الموضوع: السريان
عرض مشاركة واحدة
قديم 03/11/2007   #2
شب و شيخ الشباب Barleb
عضو
-- مستشــــــــــار --
 
الصورة الرمزية لـ Barleb
Barleb is offline
 
نورنا ب:
Nov 2005
مشاركات:
2,824

افتراضي


أسريانية أم آرامية

ـ إن الذي يتحرى البحث عن اللغة السريانية ، ومواطن الناطقين بها ، يصطدم بعقبة أولى تكاد تضله السبيل ، أريد بها وجه تسمية هذه اللغة ، والشعب المتكلم بها ، فبينما نرى فريقاً من العلماء ، يدعونها الآرامية نسبة إلى بني آرام خامس أبناء نوح على ما ورد في سفر التكوين ( 10 : 22 ) نجد فريقاً آخر من المؤرخين يتمسك بتسميتها بالسريانية ، نسبة إلى الشعب السرياني أو السوري القاطن بلاد الشام أو سوريا ، وكل ٌ يدعم رأيه ببراهين مختلفة متفاوتة في العدد وقوة الإقناع ولا غرابة في ذلك ، فالكلمتان ترتقيان إلى اقدم الأجيال . ونجدها لدى خيرة المؤرخين في العصور المسيحية الأولى ، بل قبل المسيح بمئات السنين.
على أننا نريد إزالة هذه العقبة من أول البحث ليسهل علينا السير في طريقنا الكؤود ، فنصرح باعتقادنا ، ولا نشك فيه ، إن الآرامية والسريانية لفظتان مترادفتان ، رغم اختلاف ذكرهما وتعدد لهجاتهما ؛ و إن كلاً منهما تدل على الأخرى بتمام معناها أينما وُجدت .آما كيف ومتى نشأت كل منهما ، وما كان مدى استعمالها في القرون الأولى ، فقد يطول بنا شرحه جداً 0 إنما رأينا أن كلمة (( آرامية )) اقدم عهداً من مرادفها (( سريانية )) باعتبار أنها تنسب رأساً إلى آرام جد الأمة الأعلى ...
أما قولنا إن السوري أو السرياني مرادف للفظ آرامي ، فمستند إلى حجج عديدة نذكر منها :

1- إن ما ورد في الكتاب المقدس عن نعمان رئيس جيش ملك آرام (4 ملوك 5 ولو 4 : 27 ) ترجمه النقلة بلفظ سوري أو سرياني أو شامي أو نياطي .والنبط قوم كانوا ينزلون بين العراقين ، وكانت الآرامية أو السريانية لغتهم الوطنية .

2- الكتاب المقدس لا يتردد في استعمال أي التعبيرين على السواء : فإننا نراه في سفر الملوك ( 16 : 6 ) يتكلم عن راصان ملك دمشق الشام فيقول : (( في ذلك الزمان أعاد راصان ملك آرام ايلة إلى آرام ، واخرج اليهود من ايلة فأتى الآراميون إلى ايلة ، وسكنوا هناك إلى اليوم )) .

3 ـ ثم نرى الكتاب المقدس عينه ، يبين أن لفظ سوري بمعنى سوريا قد عرف منذ عهد نبوخذ نصر ( 605- 561 ق0م ) فقد ورد في سفر يهوديث ( 3 : 1 ) كلام عن (( سكان سوري أو سوريا )) ثم أثبته الكتاب مراراً بالالف هكذا ((سوريا )) ( مثا 3 : 13-7 :39 الخ ) حتى جاء العرب فنقلوا الاسم عن السريان لا عن اليونان ، وقالوا : (( سوريا )) ولم يكتبوا سيريا ، أو صوريا ، أو اشوريا أو اثوريا ، كأنه منسوب إلى سيري ، أو صور أو آشور أو آثور . وذلك خلافاً لما ادعاه رينان المستشرق الفرنسي في (( تاريخ اللغات السامية )) وجرَ وراءه كثيراً من المستشرقين .....

