عرض مشاركة واحدة
قديم 16/01/2008   #26
صبيّة و ست الصبايا وهج البراءة
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ وهج البراءة
وهج البراءة is offline
 
نورنا ب:
Jul 2007
المطرح:
وداعاً .... أخوية
مشاركات:
966

افتراضي


الخلق
أتدري ما هو الخُلق عندي؟
هو شعورُ المرءِ أنه مسؤولٌ أما ضميره عمّا يجبُ أن يفعل.
لذلك لا أُسمي الكريم كريماً حتى تستوي عنده صدقةُ السر وصدقةُ العلانيةِ، ولا العفيف عفيفاً حتى يعفَّ في حالةِ الأمن كما يعفُّ في حالةِ الخوف، ولا الصادق صادقاً حتى يصدق في أفعاله وأقوالهِ، ولا الرحيم رحيماً حتى يبكي قلبه قبل أن تبكي عيناه، ولا المتواضع متواضعاً حتى يكون رأيه في نفسه أقلَّ من رأي الناس فيه.
التخلّقُ غير الخُلقِ، وأكثر الذين نسميهم فاضلين مُتَخلّون بخلقِ الفضيلةِ، لا فاضلون، لأنهم إنّما يلبسون هذا الثوب مصانعةً للناس، أو خوفاً من منهم، أو طمعاً فيهم، فإن ارتقوا عن ذلك قليلاً، لبسوه طمَعاً في الجنة التي أعد الله للمحسنين، أو خوفاً من النار التي أعدها الله للمسيئين.
أما الذي يفعل الحسنة لأنها حسنة أو يتّقي السيئة لأنّها سيئةٌ، فذلك من لا نعرف له وجوداً، أو نعرف له مكاناً.
لا ينفعُ المرءَ أن يكون زاجره عن الشّر خوفهُ من عذاب النار، لأنه لا يعدمُ أن يجدَ الزعماء الدينّيين من يلبسُ له الشرُّ لباسَ الخير فيمشي في طريق الرذيلة، وهو يحسبُ أنه يمشي في طريق الفضيلة، او خوفه من القانون لأن القوانين شرائعُ سياسية وُضعت لحماية الحكومات لا لحماية الآداب، أو خوفه من الناس،لأن الناس لا ينفرون من الرذائل بل ينفرون مما يضرُ بهم، رذائل كان أم فضائل، وإنّما ينفعه أن يكون ضميره هو قائده الذي يهتدي به، و مناره الذي يستنيرُ بنوره في طريق حياته.
وما زالت الأخلاقُ بخير حتى خذلها الضميرُ وتخلّى عنها، وتولَّت قيادتها العاداتُ والمصطلحاتُ، والقواعدُ والأنظمة، ففسد أمرها، واضربَ حبلُها،واستحالت إلى صور ورسوم واكاذيب وألاعيب ، فرأينا الحاكمَ الذي يقفُ بين يدي اللهِ ليؤدي صلاته وأسواطُ جلاّديه تمزقُ على مرأًى منه ومسمعٍ جسم رجلِ مسكين لا ذنب له عنده إلا أنه يملك صُبابةً من المال يريدُ أن يسلبه إياها، والأميرَ الذي يتقّربُ إلى الله ببناء مسجدٍ قد هدمَ في سبيله ألف بيت من بيوت المسلمين، والفقيه الذي لا يتورّع عن تدخين غليونه في مجلس القرآن، ولا يتورعُ عن مخالفة القرآن نفسه من فاتحته إلى خاتمته، والغني الذي يسمعُ أنين جاره في جوف الليل من الجوع، فلا يرقُّ له ولا يحفل به فإذا أصبح الصباح ذهب إلى ضريحٍ من أضرحة الأولياء ووضع في صندوق النذّور بدرةً من الذهبِ قد ينتفع بها من لا حاجة به إليها، والمومس التي تتصدق بنفسها ليلةً في كل عام على روح بعض الأولياء وعندها أنّها كفرت بذلك عن سيئاتها طول العام .
إلى كثير من أمثال هذه النقائص التي يزعمُ أصحابُها، ويزعم لهم كثيرٌ من الناس أنهم ذوي الأخلاق الفاضلة والسيرةِ المستقيمةِ.
الخُلُقُ هو الدمعةُ التي تترقرقُ في عين الرحيم،كلّما وقع نظره على منظرٍ من مناظر البؤس، أو مشهد من مشاهد الشقاء.
هو القلق الذي يساور قلبَ الكريم ويحول بين جفنيه والاغتماض كلّما ذكر أنه ساءلاً أو أساء إلى ضعيفٍ مسكينٍ.
هو الحُمْرةُ التي تلبس وجه الحييِّ خجلا من الطارق المنتاب الذي لا يستطيعُ ردهُ ولا يستطيع مدّ يدِ المعونة إليه.
هو اللّجلّجة التي تعتري لسانَ الشريفِ حينما تحدّثه نفسه بأكذوبة ربّما دفعتهُ إليها ضروراتِ الحياةِ.
هو الشررُ الذي ينبعثُ من عيني الغيور حينما تمتدُّ يدٌ من الأيادي إلى العبثِ بعرضه أو بكرامته.
(مصطفى لطفي المنفلوطي)

كنت بالأمس كلمة صامته في خاطر الليالي
فأصبحت أغنية مفرحة على ألسن الأيام
وقد تم هذا كله في دقيقة واحدة مؤلفة من نظرة وكلمةو تنهدة وقبلة

(الرائع جبران خليل جبران)
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.03959 seconds with 11 queries