عدت الى حياتي السابقة حزينا مكسور الخاطر شعرت انني جردت من اسلحتي اصبحت حزينا قليل الحركة ولا احب الكلام وكادت ان تنعدم شهيتي للطعام لم اعد احب الاكل لم اعد اطيق الحديث بالمنزل عاد شعور ان كل اخوتي افضل مني حنقت على والدي اشد الحنق ولا انكر انني كرهته في تلك الفترة اشد الكره حتى انني حاولت ان اتمرد على طقس الجمعية مساء الخميس ولكن ابي صرخ اين هوبليس لم لم ياتي لياخذ جمعيتوا فلم اجرؤ على الاستمرار بالاضراب ابتدات ارى الربع ليرة الاسبوعية لا شيء وانا اللذي كنت اعطي امي ليرة كاملة اعود واخذ ربع ليرة ابتدأت كلمة بياع الفول بين الاولاد تاخذ بالنسبة لي منحى اخر سابقا كنت لا امانع ولا اشعر بالاهانة سابقا لانني كنت اتمتع بمزايا بيع الفول اما الان فقد بدأت اشعر انها اهانة وليست براءة اطفال وزاد تمردي على عالمي كله شعرت انني جواد بين قطيع حمير لم افهم لم يهيننوني ولم افهم كيف جاراهم ابي بعقليتهم البالية ولكني شعوري بالمهانة كان يزداد وصرخت مرة بوجوه الاولاد كنتم تتسابقون على ودي لاجل ان تاخدوا مني فرنك يا عرصات اما الان فانت تهينونني كس اميكم كلكم وطبعا كان اصغر طفل اطول مني على الاقل بشبر ناهيكم عن نحالتي والاولاد هبت فيهم النخوة والشهامة من اجل كس امهاتهم واكلت علقة غير شكل عدت الى المنزل ومنظري قطع قلب امي كنت محبوبا بين اهلي ومجتمعي وحتى بين الاولاد ولكن الاطفال لا دين لهم ينقلبون عليك كالعواهر وكان ممن ضربني ابناء جيراننا فجند اخي الاكبر معارفه وانضممنا انا واخوتي الى الانتقام وهجمنا على اولاد الجيران في عقر دارهم وصارت شظايا الحجارة تفجر زجاج النوافذ قامت عائلتي المحبة لي بتجنيد وتوحيد صفوفها وقواها لحمايتي وتضخم الموضوع وصرخ ابي بوجه جارنا اللي بيرش هوبليس بالمي رح نرشو بالدم وهددت والدتي جارتنا وكان جيراننا عقلهم كبير شوي وشعروا ان اهلي متضايقين جدا من العلقة اللي اكلتها وفي اليوم الثاني جاء اخوتي مع عصاباتهم الى مدرستي مسلحين بالعصي والسكاكين الصغيرة وقاموا بارهاب حقيقي في مدرستي ابتدات بعد هذه الحادثة الى العودة بقوة الى عائلتي فهمت ماذا يعني ان يكون لك ظهر يحميك وسند وقت الشدة مما زاد تعلقي بعائلتي خفت تعليقات الاولاد ضدي ولكن ابتدأ شعور بالنفور مني بين الاولاد من شعورهم انهم ان ضايقوني فساجلب اخوتي وهذا ليس صحيحا فانا لم اطلب من اخوتي الانتقام لي بل هم تطوعوا حبا ونخوة لم جرى لي وهذا كان اقصى عقوبة لي فلو يدقوني كل يوم علقة ارحم علي من ان اصبح مكروها حاولت امي بشتى الوسائل ان تشد من ازري حتى انها كانت تعطيني فرنكين زيادة كل فترة لا ادري كيف تتدبر امي امور النقود هي دكتورة بالاقتصاد ولكن كل هذا لم يجدي نفعا لمحت امي لابي بقضية الفول مرة اخرى وان الولد نحل وحزين ولا ياكل ومنطوي على نفسه ولم يتراجع ابي على الاطلاق مما زاد كرهي له
