الموضوع: أسبوع وكاتب - 2
عرض مشاركة واحدة
قديم 02/07/2008   #207
صبيّة و ست الصبايا اسبيرانزا
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ اسبيرانزا
اسبيرانزا is offline
 
نورنا ب:
Jun 2007
المطرح:
مصر ام الدنيا
مشاركات:
2,585

إرسال خطاب MSN إلى اسبيرانزا
افتراضي




محاكمة الطيب صالح ( منقول )

أجريت للطيب صالح عام 1987ممحاكمة أدبية في الخرطومنظمها اتحاد الكتاب – اتهم فيها بأنه اقتحم المناطقالمحظورة وادخل الجنس في القرية ، فقال إنه كان ينقلواقعاً .. واردف يقول ( الكتاب في الغرب يستطيعون أنيقولوا كل شئ ، فلا أفق يحدهم ) .. ومعنى هذا الحديثأن الكتاب في الشرق – وهو فهمه – لهم ما يؤطر أفقهمويحد من انطلاقتهم في التصوير .. وفي الاستفادة من كلما هو متاح .. ورغما عن ذلك لا يزال الطيب صالح متهماًبالجرأة الفائقة في استخدام الجنس في نصوصه .. وأناأستطيع أن أقول ان ذلك يتم للاستفادة منه في فنية النص .. وان الجنس لا يقحم في النص باعتباره تذويقاً له مثلما يفعل الآخرون .. ولو رجعنا إلى روايته ( موسمالهجرة إلى الشمال ) وهي الرواية التي استخدم فيهالجنس كثيراً، لوجدنا أن له غاية في النص وهي توضيحالفارق بين الجنس الذي مارسه مصطفى سعيد في لندنكأسلوب وسلاح للغزو والانتقام، والجنس الذي مارسه بعدرجوعه للسودان باعتباره وسيلة وطريقة لاستمرار الحياة ( يرى الطيب صالح ان الجنس موجود في التراث العربي .. خاصة الشعر ) .
الطيب صالح عندما يكتب فإنه ينتصر على معوقات كثيرة،منها ما هو نفسي، وما هو اجتماعي ( لأنني كانسان عاديغير راغب في الغوص في أعماق نفسي ..أريد أن أعيش علىسطح الحياة كسائر الناس ) .. ولهذا، فالطيب صالح يفرقبين الإنسان العادي والكاتب الذي يجب عليه أن يغوص فيأعماق نفسه ليخرج لنا هذه الكنوز واللالىء ، وهوعندما يمارس حياته كانسان عادي فلا يهتم كثيراً بالبحثفي تفاصيل الأشياء وعلاقاتها .. أما عندما يكتب فانهيتعمق ويغوص في العلاقات بين الأشياء ويربط بينهاولذلك فنحن نحس في إنتاجه بهذه الكثافة والغنى والعمقومحاولة استكشاف ما هو كائن خلف ما هو بادٍ .
(
مشاكلي النفسية مرتبطة بعملية الكتابة فقط ،لأنني أغرق في ينبوع داخلي عميق وهذا الينبوع هو منطقةالفوضى .. الفوضى هي أن يصبح كل شئ محتمل، وكلما أوغلالكاتب داخل نفسه بحثاً عن الضوء كلما ازدادت الفوضى .. ثم تأتى مرحلة تستقر خلالها عملية الخلق فيتضحالطريق وقد يكون خطأً أو صحيحا ..المهم في اللحظةنفسها يكون هو الضوء ).. لذلك فإن عملية الخلق عندالطيب صالح تعني التوغل في منطقة الفوضى ،بحثا عنالضوء فيتوه ويفصل عن هذا العالم بحثا عن التضاريسالتي تحدد تفاصيل عمله الجديد ..وقد أحسسنا بذلك فيموسم الهجرة إلى الشمال ،عندما اختلط الحلم والواقعوالحقيقة بالخيال وتحول التاريخ إلى قواد وتبادلتالشخوص الأدوار ..
ولعل هذا يفسر الانسجام والتجانس في المشاهد التييصورهاوالإتساق بين كلماته وجمله إلى الدرجة التي تجعلالقارئ يلهس وراءه لهاثاً .. ووفقاً لحديث الكاتب هذافإن الكتابة هي الضوء الذي ينير للناس دياجير حياتهمويخلصهم من الظلمة التي يعيشونها .. فالكتابة توجه،تقود، تنير الطريق، وهذه غايات لا يصل إليها ويدركهاإلا من أدرك معنى عملية الكتابة والإبداع ..و يتسق هذامع ما يجريه الكاتب من حوار على ألسنة بعض أبــطاله..( سنهزم الفقر ونخضع الشمس ذاتها لارادتنا ) ، إذنللكاتب قضايا يعمل من أجلها وأهداف يناضا من أجلتحقيقها والكتابة هي وسيلته في ذلك .. فهي تحركالعقلية وتهيئها لتقبل الجديد من الأفكار والرؤى .
(
كل أنواع الكتابة بغيض إليٌ وأنا لا اكتب إلا إذابلغ السيل الزبى) .. فإذا تساءلنا هنا يا ترى ما سببهذا البغض ؟ .. تكون الإجابة أن ذلك يعود إلى الزهدالذي تتميز به الشخصية السودانية التي لا تسعى إلىالشهرة والمجد بقدر سعيها إلى الرغبة في حياة مستقرةهادئة سعيدة ..ورغما عن ذلك فإن الكاتب يجد نفسهمدفوعا للكتابة مرغما عليها لتوضيح شئ أو لتجسيد موقفأو لإعلان رأي .. وهذا يكشف لنا أن الكتابة عند الكاتبليست ترفاً أو تسلية، بل لها أهدافا ومرام تتجاوزمصالح الكاتب إلى غايات إنسانية تخدم الفكر الإنسانيوتساعد في ثراء التجربة الإنسانية .. وهذا هو قمةالإحساس بالمسؤولية عن الكتابة التي ينبغي ألا تمارسلمجرد تزجية الفراغ أو قتل الوقت، بل يجب أن تمارسلاهداف وغايات أسمى وأكبر ..ولذلك فإن روايات الطيبصالح وقصصه تتكثف فيها المعارف وتتقاطع فيها الثقافاتوتتنوع فيها الرؤى وتتجدد فيها المواقف بدرجة يحارالمرء فيها .. ومرد ذلك كما أرى يعود إلى إدراك الكاتبلوظيفة وغايات وأهــداف عملية الكتابة ..