4 ـ إن وسابيوس القيصري ، المؤرخ الذائع الصيت ، يستعمل اللفظتين على السواء أيضاً، فبينما نراه في تاريخه البيعي ، في السفر الرابع المبحث السادس والعشرين الذي عنوانه (( برديصان الآرامي )) يقول إن بين النهرين في الرها برديصان الذائع الصيت (( الماهر جداًباللغة الآرامية .... وإذ كان له معارف أقوياء بالكلام ، فقد نقلوا مقالاته من الآرامية إلى اليونانية )) ( وكلنا نعرف أن برديصان شاعر سرياني قح ) – نجده يقول في مؤلفه (( الظهور الإلهي )) الذي فقد اصله اليوناني ، وحفظ نقله السرياني في مخطوط لندن رقم 150و12 المنسوخ سنة 411( إن السيد المسيح اصطفى رجالاً جليليين ، لا يعرفون إلاّ السريانية )

5 ـ يقول هذا المؤرخ أيضاً في تاريخه ، السفر الأول المبحث الثالث عشر : (( إن الرسالة التي بعث بها ابجر ملك الرها ، إلى ربنا يسوع المسيح ، كانت محفوظة في خزانة تلك الدولة باللغة الآرامية ، وكذلك جميع القيودات والأخبار المنوطة بأعمال مملكة الرها كانت بالآرامية )) ( وكلنا يعلم أن الرها كانت في تلك الأيام المملكة التي لقيت فيها اللغة السريانية الغربية عزها ومجدها وعصرها الذهبي ) ، ثم نراه يقول في السفر الثالث ، المبحث التاسع ، إن يوسفوس اليهودي كتب باليونانية والسريانية )) .

إذاً ففي نظر هؤلاء جميعاً ، الآرامية معناها السريانية . ونحن نرى أن لا فرق بينهما سوى أن الأولي كانت اكثر شيوعاً وراء ما بين النهرين ، والثانية تسيطر خاصة في الوطن الذي تشرَف باسمها (( سوريا )) ،وهذا الفارق ، على ما يبدو ، هو الذي صار سبب البلبلة في بحث المؤرخين ، الذين اقتصروا في دروسهم على ناحية من البلاد السريانية الآرامية الواسعة الأرجاء ، على أن من يلقي عليها نظرة عامة شاملة ، ويتتبع سير اللفظتين ، في الكتاب المقدس خاصة ، يلاحظ ما قدمنا ، ويتثبت منه حين يصل إلى العهد الجديد .. وذلك انه منذ عهد المسيح ، اخذ الاسم السرياني يزيد شيوعاً ويحل محل الآرامي والسبب فيه ، أن الكرازة الإنجيلية ، انتشرت أولاً في البلاد الآرامية السريانية ، على يد الرسل الذين كانوا جميعاً من سوريا فلسطين ، وإذ أن أجدادنا الأولين المتنصرين كانوا شديدي التمسك بالدين المسيحي الحق ،فقد احبوا أن يسموا باسم مبشريهم ،اسم السريان ،الذي لم يكن غريباً عنهم .
ويتركوا اسم آرام ،لبني جنسهم الوثنيين .حتى جاءت الترجمة السريانية للكتاب المقدس ،المشهورة بعنوان ((صورة الكتاب))التي يرتقي عهد كتابها إلى الجيل الثاني ،والتي أطلق عليها بعد القرن الثامن لفظ((البسيطة)).فهذه الترجمة جعلت لفظ آرامي عاماً شاملاً جميع الأمم غير اليهودية ؛كما إن الترجمتين اليونانية واللاتينية ،جعلتنا معه اسم يوناني ، وهكذا فقد أصبحت لفظة ((الآرامي))مرادفة للفظ الصابئ والوثني ،ولفظة ((السرياني))مرادفة للفظة المسيحي والنصراني إلى اليوم.غير انه على حلول السرياني في محل الآرامي ،فقد ظل فريق صالح من كتبة السريان ،كابن الصليبي ،وغيره يستعملون لفظ الآرامي للدلالة على الشعب السرياني ،حتى الآونة الأخيرة.ومن الغريب ما نذكره عرضاً ،أن نون النسبة المختصة باللغة السريانية ،والدخيلة في العربية ،لم يثبتها السريان في اسمهم هذا ،فقالوا :سوريايا ،بالياء ولم يقولوا ((سريانا))بالنون.ومن المعلوم إن النون في قول العرب :((روحاني ،رهباني ،نصراني ،رباني ،براني ،جواني ،الخ ))شاذة عن قواعد الصرف العربية ،وهي منقولة عن السريانية لا إشكال في ذلك البتة .

أن خدعونا مرة .. تباً لهم , أن خدعونا مرتين .. تباً لنا

Amarta <3

ܒܪܠܝܒ
  رد مع اقتباس
 
Page generated in 0.04385 seconds with 11 queries