ولكنني متمرد بطبعي وبداخلي قوة تفوق حجمي اضعاف المرات وكان لا بد ان اجد لنفسي منفذا فهداني الله الى منفذ افضل من الفول كنت اخذ من بيوت الجيران الدفاتر القديمة للاولاد واعطيها لابو شكري ليلف بها الفول وكان لدى كل البيوت قصص اطفال والغاز وارسين لوبين وروبن هود ولاكي لوك وتان تان وميكي وما شابه كنا بالمنزل نستاجر لغزا وكان من يقراه اولا يغيظ الجميع بان يقول للكل ماذا سيحصل بنهاية اللغز مما يضيع متعة القراءة ولم اكن بحال من الاحوال اول من يقرأ بل على الاغلب اخر من يفعل ذلك وتضيع متعة اللغز فانا اعرف ماذا سيفعل تختخ وكيف سينقذه محب وانا اعرف كيف سيضرب عثمان ببطته الصغيرة راس فلان لينقذ الرقم صفر من موت محقق فكان ان خطر ببالي خطة جهنمية قررت ان اذهب الى الحضن الدافىء الى الضهر الذي يسندني الى امي واطلب منها مبلغا كبيرا لا اذكر كم كان ربما ثلاث ليرات كاملات وقلت لها انني اريدهم من الطامورة التي كانت تخبأ لي نقودي بها امي تعرف انني اعلم انه ليس لديها هذه الثروة ولكنني استعطفتها ورجوتها ان تساعدني قلت لها انني اريد ان اشتري الغازا واؤجرها لاولاد بمدرستي شعرت امي ان هذا قد يعيدني الى حييوتي ونشاطي قد يطلق عقدة لساني الذي اكله القط فلم اعد اتكلم وانا الولد الثرثار فقالت لي امهلني بعض الوقت وكان ان اعطتني مبلغا كبيرا جدا بعد ثلاثة اسابيع وقالت لي افعل ما تريد ولكن لا تخبر اباك الان بم تفعله كانت حكيمة جدا وتفعل ما تريد سواء اراد ابي ام لم يرد اخذت ازور بيوت الجيران واسال عن القصص القديمة التي لديهم وكان اغلبهم قرؤوها ولم يعودوا بحاجة لها وكان منهم من هو على استعدادا ان يعطيني اياها من غير مقابل خصيصا وقد قرؤوها عشرات المرات ولكن عندما تريد شيئا يصبح غاليا لدى صاحبه ولكن كان المال يلعب لعبته فكنت اشتري اللغز او القصة بربع ثمنها واقل ومرات ابيعها بنصف ثمنها لمن لم يقرأها او اؤجرها لمدة يومين كاملين بنسبة قليلة من ثمنها واذا تاخروا يوما ثالثا ارفع الفاتورة ابتدات علاقاتي تعود بقوة اكثر من الفول بكثير ولمن لا يعلم الشعب السوري محب جدا للقراءة والمعرفة والاهل يزرعون ذلك باطفالهم فبايامي كان كل الاولاد يقرؤون الالغاز والمغامرين الخمسة والشياطين 13 وغيرهم كثير وانا كنت اعشق ارسين لوبين واجاتا كريستي ما علينا اكتشفت ان هذا سوق اكبر من سوق الفول وله زبائن اكثر وانني عدت نجما في صفي وبقية صفوف المدرسة كانو ياتوا الي من صفوف اخرى حتى بعض الاساتذة الغلبانين كانو يستعيرون مني الغازا لاولادهم ليعيدوها لي باليوم التالي فاصبحت نجما عالميا ليس بصفي فقط بل بكل المدرسة وان الجميع يريد صداقتي لمصالحهم بقراءة قصة او لغز ليس لديهم واصبحت الامهات تحبني فانا اشتري منهن ما يردن رميه مما يساعدهم بحياتهم البسيطة حتى اخوتي عادت علاقتي بهم قوية اكثر بكثير فانا اعلم جيدا ان تعرض احد لي فانا وراي اخوة يكسرون راسه ولن يقف ضعفي الجسدي حاجزا امام قوتي زادت علاقاتي اكثر بكثير اعدت لامي ما اعطتني اياه مضاعفا بفترة قياسية وعدت الى تخبئة النقود لديها بالطامورة كل فترة سمع ابي وعرف ما يجري من اخوتي ولكنه لم يمانع ربما كان هذا بنظره ثقافة عامة وليس كالفول ابن شوارع لم ابع قصة الا وقرأتها قبل ان ابيعها كنت قارئا نهما وقابل ذلك تراجع بمستواي الدراسي ولكنني الى الان احل ان اقرأ هذه القصص اصبح لي شهرة بالحي وتحولت من بائع فول الى بائع كتب ابتدأت اكتب اين الغازي وقصصي لاني مخي لم يعد يستوعب اين ذهبت تلك القصة ومتى يجب ان تعود الي فعرفت ان هناك فائدة لتعلمي الكتابة بالمدرسة فقد كنت دائما استنكر على اهلي ارسالهم لي الى المدرسة ولا افهم لم يحرمونني خمس ست ساعات يوميا بمدرسة بالية استطيع ان