقت العيون، ولمست يداي صفحة وجهه، كان جميلا، طفت على قسمات وجهه، عانقته، قبلته، غلفته بحب الأرض كافة، وعندها فقط استطعت النطق، سألته: لماذا ذهبت؟؟ لمن تركتني؟؟ كيف أمضي دونك؟؟؟!!!!!

عادت البسمة تتراقص على شفتيه الرقيقتين، ونظرة حب تسكن أعماق عينيه، عاد ليضمني أكثر، وقال: كان لا بد لي من الرحيل، فإن لم يكن وقتها، فلربما كان الآن، وربما كان غدا، ولكني أعلم أني وإن رحلت فسأبقى الغائب الحاضر، وما عليكي إلا أن تمضي، فالطريق طويل، والدرب بانتظارك، فلا تنظري للخلف وانطلقي، فقد بت من الماضي، وما زال أمامك المستقبل، سأعيشه من خلالك، فأنت وأنا كلانا روح واحدة، فدعيني أعيش بكِ ومن خلالك.

ضممته أكثر، تعلقت به أكثر، رشفت حبا من قلبه، وارتويت من شفتيه، فتحت عيني، رفعت رأسي، لم يكن هناك أحد، كان الفراغ وشراشف بيضاء، صرخت، ناديته، لم يجبني، وقفت على قدمين خائرتين، لم يقوى جسدي على حملي، تراخيت مستنجدة بذراع كرسي خشبي، سمعت صوتاً، نظرت نحوه: كانوا يقفون هناك، محدقين بي، وعلامات الحزن واضحة على وجوههم، سألتهم: أين ذهب؟ لماذا تركني؟ أسيعود أم أنه ذهب؟، وكانت الإجابة: لقد رحل، أنتي تعرفين أنه رحل ولن يعود، لقد غاب عن دنيانا، رحل مع خيوط الشمس، ولكنه لن يعود مع عودتها.

هو لم يرحل بإرادته، أجبر على الرحيل، أرغموه على ذلك، كنت آخر صورة في عينيه، كنت لحظة الفرح في عمره الحزين، هو وإن رحل فإنه باقٍ بك، استجمعي قواكِ فدربك ما زال طويل، ورسالته ستستمر بكِ، لأجلك قد ذهب، ولأجله ستنهضين، فأنتي تحملين المستقبل، وبه ستعيشين، كوني هو، اعيديه بإرادتك، اصنعي وجوده وأعلني استمراره، فالحياة ما زالت تنتظر، والغد قادم، فاستعدي لما سيكون، واصنعي قراركِ مما كان.

ساعة الرمل لا تحب الاستلاب
كلما أفرغها الوقت من الروح
استعادت روحها بالانقلاب

*********

لم يكن الفن يوماً إلا جزءاً
من الكبرياء القومي عند الشعوب
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04781 seconds with 11 queries