الموضوع: البطالة والفقر
عرض مشاركة واحدة
قديم 11/07/2006   #1
شب و شيخ الشباب Danito
مشرف متقاعد
 
الصورة الرمزية لـ Danito
Danito is offline
 
نورنا ب:
Apr 2005
المطرح:
The Bridge Tonowhere
مشاركات:
877

افتراضي البطالة والفقر


البطالة هي ظاهرة اجتماعية ناتجة عن تطور قوى الانتاج الاجتماعية التي تحكمها علاقات الانتاج الرأسمالية.
في النظام المشاعي البدائي ساد الجماعة إحساس فطري بأن قوة الجماعة وقدرتها على البقاء مرهونة بكثرة عديدها وقوة كل فرد فيها، فقامت العلاقات فيها على أساس الامتلاك والعمل والتوزيع المتساوي. أما في النظامين العبودي والاقطاعي فقد كانت التبعية الشخصية للطبقات غير المالكة (العبيد والفلاحين الأقنان) إلى أسياد العبيد والاقطاعيين تجعل أفراد تلك الطبقات جزءاً من ممتلكات الطبقة المالكة، إما ملكية كاملة (العبيد)، أو ملكية جزئية، بمقدار ما تتوقف حياتهم على حصتهم العينية من ناتج عملهم (الفلاحون الأقنان). وهكذا، لم يكن بالإمكان ظهور العاطلين عن العمل الباحثين عنه. وكان انخفاض متوسط العمر يتكفل، من جهة أخرى، بعدم ظهور الفائض البشري.
أما النظام الرأسمالي فقد «حرر» أصحاب قوة العمل قانونياً وشكلياً ولكن ليحولهم إلى عبيد لقوة غشماء أسمها قوانين السوق، إذ جعلهم إحدى السلع الخاضعة لقانون العرض والطلب. ففي السوق وحده تتحدد الحاجة إلى البشر كما تتحدد قيمة قوة عمل (أجر) كل منهم، وذلك بالتبعية لكون ما يقدر على تقديمه من سلع أو خدمات يلبي طلباً قائماً يوفر عائداً مرضياً لصالحب رأس المال وبغض النظر عن نوعية وأهمية القدرات والخصائص الشخصية للبشر أنفسهم. وأصبحت البطالة أخطر آفات الرأسمالية.
في الأنظمة الاشتراكية الواقعية التي شهدها القرن العشرون تحقق تقدم لا يمكن إنكاره في تحرير الإنسان من آفة البطالة وذلك نتيجة اعتماد التخطيط كآلية لعمل النظام الاقتصادي بديلاً عن آلية السوق. ولكن النظام الاشتراكي الواقعي انهار بسبب من عجزه عن انضاج الشروط السياسية والمعنوية المميزة له عن الأنظمة الطبقية، كما بسبب من كونه لم يتم على أعلى مستوى لتطور قوى الانتاج كما كان مفترضاً نظرياً، ولأنه، أيضاً، لم يستطع تطوير نظام التخطيط إلى نظام يضع خصائص العامل الانساني في صلب اعتباراته الانتاجية والاستهلاكية والأخلاقية.
وإذا كانت البطالة في الرأسماليات المتقدمة هي نتيجة لفرط النمو الرأسمالي، فإنها في الرأسماليات التابعة المتخلفة نتيجة لنقص النمو من جهة، ولشفط الفائض الاقتصادي إلى الخارج، من جهة أخرى، وذلك بدلاً من استثماره محلياً، كما في الرأسماليات المتقدمة في مرحلة صعودها، والتي كانت تضيف إلى الفائض الاقتصادي المحلي الثروات المنهوبة من العالم الخارجي، على عكس الرأسماليات التابعة المتخلفة التي تقوم الطبقات المهيمنة فيها بنهب فائض نتاج عمل شعوبها بل ومداخيلها الضرورية يومياً لتقدمها هدية مجانية للاقتصادات والمجتمعات المتقدمة. ولهذا تضافرت في الرأسماليات المتخلفة التابعة ظاهرتا البطالة والفقر لتشكلان آفة اقتصادية إجتماعية وأخلاقية مركبة، كنتاج للتخلف والتبعية، مما يجعل مهمة مكافحة البطالة والفقر مهمة سياسية من الدرجة الأولى، أكثر من كونها عملية تقنية أو قطاعية.
إن النظرية الكلاسيكية الجديدة التي تعتبر البطالة نتيجة لرفض العاطلين عن العمل القبول بأجور أدنى،، أي بطالة اختيارية، لا تصلح لتفسير ظاهرة البطالة، وبالتالي لا تفيد في شيء في معالجتها. أما النظرية الكلاسيكية التي تعتبر البطالة إجبارية وتربطها بالتراكم الرأسمالي وتضع في اعتبارها العوامل الاجتماعية والسياسية فهي أقدر من سابقتها على تفسير البطالة ومعالجتها.
فقد وجد آدم سميث وريكاردو، المفكران البرجوازيان، أنه بمقدار ما يتحول الفائض الاقتصادي إلى رأس مال مستثمر بمقدار ما تزداد ثروة الأمة ورفاه المجتمع، ليكتشفا وجود صراع ليس فقط بين الطبقة العاملة والطبقة الرأسمالية، بل وبين الطبقة الرأسمالية والطبقة التي تعيش على الريع، معتبرين مصدر عيش هذه الأخيرة (الريع) انتقاصاً من الربح الرأسمالي، وبالتالي، من التراكم، أي من طاقة المجتمع على التقدم.
