عرض مشاركة واحدة
قديم 09/06/2008   #40
شب و شيخ الشباب Seth
عضو
-- أخ لهلوب --
 
الصورة الرمزية لـ Seth
Seth is offline
 
نورنا ب:
Jun 2006
مشاركات:
197

افتراضي


هل صحيح أن العلمانية هم غرب لا هم شرق، وأنها مبررة في الغرب باستبداد الحكم بالدين أو باسم الدين، بينما لم نعرف نحن في الشرق نظيراً لذلك، أو مثالاً له؟، أحسب أنه لو كان مبرر العلمانية في الغرب هو استبداد الحكم في الكنيسة، لكان مبررها في الشرق هو استبداد الحكم في ظل (الخليفة)، سلطان الله في أرضه، القاتل لمن يشاء، المانح للعطاء، والمانح للبلاء.

وإذا كان السفاح قد وصف نفسه على المنبر بأنه السفاح المبيح، فأن رياح بن عثمان والي الخليفة المنصور على المدينة قد وصف نفسه على منبر الرسوم بما هو أنكى حيث قال:
(يا أهل المدينة، أنا الأفعى ابن الأفعى) (اليعقوبي – ج2ص251).


وإذا تباهى الخلفاء بأنهم سفاحون، وتباهى الولاة بأنهم أولاد الأفاعي، أيبقى من يدعي أن الاستبداد باسم الدين هم غرب، وأن العلمانية كخلاص منه فكر غربي وافد لا علاقة له بواقع الشرق وهمومه؟

أحسب أن البعض الآن يردد بينه وبين نفسه، ها هو يصطاد في الماء العكر، ويتوقف كثيراً عند السفاح حتى ينال مأربه في الطعن في الخلافة الإسلامية، لكن ردنا عليه يسير، فليست هناك علاقة بين السفاح وبين الإسلام أو الحكم به، فليقل عنه ما يشاء، وليطعن فيه كما يشاء، وليحاور وليداور، فليس في هذا كله غناء، فالمسافة بين حكم السفاح والحكم بالإسلام كالمسافة بين الأرض، سابع أرض، والسماء، سابع سماء..

ولحسن الحظ – حظي وحظ القارئ – أن الرد على ذلك من أيسر ما يكون، فلولا الإسلام، المظهر لا الجوهر، والرداء لا المضمون، ما فعل السفاح ما فعل، لا هو ولا سابقوه، ولا لاحقوه، فأي ولاء كان يربط المصري مثلاً بالسفاح في الأنبار، أليس هو الولاء لخليفة المسلمين، وللحاكم باسم الإسلام، وأي دافع لهذا الولاء، أليس الدافع هو الارتباط بالإسلام، وجيوش الأحاديث النبوية التي نسبها الوضاعون للرسول حول خلافة بني العباس، واجتهادات الفقهاء عن طاعة الخليفة ولو كان غاشماً، وفسق الخارج عن الطاعة، وكفر المفارق للجماعة، وأي مدخل ساقه السفاح في خطاب توليته وتناقله الرواة، وردده الوعاظ، أليس هو مدخل العدل والتقى والعقيدة، أليس هو القائل على المنبر(تاريخ الأمم والملوك للطبري – ج16 ص82 – 84):

(الحمد لله الذي اصطفى الإسلام وشرفه وعظمه واختاره لنا وأيده بنا وجعلنا أهله وكهفه وحصنه والقوام به والذابين عنه والناصرين له وألزمنا كلمة التقوى وجعلنا أحق بها وأهلها وخصنا برحم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرابته – إني لأرجو أن لا يأتيكم الجور من حيث أتاكم الخير ولا الفساد من حيث جاءكم الصلاح وما توفيقنا أهل البيت إلا الله).

ولأنه كان متوعكاً فقد أكمل داود بن علي الخطبة فقال:
(لكم ذمة الله تبارك وتعالى وذمة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم وذمة العباس رحمه الله أن نحكم فيكم بما أنزل الله ونعمل فيكم بكتاب الله ونسير في العامة منكم والخاصة بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم – ألزموا طاعتنا ولا تخدعوا عن أنفسكم فإن الأمر أمركم، فإن لكل أهل بيت مصراً وإنكم مصرنا، إلا وأنه ما صعد منبركم هذا"يقصد منبر الكوفة"خليفة بعد رسول الله إلا أمير المؤمنين علي وأمير المؤمنين عبد الله بن محمد"وأشار بيده إلى أبي العباس"فاعملوا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج منا حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم)


الحكم بما أنزل الله إذن كان وسيلته إلى قلوب الناس وبيعتهم وولائهم..

السير في العامة والخاصة بسيرة رسول الله كان ما عاهد عليه الناس وما بايعه الناس عليه.
الحديث المختلق عن خلافة العباسيين حتى يسلموها إلى عيسى بن مريم كان السبيل إلى استسلام الرعية لقدرها، والانشغال عن ظلم الولاة، بصدق النبوءة المدعاة..


هكذا بدأ أمر العباسيين، وهكذا يبدأ أي أمر للحكم الديني وتحت نفس الدعاوي البراقة، التي نسمعها كما سمعها الكوفيون بالأمس.. الحكم بما أنزل الله.. السير بسيرة رسول الله.. تطبيق شرع الله.. العدل.. البركة.. وهكذا كان ينتهي الأمر دائماً.. كما رأينا في أول عهد السفاح ثم كما سنرى بعد عهد السفاح، ذلك الذي لا ينتهي الحديث عنه، إلا بذكر سنة استنها، ثم أصبحت قاعدة لمن تلاه من خلفاء بني العباس، ونقصد بها عدم احترام العهود والمواثيق، والفتك بالأنصار قبل المناهضين.

وقد فعل السفاح ذلك في واقعتين شهيرتين الأولى حين أعطى ابن هبيرة قائد جيوش مروان بن محمد آخر الخلفاء الأمويين، كتاباً يحمل إمضاءه ويتعهد له بالأمان، ثم قتله بعد أيام من استسلامه، والثانية حين قتل وزيره أبا سلمة الخلال أحد مؤسسي الدولة العباسية في الكوفة، وتعمد أن يتم ذلك على يد أبي مسلم الخراساني، المؤسس الأول للدولة، حيث لا يعرف تاريخ الدولة العباسية في عهد السفاح فضلاً إلا لرجلين، أولهما أبو مسلم الذي أسس الدولة في خراسان وسلم الخلافة إلى السفاح، وثانيهما عبد الله بن علي عم السفاح وقائد جيوش العباسيين في موقعة الزاب التي انتصر فيها على الأمويين انتصاراً نهائياً، ويقال أن السفاح كان يسعى لقتل الاثنين، وهو ما لا نجد دليلاً عليه في كتب التاريخ.

لا اله الا الانسان
نشأ الدين عندما التقى أول نصاب بأول غبي
Religion can never reform mankind , because religion is Slavery
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04661 seconds with 11 queries