عرض مشاركة واحدة
قديم 18/08/2008   #18
شب و شيخ الشباب رجل من ورق
عضو
-- زعيـــــــم --
 
الصورة الرمزية لـ رجل من ورق
رجل من ورق is offline
 
نورنا ب:
Aug 2008
المطرح:
ببحر بعيد
مشاركات:
1,989

إرسال خطاب MSN إلى رجل من ورق
افتراضي


التفاهة داء غير قاتل



التفاهة داء. لكنه غير قاتل. لو أنه كذلك لخر ديك تشيني صريعاً فور تأكيده أمام وفد المعارضة العراقية أن واشنطن تريد إقامة نظام ديموقراطي في العراق ولن تحارب لمجرد استبدال ديكتاتور بآخر. وكان لحقه، أو سبقه، دونالد رامسفيلد لأنه قال كلمات »قاتلة« مماثلة.
لقد تفوها بذلك أمام وفد يتشكل من وريث عرش ضائع منح لأجداده في ظروف مشبوهة، ومن مسؤولين حزبيين كرديين أجريا مسرحية انتخابية ثم دخلا في قتال مديد، ومن شقيق لقائد ديني يشك في استعداده للامتثال لنتائج أي اقتراع، ومن شخصية شكلت حزبا لم يختره أحد لرئاسته، ومن »جلبي« تطارده الفضائح المالية ولا تكف المؤسسات الأميركية نفسها عن التشكيك في كيفية تصرفه بأموال معطاة إليه لقاء خدمات تدخل صاحبها السجن.
لا وجود، في هذا الوفد، لفرد ذي تقاليد ديموقراطية. أكثر من ذلك، لا وجود لتقاليد ديموقراطية في البلد المعني. وإذا أضيف الى ذلك سنوات الحروب والحصار، وتبديد الطبقات الوسطى، وتهميش الأحزاب وضربها، والتركيبة الاجتماعية الهجينة، إذا أضيف ذلك كله أصبح بالإمكان تخيير تشيني ورامسفيلد بين تهمتي التفاهة أو الكذب.
إن ما تريده واشنطن من العراق هو نظام موالٍ لها. تسعى الى سلطة في المركز تتحكم بالقرار العسكري الإجمالي
والنفطي. ويمكن لها أن تتعايش، عند أطرافها، مع اضطرابات محدودة. فهذا النظام الموالي هو، في عرف غلاة الأميركيين، أي الإدارة الراهنة وأغلبية الرأي العام الحالي، الطريق الى الإمساك بالشرق الأوسط كله.
لا شيء يحول دون أن تكون الديموقراطية حلماً عراقياً ومشروعاً سياسياً. ولكن القول بأن العدوان العسكري كفيل بنقل هذا البلد مما هو فيه الى الديموقراطية ترويج لا معنى له.
يمكن للولايات المتحدة أن تطمح الى شراء ولاءات في العراق. ولكنها مضطرة، من أجل ذلك، الى تسعير التباينات العرقية والمذهبية ووعد كل فئة بأن تجد لها مكاناً في المستقبل. لذلك لم يكن غريباً أن يتلازم الحديث عن »حل« بالحديث عن الفدرالية. فهذه الأخيرة يراد لها أن تستند الى تمايزات قد تكون موجودة من أجل دفعها الى الحد الأقصى. وسيقود الأمر، في حال حصوله، الى جعل الضوابط دون التقسيم الكامل خارجية فقط، والى نشوء تجمعات متعايشة بتجاور يصعب له أن يحتضن، في كل »كانتون«، تعددية جدية.
إذا استخدمنا أفغانستان مقياساً أمكن لنا أن ندرك بالملموس حجم الفارق بين الوعود التي تصاحب حرباً والنتائج الحاصلة بعد الانتصار. فالقوات الأميركية غير معنية إطلاقاً بأي أمن خارج العاصمة. وهي تقيم صلات مع أمراء حرب تسميهم »الزعماء المحليين«. وتراقب بسلبية ارتكاباتهم وصراعاتهم وترفض تعريض نفسها لمخاطر. أما نثر الوعود الاقتصادية، والتلويح بإعادة البناء، والتشديد على عدم تكرار خطأ الماضي بإدارة الظهر... هذه كلها تخلت عنها الولايات المتحدة إما لتتركها تسقط وإما لتكلف الأوروبيين بها.
يستحسن استرجاع ما قاله تشيني ورامسفيلد غداة 11 أيلول في معرض تحضير الحملة الأفغانية للمقارنة بواقع الممارسة اليوم. سيتضح أن الإمساك بالسلطة المركزية هو الهدف الأول وهو هدف تحقق بتدخل شديد الفظاظة لإرغام »لويا جيرغا« على تسمية من طاب لزلماي خليل زاد وتسميتهم في مواقعهم.
والاسترجاع ضروري استباقاً لما قد يحصل في العراق. ان أفق التدخل العسكري لا علاقة له بماك آرثر ولا بتحرير أوروبا الغربية ومشروع مارشال. الأفق هو قبضة من حديد تمسك بالبلد ويكون المعيار الوحيد لمحاكمتها اندراجها في السياسة الأميركية الإجمالية حيال المنطقة وهي سياسة شديدة العدائية والجذرية.

08/15/2001

قم واضرب المستحيل بقبضتك اليسرى
انت تستطيع ذلك
http://themanofpapers.wordpress.com
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.02876 seconds with 11 queries