وآخذاً بالاعتبار خصائص الأنظمة المتخلفة التابعة فقد ارتأيت توسيع مفهوم الريع، ليشمل، إضافة إلى التصريف الاقتصادي لحق الملكية، وهو الريع بالمفهوم الاقتصادي، جميع أشكال المداخيل الطفيلية المستحدثة غير الناجمة عن استثمار رأسمالي منتج أو عن عمل منتج، أي غير الربح الناجم عن استثمار حقيقي منتج أو عن أجر العمل المنتج، وأسميت هذه المداخيل، بـ «الريع المركزي»*، معتبراً أن القدرة على تحصيل المداخيل الطفيلية مرتبطة بالدرجة الأولى بطبيعة النظام الاقتصادي الاجتماعي ونوعية الدولة والطبقة القائمة عليه.
ومن بين أشكال المداخيل التي يشملها «الريع المركزي» هذا عوائد احتكار الموقع الجغرافي، أو القرار السياسي، أو القرار التنفيذي، وغير ذلك مما أصبح له تصريف اقتصادي يقدر مالباً، سواء في العلاقات الدولية، أو العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وربما الثقافية والأخلاقية، محلياً. وإذا كانت الأنشطة المولدة لمعظم أشكال هذه «الريوم ذات المنشأ غير الاقتصادي البحت». يمكن أن تندرج تحت عنوان «الفساد»، إلا أنه يمكن التمييز بينها والحكم عليها وفق معايير معينة. وعلى سبيل المثال، فإذا اكتشف مسؤول في بلد ما أهمية استراتيجة لبلده، سواء بسبب من امتلاكها لثروة نادرة، أو لموقعها الجغرافي، أو لغير ذلك من أسباب، وقام بتصريف هذه الميزات بتحصيل ريع عليها من الدول الأخرى، فإن المسؤول الذي يضع هذا الريع تحت يد الدولة التي توظفه في صالح الشعب هو غير المسؤول الذي ينفق هذا الريع على تمويل طغمة تقوم بقمع الشعب أو يضع هذا الريع في حسابه الخاص خارج الحدود بينما يدفع شعبه تكاليف هذا التوظيف لميزات بلده أولثرواتها.
وإن ارتفاع الطابع الريوعي لدولة أو لاقتصاد أو لمجتمع ما، أي ارتفاع نسبة هذه الأشكال من المداخيل إلى مجمل الدخل، إنما ينعكس سلباً على قدرة هذه الدولة أو المجتمع أو الاقتصاد على النمو والتقدم، بل ويضفي صفات سلبية على الحياة العامة مثل تقوية عوامل الانحلال والتفسخ، وقتل الصفات الايجابية الخلاقة.
وهكذا، فإن حجم أو معدل التراكم الرأسمالي لوحده لا يكفي لتفسير ظاهرتي البطالة والفقر، وإنما لابد من أخذ الخصائص المؤسسية للنظام الاجتماعي والاقتصادي والسياسي بالاعتبار، سواء عند توصيف الظاهرة أو عند البحث عن سبل مكافحتها.
في تطويره العميق لنظرية سميث وريكاردو اكتشف كارل ماركس القوانين الموضوعية للرأسمالية، مثل قانون التراكم، وقانون القيمة الزائدة، وقانون ميل معدل الربح العام إلى الانخفاض، وغيرها والتي تقود حتماً إلى تعاظم الثروة في يد القلة مما يجعل الكثرة عاجزة عن استهلاك ما أنتجته بسبب المحافظة على مستوى الأجور عند الحد الضروري للمعيشة، فتنفجر الأزمة، أزمة التصريف، عندما تتكدس القدرة الانتاجية غير القابلة للتغشيل والمنتجات غير القابلة للتصريف في جانب، ويتكدس البشر المنتجون في جيوس العاطلين عن العمل في الجانب الآخر، ويتحول بحث النظم الرأسمالية عن حل لأزمتها إلى خارج الحدود، وعلى حساب الآخرين، فيصبح هناك عالم ثان وعالم ثالث مستنزفان ويعيشان تحت الحصار والتهديد بصورة دائمة، وبإخراج العالم الثاني من المنافسة بقوى التخريب الداخلية، تحين الفرصة الذهبية للرأسمالية الاحتكارية، وبالأخص لقطبها الأكبر، الامبريالية الأمريكية، لتعلن «نهاية التاريخ». في شكل عولمة أمريكية، لكن مكر التاريخ يعود ليعلن أن كل نهاية هي في الوقت نفسه بداية لشيء جديد.
فالعولمة الأمريكية تلد نقيضها، العولمة الاجتماعية المضادة، التي بدأت تنظم صفوفها بإفشال اجتماعات قوى العولمة بدءاً من سياتل عام 1998، وتصعيداً في الحجم والقوة حتى اليوم.

تحيا سوريا!

الحرية لسوريا و السوريين

I'm going to buy this place and start a fire
Stand here until I fill all your heart's desires
Because I'm going to buy this place and see it burn
Do back the things it did to you in return

آخر تعديل krimbow يوم 11/07/2006 في 20:36.
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.21756 seconds with 11 queries