فصل حياة - الجزء التاسع
حقوق الانسان
أختارني ولي الأمر في المجموعة التي كنت أنتميها لأمثل حزبنا في المنظمة الفلانية لحقوق الأنسان للمشاركة بنشاط لها يعنى بأوضاع اللاجئين الفلسطنيين في المخيمات داخل لبنان,وعلمت بأن هنالك سيتواجد قسمان لبناني وفلسطيني وسيجمعهم حوارات ونقاشات ونشاطات مختلفة وسيكون مكان النشاط في أحد الفنادق الفخمة شمال لبنان, وعلمت ان النشاط سيكون محصورا داخله,وريثما قصدت مكتب تلك المنظمة فوجئت بأحدهم يقوم بتصويري وتصوير كل ملة ونحلة منذ التحضير للنشاط الى النهاية..وبعد علمي بتلك الأمور عرفت حينها أن هذه مجرد عملية نصب واحتيال على بعض المنظمات الاوروية وأن آلة التصوير ستكون دليلا يدعون فيها أننا أنفقنا على هذا وذاك.
وبعد أن وصلنا لذلك الفندق وبعد التعارف كان هنالك فئات وأنواع من الناس, ذلك المؤمن الذي لا ينسى موعدا للصلاة هذا جيد ولكنه نسي أنه يقيم في تلك الغرفة ويأكل ذلك الطعام الشهي ضمن غطاء فيه أستغلال لشعوب مضطهدة دون هوية ودون مسكن, أن كان ربه يسمح بهذا فلا بأس, وكان هنالك الشاب الذي يحاول دائما لفت الانظار وأظهار أفكاره النيرة, ربما في المنزل تتفهم عائلته أعاقة عقله فكانت دائما تمنعه عن الكلام فوجد الحرية المطلقة ليفجرعن كبته, هذا جائز لطالما كان الغباء يتحاشى العوائل والافراد ليقصد مسارح حقوق العباد والبلاد لأن تلك المسارح هي عبارة عن أشكال خبيثة ومزيفة لا تحتاج الا لممثل جهول..ورأيت أيضا تلك الفتاة التي في أول يوم من نشاطنا قابلت شابا وفي أول ليلة قصد غرفتها...اتفهم رغبة تلك الفتاة وجهل أبيها وحماقة أخيها وطيش أمها واتقهم ذلك الشاب حيث لا عرض لأخته ولا فرجا محفوظا لأمه المعطوبة قبل زواجها ولا طهارة تكتسي شريكة حياته القادمة...وكان هنالك أيضا ذلك الشاب المتمحس للدفاع عن حقوق شعبه المظلوم وخصوصا حين افتعل أشكالا عندما ربطت الفتاة المذكورة الكوفية على خصرها وبدأت ترقص رقصا شرقيا هو محق وانا معه, ولكن لما لا يفتعل أشكالا أمام كل هذا الزيف الاجتماعي الذي يعتدي على حقوق شعبه وامام هذه الحالة الأحتيالة لنهب أموال كان من شأن عائداتها أن تبني بضعة مساكن لبضعة عائلات مشردة من شعبه, واما والله لو كنت بشجاعته لما تغاضيت النظرحتى لو كانوا بغير شعبه فأي غبي يفرق بأخيه الأنسان نتاج هوية بقعة صغيرة في الكون.
فكل تلك المؤتمرات والقمم أو بمعظمها أو بأقليتها هي أشكال مزيفة تسعى لمصالح ضيقة وكل لاعبيها هم عبارة عن شرذمة كونية, ولم يتقن أحد التاقلم واللعب بدنيا الا من بهم شرذمة فطرية وفكرية وها انا في فصل حياة تسألوني لما أعجز عن الانسجام بدنيا أو بصعوبة أنسجم معها, ربما أن الروح التي أنتقلت الى جسدي كان يملكها جسد مغدور فأرتعشت لألسنة الكرى وفقدت ثقتها بهم فعجزت, أو ربما رؤيتي وبصيرتي لهذه الشرذمة الاجتماعية هي مفتاح عجزي...ورغم هذا الضعف والتواضع الذين ألتصقا بي منذ خرجت من أحشاء أمي, ما زلت أرى سائر من حولي أتفه وأضعف أراهم يعبدون ربا يختلف عن ربي ,أم ان للكذب أصنام وللصدق رب واحد, أراهم ينظرون للدينا نظرة تختلف عن نظرتي, أم أن للخراف حظيرة ولآدم الأرض,أرى هوج قلوبهم يختلف عن هوج قلبي ,أم ان قلب العنزة يهتاج لنبتة الربيع وقلب آدم يهتاج لأخيه المذبوح.
|