(
إن للفـن غايات تثقيفية جماهيرية وهو عنــده جزءمتمم للأبعــاد الفكــرية ..وصورة ما هو كائن في الفنلا تنفصل عن صورة ما سيكون ومن يرفض الماضي بكليته هواعجز عن بناء المستقبل والحاضر.. ولكن الطيب صالح وهويصيغ هذه الأفكار يشخصها بحيث تبدو وكأنها قصة سيرةذاتية ..) ولهذا فقد قلت ان الكاتب شديد الاعتدادبالماضي والتراث .. يعرف جيداً ما لهما من أدواروأبعاد في تشكيل الحاضر ورسم آفاق المستقبل .. كما أنفي هذا التراث الإجابة على العديد من الأسئلة التيتؤرق بال الحاضر وتحاصره .
ويمكننا اعتبار أن فعل الكتابة عند الطيب صالحتعبير عن قلق عميق يعيشه مثقف إفريقي في زمن أصبحمطلوبا منه وبسرعة تحديد المــسار والطريقة والوجهة ..عليهأن يختار نمطاً في التفكير والعيش والنظر إلى الآخرين .. وهذا هاجس يحفز على الإبداع ويطرح أمام الكاتبقضايا مصيرية ملحة تتطلب إعلان الرأي عنها بشجاعة ..
بعد هذا نتعرف على لسان الطيب صالح على الذين تأثربهم .. يقول الكاتب إنه تأثر بكل من مصطفى صادقالرافعي .. طه حسين .. أحمد ذكي .. إبراهيم عبد القادرمن مصر .. جمال محمد أحمد ..والمرحوم أحمد الطيب منالسودان .. مارون عبود من لبنان .. محمود السعدي منتونس .. ويعترف أنه مدين بصفة خاصة لأستاذه جمال محمدأحمد.. ومن الأجانب يقول إنه تأثر بشكسيبر وجوناثانسويفت وكنراد وفوكنر وتعجبه الرواية الإنجليزية فيالقرن التاسع عشر بشكل عام.
وبالرجوع إلى الرواية الإنجليزية في ذلك الوقت نجدأن سماتها انحصرت في الدفاع عن قيم الريف الإنجليزيوتحصينه ضد حضارة المدينة وشحن الإنسان بالاهتماماتالشاملة لتغييره إلى إنسان افضل. والعمل على تحطيمالقيم البالية ..و دراسة النفس الإنسانية من خلالالخلفية الاجتماعية .. ولهذا عرفت سر إعجاب الكاتب بها، لأننا في رواياته نجد شيئاً من هذا وذلك.



شُذَّ، شُذَّ بكل قواك عن القاعدة
لا تضع نجمتين على لفظة واحدة
وضع الهامشيّ إلى جانب الجوهريّ
لتكتمل النشوة الصاعدة
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.10701 seconds with 11 queries