العب بهذا الوقت استطيع ان ارفع عدد البيوت التي ازورها لشراء القصص تعلمت ان اسجل كل قصة اين ذهبت وبكم اجرتها وبالتاريخ كان لكل يوم تسعيرته اصبح لكل قصة لدي تاريخ فهذه الاعلى تأجيرا اصبحت اميز واحفظ كل بيت ما نوع القصص التي يحبها الاولاد من هو بطلهم المفضل واجلب لهم ما يريدون استطعت بشيء من التوفير بجهود امي ان اشتري بسكليت ( عجلة ) خاصة بي لا يزاحمني عليها احد وليست كعجلتنا المشتركة جميعا حيث كان لدينا كلنا عجلة واحدة اشتريت لها قفلين ولم اعطها لاحد كنت اجري بها بالشوارع وتوفر علي الوقت للتجوال والوصول بسرعة الى المنازل وضعت سحارة ( صندوق خشبي كبير يستخدم لتخزين الخضار والفواكه ) على خلفيتها لاضع بها قصصي واغراضي لم اهتم ان يركب خلفي اصدقائي بل كنت اضعهم امامي فلن اتنازل عن السحارة ابتدات بالخروج من الحي الذي انا فيه الى احياء اكثر أغنى وافقر لم اوفر مكانا استطيع الوصول اليه كنت اريد اليوم ان يصبح 48 ساعة الالف اكثر واتعرف اكثر كنت وما زلت اكره النوم وهو عدوي الاول ولا استطيع النوم الا بعد ان ينهد حيلي واقرا اي شيء يقع بين يدي قبل النوم وكنت بكل بساطة ادخل الى اي مبنى واصعد الى اخر دور واسالهم بيتا بيتا عن قصص للاطفال للبيع واكتشفت ان الاغنياء اكثر جشعا من الفقراء فما اشتريه من الفقراء يكون ارخص مما اشتريه من الاغنياء ولكنني بالمقابل كنت ابيع الاغنياء او اؤجرهم بسعر اغلى كنت اعرض ما لدي للبيع وانا اشتري وقد لا تصدقون انني عدة مرات كنت اشتري من الدور الاخير لابيعه بالدور الاول بنفس العمارة مع ربح بسيط وكنت اعرض بضاعتي على الاولاد بالمنزل واقول لهم لدي كل ما تريدونه من قصص ومجلدات ومستعد لايصالها لكم بالمنزل وكل شيء بثمنه اصبح خروجي من المنزل كثير جدا مما ضايق امي كثيرا ولكني لم ابالي ولم انفذ رغبتها بالجلوس بالمنزل كنت اعرف انها ليست جادة توقفت عن كره ابي قليلا ويمكن القول اعدت النظر وابتدات احبه كما من قبل فقد اعتبرت ان ايقافه لفولي جعلني الجأ للقصص والمجلات ونسبت له الفضل بذلك فقد كنت بداخلي اعتبر ابي سوبرمان ولا يخطأ ولا يوجد بهذا العالم من يضاهي ابي قوة
كنت كلما زاد مالي وعلاقاتي وزبائني اسعى الى المزيد اشعر ان لا شيء كان يقف بوجهي ولا حدود لطموحي لم اكن اقيم للمال وزنا فمنذ طفولتي وانا استطيع ان اجلب المال واعطيه لامي ابتدات احوالنا بالمنزل تتحسن فقد لا تصدقون انني علمت من امي بعد ثلاثين عاما ان دخلي كان يعادل دخل ابي واكثر منه كنت اعطي كل شيء لامي واحتفظ لنفسي دائما برصيد يسمح لي باكبر عمليات البيع والشراء فمرات كنت اشتري من بعض المنازل اكثر من مئة قصة ولغز وبتراب الفلوس فالام لا تصدق ان ياتي من يخلصها من هذا الكم من القصص في ذاك البيت الضيق كبيوتنا ابتدات اشعر ان نظرة عائلتي لي اختلفت وان لي مهابة واحترام رغم وجود اربعة اكبر مني سنا ولكن حتى اختي الكبرى كانت تتودد لي لاخصص لها القصص الجديدة من اجاتا كريستي يا الهي كم كانت القصص والمجلات وسيلة قوة هائلة واثبات ذات اكثر بكثير من الفول الله يرحم هديك الايام ما اجملها من ايام
عـــــــــــــــــــــــــــــبـــــــــــــــايــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
زورو موقع الدومري :
http://aldomari.blogspot.com
|