من العـقاد إلى مي
سيدتي الآنسة
شكرك لي على الأبيات التي تفضلت بقبولها نعمة من نعم السماء وابتسامة في فم الحياة . أتمنى لك من السعادة بقدر ما بعثته في نفسي وبثته في جوانب قلبي . ولست بخيلا بالدعاء لو تعلمين حين أتمنى لك ’’ بقدر ‘‘ ما شعرت به .
... وإني أبصرك الساعة بين الماء والسماء فأشعر بوجود الله حقا , وأحس بمحضره قريبا , لأنني لا أستطيع أن أعرف قوة غيره تحمل ذلك المهد السابح الذي أتمثلك فيه طفلة وادعة في أحضان ذلك الحنان السرمدي العظيم ...
وهلا أحدثك بما أشعر به وأنا أكتب إليك من القاهرة وأنت في طريقك إلى مدينة غريبة بعيدة بموقعها بعيدة بتاريخها القديم وذكرياتها الخالدة ؟ . إني على ما بي من الشوق إلى رؤيتك وسماع صوتك لست أشعر البتة ـ وهذا ما أستغربه ـ لأنني أخط هذه السطور لتصل إليك على البعد حيث لم أكن ولم تكوني قط قبل الآن , ولا أحس فضاء بين نفسينا تتنقل فيه الرسائل ويقاس بمسافات البحار والآفاق وظلام الليل وبياض النهار . فلا مثالك بعيد مني لأنه أقرب قريب إلى حيث هو حاضر أبدا أراه ولا أرى شيئا سواه ...
وليست هذه أول مرة أذكرك فيها بين معاهد البلاد الغائبة وظلال الأزمنة القديمة . فقد ذكرتك في أسوان وذكرتك عند عرش إله النيل ومعبد إيزيس ...
فهل ستذكرينني ؟؟ إنني آمل وأتوسل . بل إنني واثق أنك ستذكرين ! واثق كل الثقة وسعيد كل السعادة بهذه الثقة الغالية . فلا تنسي يا آنسة .. واعذري ولا تشتدي علي ! .. ولك مني أعز وأصفى ما ترسله نفسي إلى نفس من تحيات الشوق والرجاء و العطف والشكر والاحترام .
عباس محمود العقاد
أول يوليو عام 1925
المصدر: منشورات موقع الياسمين
WHEN LIFE GIVES U LEMON ........MAKE LEMON JUICE
|